بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2020 12:02ص أضاءَ شمعة بدل أن يلعن الظلام

حجم الخط
إستوقفني خبر قيام محافظ جبل لبنان القاضي محمد المكّاوي بإعداد «مشروع قانون» الحماية والوقاية من وباء كورونا والأوبئة الأخرى. لم يحصل أن التقيت المحافظ ولا أعرفه شخصياً لكن أعماله تدلّ عليه بالتأكيد. ما لفتني في هذا الخبر أن مشروع القانون يتطرّق ـ علاوة على سبل الوقاية والحماية ـ إلى موضوع الإكتظاظ في السجون حيث التباعد غير ممكن على الإطلاق ويطرح مسألة سلامة أشخاص في الإحتجاز لا رأي لهم في ظروف إحتجازهم ولا في توفير سبل وقايتهم من العدوى.

لقد زرت سجن رومية قبل أعوام لغاية بحثية علمية والتقيت يومها قائد سرية السجون في قوى الأمن الداخلي واطلعت منه على أوضاع السجون وظروف إحتجاز الموقوفين والسجناء وبرنامج حياتهم اليومية، وهي لا تتوافق مع أي من تدابير الوقاية والحماية التي عمّمتها السلطات الصحية في زمن كورونا.

لقد بدا واضحاً أن لبنان الكبير الذي لم يشهد جائحة منذ قيامه عام 1920 لم يتنبّه لوضع تشريع ملزِم يلحظ احتمال تفشّي أوبئة ويمكن العودة الى أحكامه عند الضرورة، وها أننا في المئوية الأولى نواجه جائحة كورونا بكثير من الإرباك على مستوى السلطتين التنفيذية والقضائية بغياب نصوص تشريعية آمرة تنظّم الوقاية والحماية والعزل والإقفال الجزئي أو التام ووقف الأعمال والمسافة الآمنة، وتحدّد عقوبة مشدّدة لكل من يتسبّب عن قصد أو غير قصد بتفشّي أي وباء في المجتمع.

في هذه الظروف الحرجة، وفي الوقت الذي صار فيه تقاذف المسؤوليات موضة دارجة عند المسؤولين، إنبرى قاضٍ يتولى مسؤولية محافظ جبل لبنان وبادر إلى إعداد مشروع قانون لسدّ الفراغ أو النقص التشريعي كمدخل للسيطرة على أي وباء أو جائحة ولوضع كل فرد عند مسؤولياته، وننتظر بفارغ الصبر نشر تفاصيل هذا المشروع للتعرّف الى كيفية معالجة أوضاع الموقوفين والسجناء لتفادي الإكتظاظ والحيلولة دون نشر الوباء في صفوفهم لتنتقل العدوى منهم الى رجال قوى الأمن المولجين حراسة السجون وعائلاتهم وصولاً الى المجتمع بمعظم مكوّناته. 

كلّ التقدير للمحافظ المكاوي لأنه أضاء شمعةً بدل أن يلعن الظلام.