ما ورد في المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير السابق جبران باسيل الأخير لافت وخطير في آن حينما دعا «إلى مؤتمر تأسيسي لقيام نظام تأسيسي جديد» في وقت ترزح البلاد تحت وطأة خلافات سياسية حادة تحول دون تشكيل حكومة عدا عن الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي تجعل من العباد رهن ظروف بائسة ومدمرة.
والسؤال هل الغاية من هذا الكلام تغيير قواعد اللعبة السياسية في لبنان أو تغيير النظام السياسي بأسره وقيام نظام جديد وفق ما دعا إليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله منذ أكثر من عقد؟
قزي: سنواجه المشروع
الوزير السابق سجعان قزي القريب من بكركي، رفض الدخول في ما سماه «الرد» على ما ورد في مؤتمر باسيل وأصرعبر وكالة الانباء «المركزية» على التعبير عن موقف وطني جامع سيما «وأننا اليوم في وارد تأليف حكومة بعدها لكل حادث حديث وأي كلام في هذا المعنى يلقى معارضة سنية ومسيحية ودرزية.
وفي الحديث عن موقفه الوطني من مسألة تغيير النظام اعتبر قزي «أن مسألة إعادة النظر بالدستور لا تتم تحت وطأة السلاح ومن دون رعاية دولية مباشرة ورسمية وبضمان وجود لبنان في الأمم المتحدة. فزمن هيئات الحوار في بعبدا ومجلس النواب انتهى. أما الهدف من طرح الدعوة لنظام تأسيسي والذي يلتقي فيه مع طرح حزب الله فهو تطيير عملية تأليف الحكومة» أضاف مؤكداً أن في حال سقوط النظام «لن نترك لبنان لحزب الله أو لأي حزب آخر ان يسيطر أو أن يفرض نظامه أو مشروعه السياسي».
لبنان لكل اللبنانيين لكن أي لبنان سيبنون؟ «هذا موضوع آخر. نحن متمسكون بلبنان السيد الحر المستقل، لبنان الديمقراطي والنظام البرلماني لبنان القائم على صيغة التعايش بين المسيحيين والمسلمين لبنان الميثاق». خلاصة الكلام يختم قزي: «فيما لو أراد البعض أن ينسف الصيغة اللبنانية سنواجه هذا المشروع وإلا يكون لكل فئة لبنانها. وآمل أن لا نصل إلى هذه المرحلة».
عريمط: باسيل جزء من المشروع الإيراني
بدوره رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط أوضح أن الوزير باسيل «أصبح وفريقه السياسي جزءاً لا يتجزّأ من المشروع الإيراني المعادي لمصالح اللبنانيين وسيادة لبنان وعروبته ويسعى لتحويل لبنان إلى ولاية إيرانية وضرب وثيقة الطائف والتحضير لعقد إجتماعي جديد. والمشهد على طريق المطار المزروعة بصور قاسم سليماني وملهمه السيد حسن نصرالله أبلغ دليل».
وقال: «المشروع الإيراني يهدف إلى انهيار الدول وإقامة الميليشيات البديلة كما في اليمن والعراق وسوريا ، ودويلة حزب الله وحلفاؤه جاهزة في حال انهيار الدولة اللبنانية». وسأل: «هل يدرك «الرئيس الظل» باسيل أن الإيراني يسعى إلى المثالثة لا المناصفة التي أقرها اتفاق الطائف ؟هل يدرك باسيل معنى وأهداف دعوة البطريرك الراعي إلى حياد لبنان الإيجابي ليعود واحة للحرية والعدالة وكرامة الإنسان؟ هل يريد باسيل أن يحول لبنان إلى عراق أو يمن أو سوريا ليحقق أحلامه برئاسة وهمية بعيدا من مصالح اللبنانيين ؟ هل أدرك باسيل قيمة لبنان ودوره لينسف الصيغة اللبنانية ويعيد لبنان إلى الحروب العبثية برعاية إيرانية كما هو حاصل في سوريا والعراق واليمن؟».
