د. أماني محمود عبد الصمد*
قديما كانت تسود المجتمع عادات وقيم أساسها الفطرة السليمة، التي تزكّي في أصحابها الصدق والأمانة، والحياء والعفّة والاحترام، وتوقير الكبير واحترامه، سواء كان هذا الكبير أبا أو أخا أو معلما أو عالما. وهي نفسها الفطرة التي تفرض على صاحبها حماية الضعفاء وكفالة الفقراء ومراعاة شعور الجار ولو كان غير مسلم. وجاء الإسلام فاهتم بالأخلاق اهتماما عظيما، فالقرآن الكريم والسنّة النبوية يستنبط منهما أحكام يجب على الإنسان أن يتبعها لكي يكون مسلما، وهذه الأحكام تتنوّع بين أحكام في العقيدة، وأحكام في الأخلاق، وأحكام في العبادات والمعاملات المالية وغيرها من أفعال المكلفين، فالأخلاق تمثل دعامة أساسية من دعائم الإسلام، فكما لا يصحّ إسلام أحد دون عقيدة، ولا يصحّ الإسلام دون اتباع للأحكام الفقهية المتعلقة بعبادته ومعاملاته المالية... أيضا، لا يصحّ إسلام أحد دون اتباع لأحكام الأخلاق في الإسلام، فالإسلام دائرة يتكوّن محيطها من اتباع تلك الأحكام، ويجب على المسلم إكمال ذلك المحيط، وإلا خرج من دائرة الإسلام، كما أشارت بذلك كثير من الآيات القرآنية الصريحة والأحاديث النبوية الصحيحة.
والأخلاق الإسلامية هي قوام شخصية الإنسان المسلم والميزان الذي يزن به إيمانه وقربه من الله، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. ويقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، ولا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ.
إن في اتباع حسن الخلق سعادة الدنيا والآخرة، وفي سوء الخلق خسران وضياع ديني ودنيوي أيضا، فالأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات الإنسانية، إسلامية كانت أو غير إسلامية، لذا فيخطئ من يعتقد أن ما تعانيه بعض الأمم والحضارات من إنحدار كامن في الضعف المادي أو العلمي فقط، وإنما في الضعف الأخلاقي بالأساس.
* كلية دار العلوم بالقاهرة