بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2019 12:42ص قمّة الفولكلور اللبناني: خلاف حول عودة سوريا والنازحين

إعتذارات رئاسية مفاجئة... وملف الحكومة إلى الواجهة الإثنين: تأليفاً أو تصعيداً

حجم الخط
بين التباينات والخلافات والاعتذارات، مضى مجلس وزراء الخارجية العرب إلى إقرار جدول الأعمال، على الرغم من الانقسامات التي تطغى على الخيارات، وسط غياب القادة العرب، واقتصار المشاركة على مستوى الرؤساء على الرئيسين الموريتاني والصومالي، إلى جانب وفود عربية رفيعة المستوى، تمثل القادة والملوك والرؤساء العرب، على ان يستقبل الرئيس ميشال عون الرئيسين الضيفين المشاركين، ويستقبل الرئيس سعد الحريري رؤساء الحكومات رؤساء الوفود، ويستقبل الوزراء اللبنانيون نظراءهم الوزراء العرب المشاركين، فيما يغيب الرئيس نبيه برّي عن المشاركة، ولو في جلسة الافتتاح، في حين يُشارك وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل.
وكشف مصدر في اللجنة المنظمة ان ما لا يقل عن ثمانية رؤساء دول كانوا قد أكدوا مشاركتهم على مستوى القادة ورؤساء الدول ثم عدلوا عن الحضور.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية عربية، فإن نقطة الخلاف الرئيسية تتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة. ففيما دعا وزير الخارجية جبران باسيل إلى عودة دمشق بعد تعليق عضويتها لمدة سبع سنوات، كشف الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط انه لا يوجد اتفاق عربي على عودة سوريا إلى الجامعة.
على ان اللافت للاهتمام ان الرهان على القمة الاقتصادية التنموية التي تعقد في بيروت تراجع، نظرا للانقسامات اللبنانية وتزايد المخاوف على الاقتصاد اللبناني، في ضوء تعثر محاولات تأليف الحكومة.
وفي هذا الإطار، وبعد الفراغ من مؤتمر القمة الاقتصادية الرابعة، ستتجه البوصلة السياسية مجددا إلى الملف الحكومي..
وكشف مصدر واسع الاطلاع لـ «اللواء» ان الملف سيتحرك إمّا تأليفاً أو تصعيداً، لكنه لن يبقى جامداً..
خلافات حول النازحين
ورغم ان الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي العربي، الذي انعقد أمس، في فندق «فينيسيا»، أنجز سائر التحضيرات للقمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية التي ستعقد غداً بمن حضر، بما في ذلك مشروع جدول الأعمال الذي يتضمن 29 بنداً، الا انه لا يمكن الاستنتاج بأن القمة انتهت قبل ان تبدأ، طالما ان أحداً من الزعماء أو الرؤساء العرب لن يحضرها، ذلك ان أحد البنود المتعلقة بأزمة النازحين السوريين الذي قدمه الأردن، بقي عالقاً نتيجة خلافات طرأت خلال النقاش بين الوزراء، إذ تحفظ عليه المندوب السعودي وزير الدولة أحمد بن عبد العزيز القطان، على اعتبار انه موضوع سياسي يجب ان يناقش في إطار أعمال القمة العربية العادية التي ستعقد مبدئياً في تونس، أواخر شهر آذار المقبل، الا ان وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي ترأس اعمال الاجتماع المشترك، على اعتبار ان لبنان يرأس الدورة الرابعة للقمة الاقتصادية، أصرّ على طرح الموضوع لأن معظم النازحين السوريين يأتون إلى البلدان المضيفة أو المجاورة لهم لأسباب اقتصادية، واستمرار وجودهم أدى الى تداعيات اقتصادية واجتماعية في المجتمعات المضيفة.
