بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيلول 2019 12:53ص ليلة القبض على الدواليب: كلفة الضغط بالدولار على الحاجيات اليومية

فريق بعبدا يكشف عن تواطؤ محلي مع إستهداف خارجي.. وحراك الشارع غداً وسط بيروت

حجم الخط
هل يمكن القول ان «فتنة المحروقات» التي كانت تُهدّد الأخضر واليابس أخمدت؟ أم أن الجمر تحت الرماد؟ وكيف جرت الأمور، في ما يسمى «بليلة الدواليب» التي لم تشتعل، لتفسح في المجال امام الإجتماع الذي عقد عند الثالثة من بعد ظهر أمس في السراي الحكومي، إذ التقى الرئيس سعد الحريري وفداً مشتركاً من نقابات المحطات والصهاريج والموزعين ومستوردي النفط في لبنان..

جرى نقاش للأزمة الممثلة بالامتناع عن تسليم أصحاب الصهاريج أصحاب المحطات البنزين، مما أوجب اصطفافات امام المحطات، سرعان ما تفرعت إلى دعوات للتظاهر وقطع الطرقات، وتعطيل المدارس والجامعات.

وقضى الحل: استخدام الليرة اللبنانية والدولار في البيع، والقبض.. فأصحاب المحطات يتسلمون من الشركات المحروقات، ويقبض هؤلاء بالليرة، ثم يحوّل المبلغ إلى الدولار عبر مصرف لبنان بسعر يتفق عليه، يُحاكي سعر صرف الليرة، وفقاً لنشرات المصرف المركزي، على ان تشمل الآلية التي هي قيد البلورة مصرف لبنان والمصارف وشركات المحروقات.

ووراء ليلة القبض على الدواليب، كشفت المعلومات والتصريحات عن تجاذبات سياسية، تتعلق بأطراف تقف وراء أزمة المحروقات والدولار، وتالياً، بمخططات مطروحة شبيهة بتلك التي استخدمت مع العراق وليبيا ودول عربية أخرى مثل النفط مقابل الغذاء قبل غزو العراق عام 2003.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع عن احتدام التجاذب الايراني- الأميركي فوق الساحة اللبنانية، من زاوية عدم إفساح الأميركيين المجال لطهران بانتزاع الهيمنة والسيطرة على القرار الرسمي اللبناني.

وأدرجت المصادر ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية من ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعث برسائل للرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، مؤداها: «معنا أو ضدنا»، بأنه جزء من حرب تعمية أميركية تهدف إلى تصديع الأجواء السياسية اللبنانية المتماسكة نسبياً، بما في ذلك محاولات المواجهة عبر حكومة الوحدة الوطنية.

وقللت مصادر شبه رسمية من احتمالات صحة خبر الصحيفة الأميركية على الرغم من سمعتها العالمية.

دعوات مجهولة

ووسط دعوات مجهولة الهوية والأهداف للتظاهر يوم الأحد في العاصمة احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية، كشفت ساعات النهار ما كان يخبئه أصحاب الغايات من نيات من وراء «تهديد الليل» بالإضراب المفتوح في قطاع المحروقات، مما ألهب الشارع بتحركات عفوية، مما شهده اللبنانيون ليل أمس الأوّل، قبل ان يأتي لاحقاً اجتماع السراي نهاراً مع أصحاب المحطات ونقابات موزعي ومستوردي المحروقات، ليطفئ هذه المحاولات أو النيّات، من خلال الاتفاق على حل نال رضى الموجودين، من شأنه إيجاد حل لازمة شبح شح الدولار في الأسواق، فيما يتوقع ان يُخفّف التعميم الذي سيصدره البنك المركزي الثلاثاء المقبل لتنظيم عمليات استيراد البنزين والدواء والطحين، الضغط على العملة الخضراء، ويعيد انتظام السوق، في حال ظل الوضع هادئاً ولم تتحوّل تظاهرة الأحد إلى عمليات استهداف وشغب.

وبحسب المعلومات فإنه سيتم اعتباراً من الثلاثاء فتح اعتمادات بالدولار للاستيراد، على ان يكون الشرط الأساسي استخدام هذه الاعتمادات حصراً للدفع للخارج، على ان تتم العمليات الأخرى الداخلية بالعملية الوطنية.