شاتيلا: طرحه انقلاب
على الطائف
واعلن رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا الرفض القاطع لما طرحه جبران باسيل من انقلاب على الدستور اللبناني المنبثق عن اتفاق الطائف للوفاق الوطني.
وقال:ان لبنان لا يمكن أن يحكم من حزب او طائفة ولا بموجب تسويات فئوية ومصلحية فكل لبنان لكل اللبنانيين دون تفرقة أو تمييز.
واكد ان اتفاق الطائف للوفاق الوطني اللبناني عام 1989 لم يصدر نتيجة ضغوط على اي فريق لبناني كما يشيع باسيل وقسم من فريقه، وإنما بتوافق غالبية افرقاء الساحة اللبنانية وبعد مؤتمري القاهرة والرياض، ليشكل حلا عربيا ووطنيا للأزمة اللبنانية بديلا عن المشاريع التدويلية والتقسيمية والفدرالية وبرامجها الكانتونية المتوافقة مع مخططات تهجير المسيحيين وتدمير مقومات الدولة لحساب دويلات عنصرية فاعاد اتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه بإجماع وطني ترسيخ الثوابت الوطنية وبسط السلم الأهلي وصيانة وحدة الأرض والشعب والمؤسسات في وطن حر لمواطنين أحرار.
واوضح ان الأزمة الخطيرة التي يعيشها لبنان واللبنانيون حاليا، لم تتفاقم بسبب اتفاق الطائف كما يروج السيد باسيل ومحازبوه، بل سببها الرئيسي هو انقلاب الطبقة السياسية الحاكمة منذ 30 عاما على هذا الاتفاق وانتهاكها للدستور لمصلحة دستورها الخاص.
وشدد على ان الاحتكام للإرادة الشعبية هو الركيزة الأولى لأي إصلاح، وقد أعلنت غالبية اللبنانيين من خلال انتفاضة 17 تشرين ثورتها على الطبقة الحاكمة منذ 30 عاما وحتى الآن، والسيد باسيل وفريقه جزء منها في السنوات ال15 الأخيرة، واكدت الانتفاضة وحدة الشعب اللبناني في كل مناطقه وتضامنه ضد الظلم اللاحق به واعتبرت أن التمسك بتطبيق الدستور كاملا غير مجتزأ هو المدخل الأول للإصلاح السياسي وخاصة إجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ يطمئن الطوائف ويختص بالقرارات المصيرية وكذلك إلغاء الطائفية السياسية خلال 3 سنوات ومكافحة الفساد وإصلاح القضاء والقطاع المصرفي وتبني سياسة الاقتصاد المنتج وإقامة اللامركزية الإدارية، حيث تشكل هذه المطالب الحل العملي للخروج من الأزمة واسترداد الدولة لاملاكها البحرية والبرية والنهرية، بمثل ما تؤكد أن اي دعوة لتغيير الدستور هي مناقضة للإرادة الشعبية وتهرب من تحمل المسؤولية وتقوقع حزبي فئوي لا يعبر عن مصلحة اللبنانيين في اي حال.
واعتبر ان الدستور اللبناني الذي أقسم رئيس الجمهورية على صيانته والالتزام به يتعرض اليوم للانتهاك المتواصل بيد رئيس التيار العوني ما يستلزم موقفا من رئيس الجمهورية بوصفه المؤتمن على تطبيق الدستور بكل شموليته برفض هذه الدعوة الانقلابية والتبرؤ منها والحرص على مبدأ الفصل بين السلطات واحترام مقاماتها ومن بينها مقام رئاسة الحكومة.
ونوه موقف البطريرك بشارة الراعي الملتزم بالدستور وتطبيقه كاملا، مطالبا جامعة الدول العربية بدعوة كل الأطراف السياسية في لبنان إلى احترام الدستور الوطني بوصفه حجر الأساس لمقومات الدولة.