تشكّل رعاية المسنين والاهتمام بهم أمراً غاية في الأهمية، فهذه الفئة التي أفنت حياتها بالعطاء والتضحية تستحق الإحترام والإمتنان والرعاية من خلال خدمتهم على أكمل وجه وتقديم التسهيلات وتوفير الإمكانيات اللازمة لهم، وفي هذا الإطار، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أهمية الإستقلالية لكبار السن، وأطلقت منذ العام 1991، وثيقة مبادئ تتعلّق بهم، شدّدت عبرها على مبدأ «الاستقلالية»، معتبرة أنّه من حق كبار السن الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية وإمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب.
وإذ شددّت الوثيقة على مبدأ «المشاركة»، أي وجوب أنْ يشارك كبار السن بنشاط في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثّر مباشرة في رفاههم، وأنْ يقدّموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم، وأنْ يكونوا قادرين على تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم، معربة عن أهمية مبدأ «الرعاية» من خلال توفير فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والصحية لكبار السن، وأنْ يتمكّنوا من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج.
وانطلاقا من مبدأ «تحقيق الذات»، وتمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خلال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية، عرضت لمبدأ «الكرامة» المتمثّل بتمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، دون الخضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية.
لتسليط الضوء على أهمية «الاستقلالية لدى كبار السن» التقت «اللواء» شخصيات واكبت هؤلاء الكبار لمعرفة آرائهم في كيفية تأمين حياة لائقة ومستقبل مضمون لهم (أي لكبار السن)، فكان الآتي:
قباني
{ الوزير السابق ومدير عام دار الأيتام الإسلامية في لبنان الدكتور خالد قباني اعتبر أنّ «تأمين الإستقلالية لكبار السن يكمن من خلال دعم المؤسّسات الإجتماعية التي ترعى المسنين، عبر توفير كل الإمكانيات المادية والطبية والعناية بهم، وعدم تركهم أو تهميشهم، كما الإهتمام بكرامة هؤلاء المسنين الذين ضحّوا وربّوا وسهروا على الأجيال التي تبني الوطن.
ويجب أن نكون أوفياء لهؤلاء المسنين، من خلال توفير العناية لهم ودعم المؤسّسات التي تعنى بهم وإشعارهم على الدوام بأن كرامتهم محفوظة وأن هناك من يهتم بهم ويحبهم».
حوري
{ النائب في كتلة «تيار المستقبل» عمار حوري أشار إلى أنّ «هناك العديد من الأفكار والمشاريع واقتراحات القوانين الموجودة في المجلس النيابي، بالإضافة أيضا إلى عدد من الأفكار الموجودة في وزارة الصحة، وهذه المسؤولية وطنية وليست مسؤولية جهة بذاتها فقط، بل هي مسؤولية الحكومة، المجلس النيابي، كما مسؤولية الإدارات المختصة. ونحن خطونا بعض الخطوات الإيجابية، لكن بالتأكيد المشوار لا يزال طويلا، لكن في النهاية المسألة لا بد أن تترجم بقانون يؤمن هذا النقص في الخدمة وبإذن الله نحن على الطريق».
فاعور
{ رئيس جمعية دار العجزة الإسلامية د. محمود فاعور لفت إلى أنّ حكومة اليابان أوجدت حلا لمسألة ضمان الشيخوخة، لذا الحل أن نبدأ منذ الشباب بدفع تأمين لضمان شيخوختنا كما هو الحال في اليابان، أو أن نتكلّ على الدولة وننتظر قانون ضمان الشيخوخة الذي منذ سنوات ونحن نطالب به، وبرأيي على كافة الجمعيات الخيرية التي تهتم بكبار السن أن تجتمع لتشكّل نوعاً من الضغط وتقابل المسؤولين لتضعهم أمام مسؤولياتهم.
اليوم كبار السن يعانون معاناة كبيرة سواء بالمسكن أو المعيشة والرعاية الصحية، وكل المشاكل ملقاة على كاهل المجتمع المدني لأن الحكومة لا تقوم بما يتوجب عليها، وهناك 3 مراكز صغيرة في المنصورية وراشيا، تستضيف 60 مريضاً فقط بينما هناك 4000 شيخ عجوز في لبنان حاليا والرقم إلى ازدياد؟! والحل بيد الحكومة، وأيضا أن يبدأ كل شاب بدفع تأمين لضمان شيخوخته كما هو الحال في اليابان، وهكذا بمجرد أن يصل إلى عمر الـ64 ويُحال على التقاعد يضمن أن يعيش شيخوخة كريمة دون حاجة لأحد».
بركات
{ المدير العام السابق لدار الأيتام الإسلامية في لبنان محمد بركات رأى أنّه «كلّما ازداد حجم الإهتمام بكبار السن كل ما زاد عدد المؤسسات، وبالتالي زاد عدد الذين ينتمون إلى هذا القطاع، كما زاد عدد العائلات التي توافق على استقلالية كبار السن، فيصبح هناك وعي أكبر.
لقد عايشت هذا القطاع منذ 50 عاما وأكثر، وطوال هذه السنوات لم يتعد ما تقدمه المؤسّسات التي تقدم خدمات في البيوت أو بالإستقلال الى 50 عنصرا، أما اليوم فهناك 2000 أو 3000 أو حتى 5000 شخص. كل مؤسسة اجتماعية باتت إلى جانبها مؤسسة تعنى بإستقلالية المسن، بينما في الماضي كبير السن كان رئيس العائلة واليوم تحول إلى دور هامشي مع كثرة ووفرة إنتاج الشباب وعلمهم. لذلك برأيي أنه مع الوقت سوف يكون هناك أكثر وأكثر مؤسسات وخدمات للمسنين المستقلين».
حوري
{ مدير مستشفى دار العجزة الإسلامية عزام حوري رأى أن هناك «دائرة متكاملة يجب أن نستكملها دائما، وهذه الدائرة تتكون من الدولة أولا من المؤسسات الضامنة والمؤسسات الأهلية والمؤسسات مقدمة الرعاية، من العائلات وبالتالي من الوضع الإقتصادي العام، وهنا لا بد أن أشير إلى أهمية دور الإعلام في هذه العملية، إذ ليس باستطاعتي أن أتغاضى عنه، لذلك إذا قام كل شخص منا بالجزئية الخاصة به نتكامل مع بعضنا ويصبح هناك نوع من الإطمئنان».
هل هذه الشريحة العمرية هي شريحة غير مسؤولة من قبل الدولة أم هي مسؤولة؟ بالتأكيد يجب أن تكون مسؤولة من قبلها بصرف النظر عن الأكلاف. وما أهم شيء في حياة الناس؟ الكرامة، فكرامة الإنسان المصونة هي أهم من أي شيء آخر. اليوم علينا أن ندعم المؤسسات المقدّمة لهذه الرعاية بحيث تكون على مستوى هام جدا لتتمكن من تلبية كافة الإحتياجات بصرف النظر إن كانت هذه العمليات عمليات مكلفة أو غير مكلفة».