عام مضى على ظهور فيروس كورونا الذي تبيّن أن قدرته على الانتشار فاقت التوقعات العلمية ليتحوّل سريعاً إلى كابوس لكل شعوب الأرض، وأعلنته منظمة الصحة العالمية بتاريخ 11 آذار 2020 «جائحة عالمية»، بعدما تخطى عدد المصابين به ومدى انتشاره مستوى الوباء العالمي، وباتت مخاطره تحيط بالجميع. لكن الرعب تجلّى في الانفجار الوبائي للفيروس في إيطاليا حيث ارتفعت الأرقام بصورة مهولة ومرعبة، بحيث فاقت معدلات الوفيات فيها معدل الوفيات العالمي، وأصبحت مؤسساتها الاستشفائية عاجزة عن تقديم خدماتها للمصابين بسبب الضغط غير المسبوق وانخفضت قدرتها بسبب نقص الموارد الطبية الضرورية، فأُطلقت عليه تسمية «السيناريو الإيطالي».
لبنان لم يكن بمنأى عن جائحة كورونا وبصرف النظر عن جهوزية مؤسساته الصحية، أطلقت حملات توعية المواطنين على مخاطر كورونا، بمجرد حصول الانتشار الأول، وتمّ التركيز على الجميع بوجوب تغيير سلوكهم ونمط حياتهم الاجتماعية، وكان ذلك صعباً في البداية لجهة التباعد الاجتماعي وعدم المصافحة وتبادل القبلات وارتداء الكمامة والتعقيم الدوري، لكن «السيناريو الإيطالي» المحزن شكّل جرس إنذار جعل الناس تلتزم المنازل وإجراءات الوقاية تفادياً للإصابة بالفيروس. وساهم ذلك الى حدّ كبير بالحؤول دون ارتفاع أعداد المُصابين بالتوازي مع جهود جبّارة للجسم الطبي والتمريضي اللبناني الذي استبسل في الدفاع عن هؤلاء المُصابين لإنقاذهم، وهذا ما سُمّي «النموذج اللبناني»، وكان ذلك موضع تقدير اللبنانيين الذين نظّم ملايين منهم ليل الأحد 29 آذار 2020 وقفات شعبية على شرفات المنازل لتحية الأطباء والممرضات فى القطاعين الصحي والاستشفائي، والتصفيق لجهودهم القوية والجبّارة خلال أزمة كورونا.
اليوم وصل تحدي كورونا إلى أخطر الدرجات، ليس فقط على السلامة العامة فحسب، بل على سلامة المواطنين. ولا نفهم لماذا لم يتم بعد تركيز المستشفيات الميدانية وفق متطلبات نجاحها، لتأمين أسرّة عناية فائقة لحالات كورونا المتزايدة حيث ارتفعت أعداد المُصابين لتتجاوز حدود الخمسة آلاف وخمسمائة إصابة مع تزايد مقلق للوفيات يومياً.
تسونامي كورونا أعادنا إلى الإقفال التام، فهل نستعيد «النموذج اللبناني» المشرّف، أم ننزلق إلى «السيناريو الإيطالي» المُرعب؟