وهذا الأمر يعني بالنسبة لأصحاب المحطات ان يتسلم هؤلاء المحروقات من الشركات بالعملة الوطنية، على ان تحول الشركات المبلغ إلى الدولار عبر مصرف لبنان.

ولكن كان لافتاً للانتباه، تقاذف المسؤولين لكرة مسؤولية التدهور في ضبط أسعار الدولار وتركه عُرضة للمضاربات، وتمثل ذلك في إلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون مسؤولية ما حصل على البنك المركزي ووزير المال، بينما هو غائب في نيويورك ولا يعلم بما حصل، فيما تحدث وزير الخارجية جبران باسيل، الذي انتقل من نيويورك إلى كندا عن «فتنة اقتصاد» تحضر، وعن شركاء في داخل الحكومة يتأمرون على البلد واقتصاده، إلا انه لم يكشف عن هؤلاء الشركاء، ولم يسم أحداً، فيما تهمة التآمر على البلد توازي جريمة الخيانة العظمى.

استهداف العهد؟

واللافت أيضاً، ان الفريق الرئاسي المتمثل بالرئيس عون والوزير باسيل، وضع البلبلة الحاصلة على الصعيد المالي - الاقتصادي في خانة محاولة استهدافه، إذ رأي باسيل ان «هناك فتنة جديدة تحضر هي فتنة الاقتصاد»، لافتاً إلى «أننا نتعرض لضغط خارجي سواء في اقتصادنا أو عملتنا الوطنية، وان هناك شركاء في الداخل يتأمرون على البلد واقتصاده»، معتبراً ان هؤلاء الذين يعملون للتخريب من الداخل يتبعون أجندة خارجية ظناً منهم ان هذه الأجندة ستربحهم بالداخل».

وفيما لم يشأ باسيل الكشف عن أسماء أو عن مزيد من التفاصيل حول الاتهامات التي ساقها، لم يكن الرئيس عون العائد من نيويورك بعيداً عن هذا الرأي، حيث أشار الى ضغوطات خارجية تمارس على لبنان في الموضوع الاقتصادي، الا انه لم يعط تفاصيل أو مزيد من التوضحيات، باستثناء القول ان هذه الضغوطات «ليست جديدة»، لافتاً إلى ضرورة التريث قبل إطلاق أي موقف في هذا الخصوص.

وحين سئل الرئيس عون عن الوضع المالي، وما حصل في أثناء غيابه في الأمم المتحدة، اجاب: «أنا كنت في نيويورك، أسألوا المعنيين، هناك مسؤول عن النقد وهو حاكم مصرف لبنان، وهناك مسؤول عن المال هو وزير المال، أنا لست على علم بما حصل خلال غيابي في بيروت».

وعن كيفية التحرّك لحل أزمة النازحين، كشف الرئيس عون انه جاد عندما تحدث عن احتمال فتح باب التفاوض مع النظام السوري لحل موضوع عودة النازحين إلى بلدهم، وقال انه «سيوسع إطار تحركه» إلا انه لم يعط أيضاً تفاصيل، واكتفى بالقول: «لن ادع لبنان يسقط، هناك ثلاثة أمور لا اكشفها هي: نقاط ضعفي، ونقاط قوتي وما أنوي فعله».

وعلمت «اللواء» من مصادر مطلعة ان لقاء سيعقده الرئيس عون مطلع الأسبوع المقبل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، للوقوف منه على تفاصيل ما حصل في السوق المالية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ1600 ليرة للدولار، وعما ينوي اتخاذه من إجراءات لعودة انتظام حركة السحوبات والتحويل من الليرة إلى الدولار.

ومن ناحية ثانية، نقلت قناة «الجديد» عن مصادر مطلعة ان زيارة عون إلى دمشق غير مستبعدة، وان كان موعدها غير محدد، لكن مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس اعتبر التطبيع مع الدولة السورية بأنه هدية مجانية للنظام ولن يؤدي إلى أي مكان، مشيراً إلى ان تأمين عودة النازحين السوريين يمكن ان تؤمن من خلال جهات مختلفة.

اما مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور، فاعتبر ان لا حاجة لتطوير قناة التفاوض مع الدولة السورية خارج مستوى التبادل الدبلوماسي والأمني، لافتاً النظر إلى ان موضوع العلاقة مع النظام السوري هو من المواضيع الخلافية بين اللبنانيين، مؤكداً ان فتح البوابة مع دمشق سيغلق البوابة مع الرياض وأميركا والدول الكبرى ويجب الاكتفاء بالوضع القائم.