ولم يقتصر الخلاف على هذه النقطة التي امكن تجاوزها، بل تعداه إلى نص فقرة في البند تقول بتشجيع النازحين على العودة الآمنة، فيما أصر بعض رؤساء الوفود على إضافة كلمة «العودة الطوعية» إلى كلمة «العودة الآمنة» وهو ما رفضه لبنان.
وبحسب المعلومات فإن هذا البند استحوذ على نقاش واسع بسبب التباين حول «العودة الطوعية» وتلك المرتبطة بالاستقرار، وتقرر في النهاية تأجيل البت فيه، كي يحضر في اللقاء الثنائي بين الوفود اليوم، وربما يُصار إلى طرحه في اجتماع القمة غداً، في حال لم يتم الاتفاق عليه.
وأوضح باسيل بعد انتهاء الاجتماع ان «موضوع النزوح السوري سيبقى مطروحاً، وسنعمل على تأمين تضامن عربي حقيقي حوله لتقاسم الأعباء والهموم لكي لا يشعر لبنان انه يفرض عليه في أي موقع»، مضيفاً بأن «ما لم يقبل به في غير المكان والزمان لن يقبل به لبنان في موضوع النازحين واللاجئين على أرضه، في إشارة إلى العودة الطوعية التي يعتمدها عادة المجتمع الدولي والأمم المتحدة».
قمّة بمن حضر
إلى ذلك، بقي تدني مستوى القادة العرب الذين سيحضرون القمة غداً، هاجس المعنيين بها والمتابعين، حيث تأكد انه لن يحضرها أي من الزعماء أو الملوك أو الرؤساء، بعد ان اعتذر معظمهم، وكان آخر المعتذرين رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وسيكون الرئيس اللبناني ميشال عون لوحده غداً مع الرئيسين الموريتاني والصومالي، الا ان الوزير باسيل حاول كثيراً خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط التقليل من أهمية غياب هؤلاء القادة، على الرغم من انه اعترف بأن هذا الغياب غير مسبوق على مستوى القمم العربية السابقة، وحرص على نفي بأنه يمكن القول ان القمة فشلت، على اعتبار ان «اي فشل أو أي نجاح لا يصيب شخصاً في لبنان (والمقصود هنا الرئيس عون أو عهده) وإنما يصيب لبنان وكل اللبنانيين»، مشدداً في المقابل على موضوع عودة سوريا الى الحضن العربي الذي أثاره في كلمته الافتتاحية، كتعويض عن هذا الغياب الذي كان أحد اسبابه الخلاف حول المسألة السورية واحتجاج فريق من اللبنانيين على مشاركة ليبيا، فكانت مقاطعتها للقمة من ضمن دوافع بعض القادة إلى التضامن معها.
تجدر الإشارة، إلى ان باسيل تجاهل إشارة أبو الغيط، أثناء افتتاح أعمال المؤتمر الوزاري، إلى عدم مشاركة وفد ليبيا في أعمال القمة وللظروف التي اوصلت الأمور إلى تلك النقطة، معلناً ثقته في حكمة رئيس الجمهورية في احتواء تداعيات هذه الأزمة، إذ ان ليبيا ولبنان بلدان عزيزان على العرب جميعاً، وتعمد باسيل عدم ذكر اسم ليبيا، مكتفياً بالاشارة إلى الدول الغائبة مركزاً على سوريا، حيث قال: «انه لا يليق ان تخرج من الجامعة بقرار أجنبي وتعود إليها بقرار اجنبي»، لكن أبو الغيط لم يعلق، مكرراً قوله ان «ظروف عودة سوريا إلى الجامعة لم تنضج بعد».
إلى ذلك، اعربت مصادر اللجنة المنظمة للقمة عن اسفها لغياب القادة العرب، خصوصاً بعدما كانت أتت موافقات مسبقة على مشاركتهم فيها شخصياً، مشددة على ان المهم هو انعقاد هذه القمة وما سيصدر عنها من مقررات.
