بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الأول 2019 12:02ص الإسراف يناقض صفات عباد الرحمن

حجم الخط
د. محمد المنسي*

إن الإسراف في الإنفاق يُعدّ مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يأمر بالاعتدال، لأن الموارد مهما كانت كثيرة تأخذ في النفاد مع سوء التصرّف، لذا سنّ الإسلام ما يحفظ للناس ثرواتهم بالاعتدال فيكون السلوك القوّيم هو الابتعاد عن التبذير وعن التقتير.

فلقد حثّ الإسلام أتباعه على الاعتدال في كل الأمور، كما أن تعاليم الإسلام لم تغفل ما ينظم حياة الإنسان وأموره من مطعم ومشرب وملبس ومسكن وسائر ما يحتاج إليه في هذه الحياة، حتى ما نراه عادة في شهر رمضان المبارك في مختلف البلاد العربية الإسلامية، مخالف لما أمرنا به الإسلام، فرمضان ليس شهر الإكثار والاسراف في الطعام بل هو شهر الإكثار من الحسنات والطيبات وعمل القربات والطاعات التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

وإذا ما قرأ أحد منّا القرآن الكريم لوجد وبوضوح تام إن من صفات عباد الرحمن اتباع سنّة الاعتدال في الإنفاق على النعم، لقول الله سبحانه وتعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا ساءت مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً وَالَّذِينَ إذا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}..

كما يجد أيضا قوله تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}..

فالمتدبّر لآيات القرآن التي تتحدث عن الإنفاق يجد أنها تشنّ حرباً على الإسراف والمسرفين لما في الإسراف من إهدار للموارد واستنزاف وتضييع للثروات وضياع لحاضر الأمة ومستقبلها..

أما في سنّة النبي  صلى الله عليه وسلم فنجد أنه حذّر من الإسراف فى قوله: «كُلُوا واشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ مَخْيلَةٍ وَلَا سَرَفٍ، فَإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أنْ يَرى أَثَرَ نَعْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ»..

وهنا لا بد أن نقول ان فرقا كبيرا بين الإسراف وبين التبذير، فالإسراف كما قال العلماء هو المبالغة فيما نحتاجه مما أباحه الله تعالى لنا، أما التبذير فهو إنفاق المال فيما لا نحتاجه أو فيما حرّم الله تعالى، ولذلك نجد أن القرآن الكريم نهى عن الإسراف، ولكن عند الحديث عن التبذير قال تعالى {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}..

* أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة