في خضمّ الازمة المعيشية التي تعصف باللبنانيين، ازمة اجتماعية لاحت في أفق المشهد الضبابي منذ اكثر من عام تمثلت بتأخير دفع مستحقات 100 جمعية تعنى بتعليم ذوي الارادة الصلبة (أصحاب الاحتياجات الخاصة) والذين أخذتهم وزارة الشؤون الاجتماعية على عاتقها من ناحية الرعاية والتعليم، بمعنى آخر ان مصير 12000 طفل مصاب بإعاقة، على المحك في ظل اقفال عدد من مؤسسات الرعاية فيما البقية مهددة بالإقفال.
وفي هذا الصدد، اعتصمت أمس الجمعيات في مختلف المناطق اللبنانية، فيما إستحوذ اعتصام مؤسسة «سيزوبيل» ومؤسسات كسروان على انظار الاعلام، لأنه حصل في الصرح البطريركي في بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي ومعه وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان المعتصمين في ساحة بكركي.
وأسف الراعي ان هؤلاء الاشخاص يعتصمون من اجل نيل حقوقهم معتبراً ان «هذا امر لا يشرّف الدولة»، قائلاً: «إن وجودكم هنا، إخوتنا أصحاب الاحتياجات الخاصة، أعطى قيمةً لهذا الصرح، فأنا منذ انتُخبت بطريركاً، كان هدف خدمتي، المحتاج والمحتاجين أينما وجدوا، وبشكل خاص أصحاب الاحتياجات الخاصة، لأنهم لا يعرفون الشرّ، وبالتالي من حقهم أن تُعنى الدولة اللبنانية بهم وبحقوقهم وأن تُجنبّهم مثل هذه التحركات، فالدول تُقاس بمدى اهتمامها بأصحاب الاحتياجات الخاصة».
وأضاف: «إن حراككم هو جزء من الحراك المدني الذي يطالب بحكومة تتحمّل المسؤوليات الاقتصادية والسياسيّة، وهو ليس استعطافاً لأحد أو من أحد».
بدوره قال قيومجيان: «ما تعانون منه اليوم هو جزء من ما يعاني منه لبنان من أزمة اقتصادية تنعكس على جميع المؤسسات، ولكن الجمعيات التي تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة قد وقّعت العقود الخاصة بها، وبعد متابعة مباشرة عادت هذه العقود من ديوان المحاسبة وستقوم الوزارة خلال أسبوع بإرسالها إلى وزارة المال لصرف المستحقات، على أمل أن تكون هذه هديّة العيد لكم. وبالتوازي، وكخطوة احترازية، قمنا بتقديم طلب سلفة من هيئة التشريع والاستشارات وحصلنا على موافقة مبدئيّة».
وكان قيومجيان قد غرّد عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «حاولت بالفترة القصيرة في الوزارة تحسين حياتكم وحقوقكم وخضت معارك الموازنة في الحكومة والبرلمان لمزيد من التقديمات لكم. للأسف ظروف البلد عاكستني ولم أنه خططا وضعتها لتنفيذها معكم. اعتذر منكم».
ثم ألقت ميشلا جبرايل كلمة بإسم لجنة الأهل في مؤسسة سيزوبيل، أبرز ما جاء فيها: «من حقنا أن نعلم لماذا لم تأمّن الدولة الدعم اللازم لهذه الجمعيات حتى اليوم، ولماذا لم يُصرف أي فصل من سنة 2019، ولماذا لم توقّع عقود سنة 2020؟ «.
وبإسم اصحاب الاحتياجات الخاصة تحدث ايلي طوق، فقال: «يا دولتي أنا موجوع وعلى آخر نفس. في دول العالم كلها الإنسان هو خط أحمر، لماذا الامر مختلف في دولتي؟ لماذا يتقدم كل شي على الانسان؟ ان المؤسسة التي اعتادت ان تمسح لي دمعتي ودمعة أهلي تبكي اليوم معي».
وقفة احتجاجية أمام وزارة الشؤون الاجتماعية (تصوير: طلال سلمان)
خليل: الاولوية لهم في الدفع
{ من جانبه، أكّد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل تأييده للتحرك الذي تقوم به مؤسسات الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة. واوضح في بيان أن وزارة المالية سدّدت كل ما يتعلق بالسنة الماضية والمشكلة الحالية لا علاقة لها بوزارة المالية، والتأخير هو سبب عدم إنجاز العقود عن سنة 2019 والتي لم ترسل لتاريخه إلى وزارة المالية، والتي تؤكد استعدادها لإعطاء الأولوية في الدفع لهذه المؤسسات مشيراً إلى الحاجة لتغيير في طريقة التعاطي مع العقود وآليات إقراراها في وزارة الشؤون الاجتماعية لتكون جاهزة عند بدء السنة ولتدفع بشكل دوري ومنتظم.
{ بدورها، أكدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة في بيان على «ضرورة العمل على تحقيق «مجتمع دامج» على الأصعدة كافة، من خلال التعاون بين مختلف الوزارات والإدارات المعنية بهدف تأمين الحاجات الأساسية للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة وأولها حقهم في التعليم النوعي في المدراس وحقهم في العمل».ففي يومهم العالمي، نفذ أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة إعتصامات على الطرقات المجاورة لمؤسساتهم الرعائية، محذرين من أن يأتي يوماً تقفل فيه أبواب مؤسساتهم التعليمية أمامهم.
