د. مختار مرزوق عبد الرحيم*
من الأخلاق التي حث عليها الإسلام فضيلة التسامح والعفو عن الناس، فهي من الأخلاق الحسنة التي غرسها الإسلام في نفوس المسلمين، وقد قال الله سبحانه وتعالى للرسول الكريم: «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ»، وقال سبحانه وتعالى أيضا في وصف المحسنين {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، ويفهم من هذه الآية أن الذين يكظمون الغيظ والعافين عن الناس، هؤلاء يحبهم الله عز وجل، أما الذين يعتدون على الآخرين ولا يسامحون الناس، فهؤلاء لا يحبهم الله عز وجل، وكثير من الناس يظن أن العفو إنما هو ضعف، ولكن الصواب يخالف ذلك، فالإنسان القوي هو الذي يعفو ويصفح، وهو الذي يستطيع أن يتغلب على نفسه.
ومن هنا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الشريف: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب»، وهناك أمر مهم نبه عليه الرسول في حديث رواه مسلم حين قال النبي «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً»، فالذي يعفو ويصفح ويسامح الآخرين مبشر من قبل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالعزة والرفعة، وهذه العزة والرفعة لا تكون في الآخرة فقط، وإنما تكون في الدنيا والآخرة، فمن أراد أن يعلو شأنه وأن تكون مكانته عند الله تعالى وعند الناس مكانة كريمة، عليه أن يلزم خلق التسامح العفو والصفح، وفي الإسلام أعظم مثال للصفح، عند فتح مكة، عندما جاء هؤلاء الناس الذين فعلوا بالمسلمين الكثير، قال لهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم «ما تظنون أني فاعل بكم، قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال لهم الرسول: اذهبوا فأنتم الطلقاء»، بل إن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عفا عن الرجل الذي رفع السيف عليه، وقال للنبي: من يمنعك مني يا محمد، فقال النبي: الله، فسقط السيف، فأخذه الرسول الكريم، وقال له: ومن يمنعك أنت مني، فقال الرجل: يا محمد أنت أهل للعفو، فعفا عنه النبي الكريم وأطلق سراحه.
* من علماء الازهر