مبدع عالمي جديد من لبنان، بصمة وتوقيع لبناني، أضافهما إبن بلدة عيحا، قضاء راشيا، الدكتور سليمان سليم أبو لطيف، خرّيج كلية الطب في الجامعة اللبنانية، عام 2003، بحصوله في كانون الأول 2018، على زمالة «الكلية الملكية البريطانية لجرّاحي العين» Royal College of Surgeons of Al Ain، وهو أعلى «لقب في مهنة طب العيون في العالم»، بالإضافة إلى تحقيقه درجة زميل بالجراحة الشبكية، بعد سنتين من التدريب، في مستشفى Moorfields Eye Hospital، في شهر تموز 2018، والذي يُعد أكبر مستشفى تخصّصي للعيون في العالم.
د. أبو لطيف
لتسليط الضوء على هذا التكريم، تواصلت «اللواء» مع الدكتور أبو لطيف، في مركز عمله ببريطانيا، وكان الحوار الآتي:
{ ماذا تخبرنا عن البدايات؟
- «في العام 2016 دخلت إلى مستشفى «مورفيلدز» كي أقوم بزمالة (تدريب متقدّم) في الجراحة الشبكية للعين لمدّة سنتين، وكانت نتيجة عمل سبع سنوات، من تراكم الخبرات، حيث أجريت ألف عملية ماء زرقاء. ومستشفى «مورفيلدز»، الذي عملت فيه، يُعتبر أيقونة طب العيون في العالم، إذ إنّ التركيز في عصر الطب المتخصص يقع على كيفية تطوير العلم، وتوظيفه في خدمة الطب والإنسان، وتقدّمه عبر استخدام ما توصّل إليه العلم الحديث، واستخدام الخلايا الجذعية والأدوية، بل والارتكاز على تركيب الجزئيات الدقيقة جداً، خصوصاً في علاج أمراض الشبكية الوراثية».
{ كيف تقيّم التجربة؟
- «تجربة العمل مع أطباء مميزين، من مختلف أنحاء العالم، وتدريبهم في هذا المستشفى التخصّصي العالمي، ساهم في تراكم الخبرات المهنية، والإستشارات الطبية للمرضى، عبر استخدام تقنية 3D في إجراء العمليات الشبكية الدقيقة، المتعلقة بأمراض العين.
تخرجت من كلية الطب، في الجامعة اللبنانية، في العام 2003، ثم تابعت الدراسة لفترة وجيزة في الجامعة العربية، ثم في مستشفى Ghent الجامعي في بلجيكا، حيث تخصّصت بأمراض الشبكية وجراحتها والأمراض الوراثية، ومن بعدها انتقلت إلى بريطانيا، لمتابعة التخصص في جراحة العين، منذ عام 2009».
{ متى نلت عضوية دبلوم الكلية الملكية البريطانية لجراحة العين؟
- «عام 2011 نلتُ عضوية دبلوم الكلية الملكية البريطانية لجراحة العين، وكتبت أكثر من 6 مقالات في مجلات عالمية طبية، وقدّمتُ عدّة محاضرات في مؤتمر أخصائيي الشبكية الأوروبيين Euretina في ميلان ونيس وكوبنهاغن وفيينا، وحزت الجائزة الأولى للتمييز في خدمة المريض، لكوني أحد أعضاء فريق الجراحة الشبكية، بمستشفى «سان جورج» في لندن».
{ كيف تقيّم نجاحك؟
- «نجاحي يفتح المجال أمام اللبنانيين، للاستفادة من خبراتي وكفاءتي المهنية والطبية، ولست بعيداً عن وطني لبنان، الذي تعلمتُ فيه، وتحديداً في الجامعة اللبنانية، التي هي مهد تخصّصي الأوّل، وشريط الذاكرة يشدّني إليها، بوصفها المكان الذي انطلقت منه، في عالم الطب، والجامعة العربية محطة مهمة في تحصيلي العلمي.
المسافات لم تقف حائلاً، أمام إفادة أهلي وأقاربي، من خدماتي الطبية الأفضل، والنية موجودة من أجل أن أقدّم ما يحتاجه وطني، فأنا في خدمة «كل الناس»، من كافة الطوائف والمذاهب والمناطق اللبنانية، عبر توفير التسهيلات الطبية، بمستوى أخلاقي وإنساني عالٍ».