ولهذه الغاية ملئ طلاب مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية الباحة الخارجية للمؤسسة، علهم يوصلون أصواتهم الى وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما كان الحضور الرسمي كفيلاً لضمان نقل مطالبهم، حيث دعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة إبراهيم الموسوي إلى إجراء اللازم منعاً لإقفال هذه المؤسسات، مشدداً على ضرورة الاستعجال في بت موضوع سلفة الـستين بالمئة على الفواتير ورفع البدلات لتأمين استمرارية هذه المؤسسات.
بدوره، طالب عضو كتلة «التنمية والتحرير» محمد نصر الله بتحمل الوزراء المعنيين مسؤولياتهم، داعياً للاستعجال بصرف السلفة التي من شأنها أن تدعم هذه المؤسسات الرعائية في أداء دورها كاملاً.
{ وأمام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية نظمت مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة والطلاب وأهاليهم وقفة احتجاجية، مطالبين بحقوقهم، وعدم تركهم في الشارع اذا ما تم اقفال هذه المؤسسات والمدارس.
{ كما نفذ طلاب مركز عدنان ورائدة القصار لرعاية أطفال الشلل الدماغي بمؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية وقفة احتجاجية لعدم توقيع العقود للعام 2019، حيث عبر الأطفال عن مطالبهم المحقة والمشروعة، في حضور الهيئة الإدارية وذوي الطلاب.
ورفع الطلاب لافتات تطالب وزارة الشؤون الاجتماعية بإصدار وإحالة الفواتير إلى وزارة المالية قبل 15 الحالي للصرف.
{ وفي إقليم الخروب، نفذ ذوو الاحتياجات الخاصة واهاليهم وقفة واعتصاما في مجمع اقليم الخروب للرعاية والتنمية - دار الأيتام الاسلامية، في قاعة المركز في فريسين - كترمايا، ورفعوا شعارات مطالبين بمستحقاتهم .
بعد ترحيب من رئيسة قسم التنمية الفكرية في المجمع هنادي عثمان، أشارت مديرة مجمع إقليم الخروب للرعاية والتنمية نورما الزين إلى أن حقوق الأبناء جزء لا يتجزأ من العملية التربوية والممارسات اليومية، والتوعية الدائمة لمواجهة الانتهاكات التي تمس حقوقهم وكرامتهم».
{ ومن النبطية، اأفاد مراسل «اللواء» سامر وهبي بأن أطفال ذوي الحاجات الخاصة واهاليهم والعاملين والموظفين في مركزي «جمعية تمكين للعيش بإستقلالية» في النبطية و»مركز الامداد» لذوي الاحتياجات الخاصة في حاروف نفذوا اعتصاماً حمل عنوان «زلزال اجتماعي»، بعدما رفضت الدولة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية تسديد مستحقات المؤسسات الرعائية، والتي بات مصيرها مهددا بالاقفال، ورفع المعتصمون شعارات مطلبية، وكتبوا على لافتات شعارات « من حقي بالتعليم، ادفعوا المستحقات للمؤسسات الرعائية. كما نظمت «جمعية المنى التخصصية عيون البراءة» في النبطية إعتصاما شارك فيه الاهالي والأطفال وألقت فؤادة غملوش بيان بإسم رئيسة الجمعية الدكتورة ناهدة خليل، صادر عن الاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة.
{ ومن صور، أفاد مراسل «اللواء» جمال خليل بأنّه تحت عنوان «زلزال اجتماعي ومواجهة خطر اقفال المؤسسات وتعليق العمل مع بداية العام ٢٠٢٠» ، اعتصم طلاب واهالي واصدقاء «جمعية الحنان» لذوي الاحتياجات الخاصة امام مبنى الجمعية كخطوة تحذيرية، مطالبين الدولة بالحقوق من تعليم وتأهيل وعلاجات لهذه الشريحة الضعيفة التي تحتاج للاندماج والتكافل حول هذا الموضوع الذي لا يحتمل التأخير.
الامر نفسه إنسحب على المراكز في الهرمل، البترون، الضنية، حاصبيا، حيث رفع الطلاب المعتصمين لافتات تطالب الدولة ووزارة الشؤون الإجتماعية بإعطائهم حقوقهم من خلال الإستمرار في رعايتهم وتأمين المساعدات المالية والإجتماعية لهم، ودمجهم في المجتمع.
وفي عاليه، نظمت مؤسسة شملان الاجتماعية - دار الايتام الاسلامية اعتصاما في المؤسسة في بلدة شملان، لمناسبة اليوم العالمي للاشخاص المعوقين وبسبب الاوضاع المادية الصعبة من اجل اعطائهم حقوقهم للاستمرار في هذه الرسالة، في حضور رئيسة المؤسسة هادية جابر، رئيس بلدية شملان عصام حتى.
وفي طرابلس، انطلق وفد من أفراد الهيئة التعليمية وطلاب «جمعية العناية الالهية زغرتا» واهلهم الى طرابلس للمشاركة في الوقفة التضامنية التي نُظمت أمام نقابة المحامين في طرابلس، بدعوة من الإتحاد الوطني لشؤون الإعاقة في لبنان - مؤسسات الشمال لمواجهة الزلزال الاجتماعي المقبل على هذه المؤسسات.