بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيلول 2019 12:00ص كيف سيكرِّم لبنان شيراك في مماته..؟

حجم الخط
غيابه عن المسرح السياسي في السنوات الأخيرة، لم يُغيّبه من ذاكرة اللبنانيين الذين يكنون الكثير من المحبة والتقدير لصديق لبنان الكبير جاك شيراك.

هو رجل وطني من طينة القامة الفرنسية الكبرى شارل ديغول، وكان رجل دولة بامتياز بعدما عاصر عن كثب تجربة الرئيس الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو، حيث كان شيراك من أقرب مساعديه.

وقبل كل ذلك، كان الصديق الأوروبي الأول، بل على مستوى العالم كلّه، للبنان، والذي تعزّز اهتمامه بوطن الأرز من خلال صداقته الوطيدة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

قاد شيراك مؤتمرات باريس المتتالية لدعم الاقتصاد اللبناني، إيماناً منه بأهمية الحفاظ على لبنان، وطن الرسالة والصيغة، في منطقة تحوطها الصراعات الدينية والإثنية من كل حدب وصوب، فضلاً عن مشاعر الود والوفاء التي كان يحرص على إظهارها لصديقه رفيق الحريري، ويقف إلى جانبه في الملمات والأزمات.

ما زال اللبنانيون يحفظون للرئيس الفرنسي الراحل كيف وقف معهم ضد عدوان «عناقيد الغضب» الإسرائيلي عام 1996، والذي طال العديد من المرافق الحيوية، بما فيها قصف محطة الجمهور الكهربائية لإغراق بيروت في الظلام، فما كان من سيّد الإليزيه يومذاك إلا تأمين قطع الغيار والمعدات والمحولات الضخمة اللازمة جواً، حيث تمت إعادة التيار خلال أقل من أسبوع الى أحياء العاصمة.

وعندما امتدت يد الإجرام إلى حياة الرئيس رفيق الحريري، كان شيراك رئيس الدولة الوحيد الذي جاء إلى بيروت لتقديم التعازي لعائلة الفقيد الكبير وزيارة ضريحه حيث أطلق تصريحه الشهير: «هذه الجريمة لن تمر دون عقاب». وجنّد علاقاته الرئاسية والدبلوماسية الفرنسية لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بقرار من مجلس الأمن الدولي.

وعندما اشتدت ضغوط «العهد الجديد» في سوريا على لبنان ورئيس حكومته، سارع شيراك إلى مناصرة السياديين اللبنانيين، وعمل مع الرئيس الأميركي بوش الابن على إصدار القرار 1559 عن مجلس الأمن، والذي ينص على خروج القوات السورية من لبنان، وعلى حصر السلاح في المؤسسات الأمنية والجيش.

ورغم كل المغريات التي قدمتها واشنطن لباريس لتأييد القرار الأميركي بغزو العراق، بقي شيراك على موقفه المبدئي والأخلاقي المعارض للحرب الأميركية على بغداد، على اعتبار أن العراق لا يشكّل تهديداً للسلم الاقليمي والعالمي، ولا يمتلك أية قدرات لإنتاج سلاح نووي.

وعندما خرج خليفة ديغول وبومبيدو من الإليزيه خسرت فلسطين ومعها العرب، ركناً أساسياً من القيادات الأوروبية المؤيدة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

ترى... كيف سيُكرّم لبنان هذا الصديق الكبير في مماته؟