بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيلول 2020 01:10م «قُنفذ يكتشف مغارة».. قصّة مثيرة تُحيي «كنوزًا مدفونة» في عكّار (صوَر)

صورة للمغارة الجديدة المكتشفة من صفحة "إكتشف عكار" صورة للمغارة الجديدة المكتشفة من صفحة "إكتشف عكار"
حجم الخط

إنّه تمامًا الجمال الذي يولد من رحم القباحة، بل والأمل الذي ينبعث من نور الشمس المحجوب بسحبة دخان سوداء قاتمة. هو تلك الشعلة التي تتمايل مع نسائم صيفيّة منعشة تهبّ من جبال عكار الخضراء لتضيء نفق بلد مظلم، بمعالم مجهولة، وحاضر بغيض، ومستقبل يتناثر الغموض في ثناياه الموحشة.

فمن صميم سوداويّة تخيّم على لبنان ككلّ، كشفت عكار عن أحد بَواطِن أسرارها، فأظهرت جمالًا يتلألأ كحبّات ماسيّة لامعة، تمثّل بمغارة كلسيّة، أهدتها لها الطبيعة عربون تميّز غاب مطوّلًا ولا يزال عن بال الساسة وأصحاب النفوذ، الذين عمدوا أو تعمدّوا إسقاط اللوحة الجماليّة لهذه المحافظة المعطاءة.


كيف تمّ اكتشاف المغارة؟

إلّا أنّ عكار الساحرة، لم تغب أبدًا عن اهتمام أهلها ومحبّيها. إذ كانت دومًا مقصدًا لروّاد الطبيعة ومكتشفي كنوزها، ومنهم مجموعة "إكتشف عكار" التي سطّرت اكتشاف مغارة كلسيّة جديدة في وادي مرعي في أعالي بلدة رحبة.


تفاصيل هذا الاكتشاف، وثّقه رئيس المجموعة والمرشد الجبليّ، عبد القادر عبد المجيد، في حديث إلى "اللواء"، من خلال قصة مثيرة، حيث كان الناشط البيئيّ عمر حمزة، وهو عسكريّ في الجيش اللبنانيّ، في رحلة صيد مع كلبه، وجد أثناءها "قنفذًا" دخل إلى وكر صغير، فلحقه الكلب المدرّب على صيادة هذه الأنواع من الحيوانات، وعند محاولة "عمر" اللحاق بكلبه، شعر بشيء غريب داخل الوكر، فالحرارة منخفضة والهواء بارد، فسارع إلى الاتصال بـ "عبد القادر" الذي طلب منه أن يبقي على سريّة الموضوع.


في اليوم التالي، هرعت فرق "إكتشف عكار" إلى المكان مزوّدة بالمعدّات اللازمة، ودخلت إلى الوكر حيث تمّ اكتشاف مغارة كبيرة، تمّ توثيقها عبر الصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها المجموعة عبر صفحتها على "فيسبوك".

"كنوز مدفونة وأشكال رائعة"

المرشد الجبليّ وصف المغارة الطبيعيّة بـ "المثيرة والمدهشة"، مشيرًا إلى أنّها أشبه بالكنوز المدفونة، حيث تحتوي على أشكال كلسيّة رائعة وغريبة من نوعها، قائلًا إنّه شعور لا يوصف ولا يمكن أن يُعاش بمجرّد الكلام أو مجرّد الصورة، بل يجب خوض التجربة على أرض المغارة.


أمّا الجهات الرسميّة، فلم تقترب حتى اليوم من تلك الوجهة المكتشفة، وليس هناك أيّ تحرك جديّ لحماية هذا المعلم، حيث أكّد عبد القادر عبد المجيد أنّهم تلقّوا فقط اتصالًا من المحافظ والبلديّة، فيما تواصلوا هم مع وزارة السياحة في مسعى إلى وضع المغارة على خارطة الأماكن السياحيّة.


كما أوضح أنّ بلديّة رحبة العكاريّة التي تقع المغارة ضمن مساحتها الجغرافيّة، قدّمت حفّارة لتوسيع المدخل، ثمّ تكفّلت بتركيب بوابة لحماية المكان من التخريب.


"رسالة إلى المعنيّين والزوّار"

رئيس مجموعة "إكتشف عكار"، توجّه إلى المعنيّين والمسؤولين، متأملًا أن يتمّ النظر إلى هذه المغارة بنظرة جديّة والاهتمام بها وحمايتها وإدراجها تحت لائحة الأماكن السياحيّة في لبنان.


ثمّ وجّه رسالة إلى الزوّار بشكل عام، ولروّاد ومحبّي المغاور والكهوف خصوصًا، راجيًا منهم المحافظة على جماليّة الموقع وعدم تخريبه أو انتزاع قطع منه للاحتفاظ بها لنفسهم.


هي قطعة من الأمل إذًا، يضعها القدر في مرمى عيون أبناء عكّار والشمال، بل ولبنان ككلّ، في ظلّ واقع تتزاحم فيه شتّى أنواع الأزمات التي تعصف بشعب يبحث عن فتات حياة.