أكدت دار الإفتاء المصرية، أن أية دعوة لتجمّع المواطنين الآن في الشوارع وفي أي مكان وتحت أي شعار وبأي ذريعة هي دعوة خبيثة و حرام شرعاً ولا يراد بها وجه الله.
وقالت دار الإفتاء عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، إن الالتزام بما تقرره السلطات المختصة لحماية الناس من الأوبئة والأمراض واجب شرعي ووطني ومن يخرج عن هذه الإجراءات تحت أية ذريعة آثم شرعا.
وأكدت أيضا أنه يجب شرعاً على المواطنين في كل البلدان الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية المسؤولة التي تقضي بإغلاق الأماكن العامة من مؤسسات تعليمية واجتماعية وخدمية، وتقضي بتعليق صلاة الجماعة والجمعة في المساجد في هذه الآونة؛ وذلك للحد من انتشار وباء فيروس كورونا الذي تم إعلانُه وباءً عالميّا؛ حيث إنه مرض معدٍ قاتل، ينتقل بالمخالطة بين الناس وملامستهم بسهولة وسرعة، وقد يكون الإنسان مصاباً به أو حاضناً له، دون أن يعلم بذلك أو تظهر عليه أعراضه!
وشدّدت على أنه يحرم الإصرار على إقامة الجمعة والجماعات في المساجد، تحت دعوى إقامة الشعائر والحفاظ على الفرائض، مع تحذير الجهات المختصة من ذلك، وإصدارها القرارات، مؤكدة أن المحافظة على النفوس من أهم المقاصد الخمسة الكليّة، ويجب على المواطنين الامتثال لهذه القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة؛ للحد من انتشار هذا الفيروس الوبائي.
كما أوضحت الدار في أحدث فتاويها أنه قد تقرر في قواعد الشرع أن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح؛ ولذلك شرع الإسلام نُظُمَ الوقايةِ من الأمراض والأوبئة المعدية، وأرسى مبادئ الحجر الصحي، وحث على الإجراءات الوقائية، ونهى عن مخالطة المصابين، وحمَّل ولاةَ الأمر مسؤوليةَ الرعية، وخوَّل لهم من أجل تحقيق واجبهم اتخاذَ ما فيه المصلحةُ الدينية والدنيوية، ونهى عن الافتيات عليهم ومخالفتهم.
وأضافت أن الفقهاء نصوا على سقوط الجمعة والجماعة عن المجذومين ومن في حكمهم من أصحاب العدوى، وأوجبوا عزلهم عن الناس؛ سدّاً لذريعة الأذى وحسماً لمادة الضرر، مع أخذهم ثواب الشعيرة الجماعية؛ اعتباراً بصدق النية، ورعايةً لأعذارهم القهرية، ومكافأةً لهم على كف الأذيَّة عن البرية.
وأشارت إلى أن الشأن في إقامة الجمعة أنها منوطة بتنظيم الإمام وإذنه العام؛ حسما لمادة الفتنة، وسدًّا لذريعة المنازعة؛ لما فيها من السلطة الأدبية، ومع اختلاف الفقهاء في اشتراط إذن الإمام في إقامة الجمعة، إلا أنهم اتفقوا على اشتراطه إذا كان في ترك استئذانه استهانةٌ بولايته أو افتياتٌ على سلطته.
واختتمت الدار فتواها بقولها: «يجب على العلماء النظر في المآلات ومراعاة الواقع؛ حتى لا يتَّسع الخرقُ على الراقع، ولا يجوز الاستهانة بهذا الوباء، ولا التعامي عن انتشار ذلك البلاء، بل يجب التضرع والدعاء، والإخبات والرجاء، لرب الأرض والسماء».