واذ اعتبرت ان اهمية القمم لا تقاس بالحضور على الرغم من عدم اغفاله اكدت انه في النتيجة فإن قرارات القمة تلزم الدول العربية وبمجرد موافقة الوفد الذي كلف بتمثيل دولته على القرارات تصبح ملزمة.
واوضحت ان الاتصالات التي اجرتها اللجنة المنظمة والامانة العامة لجامعة الدول العربية بالدول العربية كانت بهدف التبلغ منها عن مستوى التمثيل وليس لتحسين هذا المستوى. 
وكشفت المصادر ذاتها، ان معظم المعطيات التي وصلت الى المعنيين تؤكد ان ما جرى من انزال للعلم الليبي والانتشار الامني اثار ضجة داخل الجامعة العربية وحصل تحرك فيما كثرت الاستفسارات عن الانتشار وكيفية ضمان الامن، في حين ذهبت بعض الدول الى التضامن مع ليبيا. وعلم في هذا المجال ان رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي اجرى اتصالات بعدد من الدول طالبا التضامن مع ليبيا بسبب ما اعتبره اهانة لبلاده، وهذا ما حصل.
ورأت انه ربما تكون هناك معطيات اخرى، مثل عدم وجود حكومة اصيلة في لبنان، وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال جولته على الرؤساء الثلاثة أمس، إضافة إلى أبو الغيط شخصياً، إلا انها لاحظت انه لو كان الامر بفعل ضغط اميركي فلماذا لم تحصل الاعتذارات قبلا.
ورأى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري رداً على سؤال لمحطة MTV عن التمثيل العربي في القمة، أن «المهم أن القمة حصلت وأي وفد حاضر يمثل دولته»، وتوقّع أن «تحقق القمة نتائج إيجابية وانعقادها في لبنان أمر جيد جداً».
وقال الحريري لتلفزيون «المستقبل»: «بغض النظر عن الحضور النجاح هو بعقد هذه القمة لأن الهدف كان عدم عقدها».
الوفود المشاركة
وعلى الرغم من غياب معظم القادة العرب، فإن الرئيس عون سيكون في استقبال الرئيسين الموريتاني والصومالي في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في حين يستقبل الرئيس الحريري رؤساء الوزراء رؤساء الوفود الى القمة ويستقبل الوزراء من نظرائهم اللبنانيين وفي ما يلي رؤساء الوفود المشاركة وهم الممثل الخاص للسلطان قابوس، نائب رئيس الوزراء اسعد بن طارق ال سعيد، وعن السودان النائب الاول للرئيس السوداني الفريق اول الركن بكري حسن صالح كما يحضر رئيس مجلس وزراء فلسطين رامي الحمدلله. رئيس مجلس الأمة الجزائري وممثل رئيس الجمهورية عبد القادر بن صالح، فيما يمثل الكويت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية صباح الصباح، ومن تونس يشارك وزير الشؤون الخارجية خميس الجيهيناوي وعن المغرب: وزير الخارجية ناصر بوريطة فيما يحضر عن قطر رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، وعن الاْردن عمر الرزاز رئيس الوزراء وعن البحرين الشيخ خالد بن احمد بن محمد ال خليفة وزير الخارجية وممثل ملك البحرين وعن السعودية: محمد بن عبدالله الجدعان وزير المالية.
اعمار سوريا
وكشف وزير الاقتصاد رائد خوري بعد اجتماع وزراء الخارجية والاقتصاد العرب عن مبادرة سيقدمها الرئيس عون امام القمة غداً، حول وضع هيكلية تمويل لإعادة بناء البلدان العربية التي تدمرت، على الرغم من ان مساعد الأمين العام للجامعة السفير حسام زكي أعلن ان موضوع إعادة اعمار سوريا غير مطروح امام القمة، لكن الوزير باسيل شدّد على انه «من الطبيعي ان يكون لبنان موجوداً في اعمار سوريا، لا سيما وانه كان موجوداً في اعمار الدول منذ أيام الفينيقيين، ونفى ان يكون قد قال بأن الولايات المتحدة تتدخل مع لبنان في مسألة اعمار سوريا والمشاركة في هذه العملية، ورأى ان هذا الأمر هو قرار سيادي، ولكل دولة الحق ان تمارسه»، مشيراً إلى ان لبنان سيدفع داخلياً وخارجياً لتكوين توافق على عودة سوريا إلى الجامعة، وان دور لبنان هو القيام بذلك.
