أكد الأزهر السعي من خلال رسالته التي يستمدّها من الدين الإسلامي إلى تصحيح صورة الإسلام، التي سعت جماعات العنف وأعداء التسامح وتصرّفات الجاهلين إلى تشويهها.
وأضاف في تقرير أصدره مؤخرا مركز الأزهر لمكافحة التطرف، أنه يشعر بمسؤولية تجاه الجماعات المسلمة التي تعيش بين أكثرية غير مسلمة، ولذلك فهو يضطلع بدور كبير في تسليحهم بالقيم الدينية الإسلامية الصحيحة، ومفاهيم التسامح والتعايش، وقيم الحوار التي دعا إليها هذا الدين الحنيف.
وقال الأزهر إن رسالته لم تقتصر على الإسلام والمسلمين، بل إن إيمان المؤسسة برسالة الإسلام الإنسانية العالمية، حتّم عليها أن يكون الأزهر فاعلاً في المجال الإنساني، ماداً يده بقيَمِه ومبادئه وبدعوته الإنسانية إلى نبذ العنف، وربط الجسور مع كل الثقافات، ودعم الحوار بين كل المذاهب والأديان من أجل إنسانية أكثر سلماً وأمناً للحاضر والمستقبل.
وذكر أن «مؤسستي الأزهر والفاتيكان تقومان بالدور المكلفتين به إنسانياً ودينياً، وتتشابه رسالتهما ومبادئهما في سبيل إصلاح المجتمعات، وتحقيق السلام ونبذ العنف وتعزيز الحوار».
وقال إنه «لما كانت كل المشكلات والأزمات التي يواجهها العالم وتعانيها الإنسانية تعود إلى أسباب منها الجهل بالآخر، وعدم السماع من بعضنا بعضاً، واتساع الفجوة بين الأديان والثقافات، وفقدان الوصول إلى الثقافات الأخرى إلا عن طريق وسائط تفتقر في المجمل إلى الأخلاق والقيم، وتعنى بالإثارة، ونشر الخوف والكره بين الأمم عن طريق تصدير صور نمطية مرعبة تبثها في المجتمعات عن الآخر».
وتابع أنه أدرك أن ملف الحوار الديني، وبناء الجسور مع الأديان والثقافات الأخرى هو السبيل الأمثل لتبديد تلك الظلمات وإنهاء الأزمات.
وقال إن من أبرز الحوارات التي عقدها الأزهر في إطار ملف حوار الأديان، هو ملف الأزهر والفاتيكان، حيث شهدت الفترة الأخيرة علاقة طيبة وغير مسبوقة بين مؤسسة الأزهر ومؤسسة الفاتيكان؛ نتج عنها ثلاث قمم ثنائية تحدث العالم أجمع عن أثرها الإيجابي في تحقيق السلم والأمن للعالم شرقاً وغرباً.
وأوضح أنه ترتب على العلاقات الطيبة تبادل الزيارات بين شيخ الأزهر، وبابا الفاتيكان، وكانت إحدى الزيارتين في روما، والثانية في القاهرة داخل الأزهر الشريف، ثم الثالثة في الإمارات وهو اللقاء الأبرز الذي شغل العالم أجمع، ولا يزال أثره ودوره يتردد صداه في الإعلام والجامعات والمحافل الدولية، لما له من دور إيجابي في تعزيز السلم والأمن، ونشر ثقافة الحوار بين الثقافات المختلفة، حيث شهد هذا اللقاء توقيعاً على «وثيقة الأخوّة الإنسانية»، التي تدعو جميع الشعوب من كل الثقافات والأديان والمذاهب إلى تبنّي ثقافة الحوار وتعزيز العلاقات ونبذ العنف وبناء الجسور وسد الفجوات.
كما أفاد التقرير بأن «الأزهر آمن بأن تغيير الصور النمطية السلبية عن الإسلام لن يأتي إلا بالحوار، وأن تعريف الأمم بالإسلام لن يأتي إلا ببناء الجسور، ومن ثم لم يكن إيمانه بأهمية الحوار الديني حالة من رد الفعل على هذه الأزمات التي تحيط بعالمنا»، مضيفا أنه «يستمدّ رسالته من التشريعات الإسلامية، ما دفعه إلى التفاعل والإنطلاق من أجل الحوار بالحكمة، وبالتي هي أحسن، فرسالته في قضية الحوار الديني ليست تماشياً مع العصر، أو تزامناً مع دعوات وصيحات مؤقتة بسبب مشكلة في الشرق أو الغرب، بل هي معتقد ديني، وواجب إيماني نابع من طبيعة المؤسسة قبل أن تكون ردّ فعل على المشكلات الحالية التي يشهدها العالم».