شهادة الزمالة
{ كيف انتسبت إلى «الكلية الملكية البريطانية لجراحي العين»؟
- «خضعتُ لامتحانات طبية، على أربع مراحل، قبل الانتساب إلى «الكلية الملكية البريطانية لجراحي العين»، وهناك شروط محددة مسبقاً، يجب الإلتزام بها، من خلال ملف طبي متكامل، يظهر فيه تراكم الخبرات الطبية، والمستوى المميز من العلم والمعرفة، ولا يمكن لأي طبيب عيون، يأتي من خارج بريطانيا من الإنضمام إليها.
وفي شهر تشرين الثاني الماضي، خضعت للامتحان الرابع والأخير، وصدرت النتيجة النهائية، بنيلي لقب الزمالة، في هذه الكلية العريقة، ومن المقرّر أنْ أستلم شهادة الزمالة، في احتفال رئيسي، يقام في شهر أيلول المقبل».
انعدام الفرص
{ ألم يكن باستطاعتك أنْ تنال فرصتك في لبنان؟
- «الإنسان المتعلم والمثقف في لبنان، تنعدم أمامه كافة الفرص، والجامعة التي تتعلم وتدرس فيها، تعطيك ما تستطيع، لكنها في النهاية تعجز عن أن توصلك إلى أي مكان، لأن الأوضاع في وطني، محكومة بالسياسة و»الواسطة» والطائفية.
باختصار، إنّ الطائفيين والمذهبيين وأصحاب النفوذ، هم من يدفعون بهجرة الأدمغة إلى الخارج، بينما الدول المتقدّمة في الغرب توفر فرص التطور والعمل، على أساس أن «تشتغل على نفسك، كي تصل إلى الأعلى»، فكل زملائي في الجامعة اللبنانية، دورة العام 2003، غادروا إلى الولايات المتحدة الأميركية، ولا أحد منهم ينوي العودة إلى الوطن، بل يفضلون زيارته بشكل موسمي، واعتماد العودة الجزئية أو الموسمية.
للأسف، هذه أفضل الحلول الممكنة، بالنسبة لي ولكل هؤلاء الزملاء الأطباء. لذلك، فإن العودة إلى لبنان تشكل تهديدا ومخاطرة للمستقبل المهني والطبي، ولواقع أسلوب العمل، الذي اعتدنا عليه، لكون مهنة الطب رسالة أخلاقية وإنسانية، وواجب قبل كل شي».
{ هل تفكر بالإنتقال إلى لبنان؟
- «إنّ خدمة أبناء منطقة راشيا وسواها، يبدأ بإطلاق «عيادة موسمية»، من أجل تأمين علاج طبي للمرضى، وإجراء عمليات جراحية في مجال طب العيون، ومتابعة ملفاتهم وأوضاعهم الصحية، عن قرب أو عن كثب، لمعرفة النتائج المتوقّعة طبياً، والنيّة موجودة في نقل خبراتي الطبية، التي تعلمتها واستفدت منها في بريطانيا، إلى وطني لبنان، ولكن بوقت جزئي وليس كلي، بفعل النقص الحاد، في مهنة العيون، في محافظة البقاع عموماً، وقضاء راشيا خصوصاً، اللتين تفتقدان إلى وجود أطباء إختصاصيين، أصحاب كفاءة عالية، في مجال طب العيون، لذلك لا من بد أنْ أخصّص وقتاً معيّناً لأهلي هناك، لمساعدة أبناء منطقتي، الذين يعانون من مشقّات الطرقات والتعب الجسدي، بفعل الإنتقال إلى العاصمة بيروت، لإجراء العمليات الجراحية، في طب العيون».
حفل التكريم
{ ختاماً، ماذا عن حفل التكريم؟
- «تخرّجتُ من الجامعة اللبنانية، قبل 16 عاماً، وفي شهر نيسان المقبل سوف أشارك في الحفل التكريمي، الذي تقيمه الجامعة الوطنية، لعدد من خرّيجيها المتميّزين والمتفوّقين، بمناسبة الذكرى الـ 68 على تأسيسها، والتي أعتبرها المدماك الأساسي لانطلاقتي المهنية في اختصاص طب العيون، بفعل المستوى المتميز للدكاترة الأطباء، والأساتذة والباحثين الكبار فيها».