الحكومة
في غضون ذلك، حضرت مسألة تأليف الحكومة، ضمن المحادثات التي أجراها الوزير المصري سامح شكري مع الرؤساء الثلاثة، إضافة إلى أبو الغيط الذي اعتبر ان تشكيل الحكومة سيؤكد استقرار لبنان، لافتا، بعد لقاء الرئيس الحريري، إلى إحساس لديه بأننا نقترب من نهاية هذا الوضع.
وتوقعت مصادر وزارية لـ «اللواء» إعادة الاتصالات حول هذا الموضوع فور انتهاء الانشغال بالقمة العربية، من خلال إطلاق مبادرات وافكار تفادياً لمزيد من التوترات والتشنجات السياسية، لكنها لاحظت إلى ان ليس هناك من يسوق أي مبادرة في المرحلة الراهنة، في إشارة إلى إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بأنه «لم يعد معنيا بأي مبادرة في هذا الخصوص».
واعتبرت المصادر أن حل مأزق التشكيل يكمن في ضرورة تقديم تنازلات من قبل فريق رئيس الجمهورية، أي «التيار الوطني الحر» عن المطالبة بـ11 وزيراً، مشيرة إلى ان الحل الأفضل للحكومة هو العودة إلى صيغة الثلاث عشرات.
ونقلت المصادر استمرار الرئيس الحريري على مواقفه المعلنة والواضحة والصريحة، مشيرة انه لا يمكنه تقديم المزيد من التنازلات، مشددة على ان الرئيس المكلف متسلح بما ينص عليه الدستور بالنسبة الى تكليفه، ولفتت الى ان لدى الرئيس المكلف الكثير من الصبر وهو  ليس في وارد الاستسلام خصوصا ان الجميع بات على اليقين ان الحل ليس عنده بل عند من يضع العقد ويختلقها باستمرار.
تزامناً، اشارت مصادر وزارية أخرى، إلى أهمية إيجاد فتوى لاجتماع مجلس وزراء حكومة تصريف الأعمال لإقرار موازنة العام 2019، رغم  ان ليس لدى الحكومة القوة السياسية لمواجهة الازمات ، مشيرا الى ضرورة تشكيل حكومة  قادرة على المواجهة، لان تنفيذ مقرارات مؤتمر «سيدر» والتي في معظمها قروض تحتاج لموازنة تطبق فيها الاصلاحات التي هي من اهم الامور للحد من الازمة الاقتصادية الحقيقية والخطيرة.
وشددت المصادر على ضرورة استمرار حكومة تصريف الأعمال بمهامها من اجل ملء الفراغ الذي يعاني منه البلد بشكل عام، ولكن في المقابل مع استمرار بذل كل الجهود من اجل تشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، بإعتبار ان هذا الامر يعتبر اولوية قصوى، وابدت المصادر املها ان تكون هناك وثبة ضمير لدى الافرقاء الذين يضعون العراقيل امام تشكيل الحكومة، وشرحت المصادر مغزى كلام المسؤول الاميركي ديفيد هيل بانه في اطار التحذير من تشكيل حكومة غير متوازنة، لان من شأن  ذلك ان تكون علاقة لبنان مع اشقائه واصدقائه في الدول العربية والغربية  معا غير جيدة، وسيكون لها انعكاس سلبي كبير عليه.
ويشارك الرئيس الحريري اليوم في مؤتمر تمكين المرأة الذي يعقد في السراي الحكومي، على اعتبار ان المرأة هي جزء من التنمية، ولحظ لها بند في مقررات القمة بطلب من لبنان.