الكهرباء والموازنة

وعلى صعيد آخر، ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة يوم الاثنين المقبل، لاستكمال درس مشروع موازنة العام 2020، إلى يوم آخر يُحدّد لاحقاً ربما الثلاثاء أو الأربعاء بسبب سفر الرئيس الحريري الاثنين إلى باريس للمشاركة في مراسم دفن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

بينما تابعت اللجنة الوزارية لدراسة دفاتر الشروط لإنشاء معامل الكهرباء اجتماعاتها برئاسة الرئيس الحريري في السراي، في جلسة ماراتونية استمرت 4 ساعات من دون ان تتوصل إلى قرار نهائي في شأن المهمة المكلفة بها.

لكن وزير الإعلام جمال الجراح، اعتبر ان اللجنة حققت تقدماً كبيراً في دراستها، ووصلنا إلى نقطة تقضي بإجراء مقارنات خارج الأيام المقبلة حيال الخيارات المطروحة، آخذين بالاعتبار مسألتي: عامل الوقت لتأمين الكهرباء وأفضل سعر لتأمينها بساعات تغذية قد تصل في المرحلة المؤقتة إلى 24 ساعة.

وقال ان الفريق التقني التابع لوزيرة الطاقة ندى البستاني سينكب على دراسة جدول المقاربة بين الخيارات المعروضة، لافتاً إلى ان اعتماد أي من الخيارات المتاحة سيخفض عجز الكهرباء وعجز الموازنة، وبالتالي نوفر على الدولة اموالاً طائلة ونعطي اللبنانيين ساعات تغذية أكثر.

وعلمت «اللواء» ان البحث خلال الجلسة تركز على إنجاز دفاتر الشروط لإنشاء معامل الكهرباء في الزهراني وسلعاتا وفقا للخطة التي اقرها مجلس الوزراء مجتمعاً، وان الشركات التي سترسو عليها المناقصات التي ستجريها هيئة ادارة المناقصات ستتقدم باقتراحات للحلول المؤقتة والبعيدة المدى، ولم يتم التطرق الى موضوع استقدام بواخرجديدة لانها اصلا ليست مطروحة في الخطة خلافا لما يردده البعض، بل ان الشركات الملتزمة ستقترح الحلول المؤقتة سواء بالبواخر أو تعزيز معامل الانتاج الحالية، والحلول بعيدة المدى بإنشاء معامل جديدة، والقرار يعود لمجلس الوزراء. 

وذكرت مصادر المعلومات انه من الخطأ القول ان هناك قرارا اتخذ باعتماد مزيد من البواخر طالما ان دفتر الشروط لم ينجز ولم تحصل المناقصات ولم يتم تحديد الشركات الفائزة التي ستقترح الحلول الآنية والبعيدة، كما ان وزيرة الطاقة تنسق بكل التفاصيل مع ادارة المناقصات من اجل إنجاز دفاتر الشروط بالسرعة والدقة الممكنة، وان الافكار التي عرضت امس تقنية بحت، وتعكس توجها حقيقيا للانتهاء من هذا الملف المكلف للدولة وللاقتصاد وللمواطن. لذلك يحرص الرئيس الحريري على تكثيف الجلسات من اجل انتهاء البحث بأقرب فرصة ممكنة.

وعلمت «اللواء» ان الخلاف ما يزال مستمراً حول المرحلة المؤقتة والاستعانة بالبواخر.

وأشار مصدر شارك بالاجتماع إلى ان المناقشات قطعت 70٪ من معالجة أزمة الكهرباء، كاشفاً عن خلاف حول أرض بناء معمل سلعاتا، ففي حين يسعى فريق وزيرة الطاقة لشراء قطعة أرض، رفض غالبية أعضاء اللجنة هذا الطرح، من زاوية ان هناك قطعة تملكها الدولة بالإمكان تشييد المعمل عليها.

إلى الشارع غداً

وسط هذه الأجواء، تداعت مجموعات المجتمع المدني إلى العودة إلى الشارع، والتحضير لتحركات تحت عنوان «مواجهة الفساد والفاسدين» بدءاً من عقد مؤتمر في الكومودور في الحمراء، ثم الدعوة إلى تحرك وسط ساحة الشهداء في بيروت، بمشاركة فعاليات والضباط والعسكريين المتقاعدين رفضاً لبقاء الطبقة السياسية في السلطة.