بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2019 12:03ص الحج مشهد من مشاهد الله العظمى

حجم الخط
الشيخ بهيج غزاوي*

إنها أيامٌ مباركة وساعات عبادة وتقوى، إنها الليالي العشر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وغفل عن ذكرها واقتناص أجرها كثير من الناس, قال تعالى: {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وأواخرها بداية لأداء مناسك الحج والعمرة الذي هو شريعة الإسلام وقصداً إلى بيت الله الحرام لأداء كل العبادات المترتبة على كل حاج إلى تلك الأراضي المقدّسة من إحرام وطواف وسعي ووقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ومنى وسائر المناسك إستجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام ولأمر الله تعالى وإبتغاء لمرضاته.
فالحج هو فرض عين على كل مسلم بالغٍ عاقلٍ حرٍّ مستطيعٍ، ذكراً كان أم أنثى، لقوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيها الناس قد فُرض عليكم الحج فحجّوا».
 والاستطاعة تتحقق في أن يكون المكلف صحيح البدن، وأن تكون الطريق آمنة بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله وأن يكون مالكاً ما يكفيه ويكفي من يعيل كفاية فاضلة عن حاجاته الأصلية وما يمكنه من الذهاب والإياب، أكان ذلك عن طريق البر أو البحر أو الجو.
والحج من أعظم الفرائض والعبادات لما فيه من عطاء ومن بذل للخير وتطهير للنفس، وغفران للذنوب وحسبنا فيه قول الرسول الكريم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
وعلى من قدر على الحج أن يبادر إليه لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعجّلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له». ولأن أداء الحج واجب على الفور في حق من استطاع السبيل إليه لظاهر قوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.
وأخيراً وقبل التوجّه لأداء مناسك الحج أو العمرة والعزم على السفر لا بد أن يبادر المسلم أو المسلمة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والمعاصي مع تصميمه على عدم العودة لفعلها وأن يتسامح مع إخوانه ويردّ لهم مظالهم وأن تكون نفقته لأداء المناسك من مال حلال وألا يقصد بحجّه وعمرته سوى وجه الله تعالى والدار الآخرة، وأن يكثر من ذكر الله والحمد والاستغفار والدعاء وتلاوة القرآن وأن يحفظ لسانه من الكذب والغيبة والنميمة والاستهزاء بالناس وأن يقتصر من الخوض في المسائل الدنيوية التي تشغله عن أداء هذه الفريضة الجليلة، فإلى كل من نوى الحج وزيارة بيت الله الحران أن يتعلّم من هذه الفريضة ما أصلح به دنياه ودينه فعاد فعلاً «كيوم ولدته أمه».
* قاضي بيروت الشرعي