أكد المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن موضوعات «فتاوى المرأة» تمثل (25%) من إجمالي موضوعات الفتاوى على مستوى العالم، وجاء ذلك في إطار تحليل المؤشر لأكثر من خمسة آلاف فتوى خاصة بالمرأة على مستوى العالم بشكل عام، وفتاوى رمضان منها بشكل خاص.
وكشف مؤشر الفتوى أن مصر تصدّرت فتاوى المرأة بنسبة (45%)؛ وذلك نظراً لنشاط الهيئات الدينية الرسمية والرد على كل ما يهم المرأة المسلمة في كافة مجالات الدين، بجانب تخصيص مفتيات من النساء وإتاحة أقسام بالمواقع المتخصصة والصحف للرد على القضايا الخاصة بالمرأة، ولفت المؤشر إلى أن الدول العربية والخليجية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة (40%)، كما أوضح أن فتاوى المرأة في الدول الأجنبية جاءت في المرتبة الأخيرة بنسبة (15%)، لافتاً إلى أن طبيعة المجتمعات الأجنبية وقلّة أعداد المفتين وعدم وجود مرجعية دينية كل هذه العوامل مثّلت عائقاً أمام ارتفاع نسب الفتاوى الخاصة بالمرأة في تلك المجتمعات.
فتاوى المرأة في التنظيمات الإرهابية
وحلَّل المؤشر العالمي للفتوى فتاوى المرأة في التنظيمات الإرهابية، مؤكدا على أن فتاوى النكاح تصدّرت فتاوى المرأة عند تنظيم داعش الإرهابي بنسبة (61%)، لافتاً إلى أن معظمها دار حول زواج القاصرات، كما أورد مؤشر الفتوى أقوالاً لعائلات سورية عدّة يشكون من تعرّضهم لضغوط من قِبل تنظيم داعش الإرهابي للموافقة على تزويج بناتهم لمسلَّحي التنظيم.
وأضاف مؤشر الإفتاء أن فتاوى «اللباس الشرعي والزينة» حلّت ثانيةً من جانب تنظيم داعش بنسبة (22%)، حيث أصدر التنظيم الإرهابي عدة فتاوى كانت أشبه بالقوانين في مناطق نفوذه وسيطرته عليها، من بينها وجوب تغطية كل جزء في جسد المرأة، بداية بالوجه ثم باقي الجسد وحتى اليدين اللتين يجب تغطيتهما بقفازات، والقدمين اللتين يجب أيضاً تغطيتهما بجورب، حتى انتهى الأمر بإصدار فتاوى بوجوب ارتداء النساء غطاءً رقيقاً من القماش الأسود فوق أعينهن.
وأوضح المؤشر أن فتاوى «جهاد المرأة» جاءت في المرتبة الثالثة بـ (17%) بين جملة فتاوى المرأة في داعش، حيث أصدر «أبو بكر البغدادي»، زعيم التنظيم، فتوى تجيز تدريب النساء على القتال للمشاركة مع أزواجهن في المعارك حال نقص أعداد المقاتلين.
كما ألقى المؤشر العالمي للفتوى الضوء على فتاوى المرأة في تنظيم القاعدة، وأوضح أن هذا التنظيم يهتم برصد كافة ما يهم النساء من موضوعات، والتي تصدرتها فتاوى «التعامل مع الأبناء وتربيتهم وفقاً للشريعة» بنسبة (32%) ثم فتاوى «التعامل مع الزوج في ظل الصراع مع الكفار» بنسبة (27%).
ولفت المؤشر إلى أن فتاوى (التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في ظل الفتن المنتشرة) جاءت في المرتبة الثالثة بنسبة (26%)، وأخيراً وبنسبة (15%) جاءت فتاوى (التنديد بمظلومية المرأة في أماكن الصراعات).
وحول فتاوى المرأة في رمضان عند تنظيم القاعدة، أوضح المؤشر أن (55%) منها ارتبطت بأحكام الصيام وما يبيح إفطار المرأة، مثل الفتوى القائلة: «إذا خافت الحامل على الجنين، أو خافت المرضع على رضيعها قلّة اللبن أو ضيّعته ونحو ذلك بالصوم، فلا خلاف في أنه يجوز لهما الفطر»، وأشار إلى أن الفتاوى المرتبطة بأحكام المستجدات في الصيام وقضاء أيام رمضان والكفّارة جاءت بنسبة (45%)، ومنها فتوى وردت بمجلة «ابنة الإسلام» تحت قسم «مشكاة الفتاوى أحكامك في رمضان» تضمنت: «عدم جواز استعمال حبوب في رمضان لمنع الحيض لما لها من رد فعل ضار على جسم المرأة».
3% نسبة الفتاوى الرمضانية الخاصة بالمرأة في الدول الأجنبية
وبيَّن المؤشر العالمي للفتوى فتاوى المرأة في الدول الأجنبية، مؤكداً أن فتاوى رمضان مثَّلت ما نسبته (3%) من إجمالي الفتاوى في تلك الدول، وأوضح المؤشر أن (20%) من الفتاوى الخاصة بالمرأة خلال شهر رمضان بدا عليها التشدّد وعدم التصريح بالحكم، وأن نحو (30%) منها بدت متساهلة إلى حدٍّ بعيد.
وأرجع المؤشر ما سبق لعدة أسباب؛ لعلَّ أبرزها قِلّة المفتين في تلك المجتمعات، وعدم وجود مظلة إفتائية معتدلة (كالأزهر الشريف) تجمع حولها الأقليات المسلمة في الغرب، وكذلك عدم وجود وتأهيل مفتيات للرد على قضايا المرأة المسلمة هناك، فضلاً عن انتشار منصات إعلامية وشبكات تواصل اجتماعي تابعة لجماعات وتنظيمات متشددة في تلك البلدان.
وأورد المؤشر نماذج لفتاوى رمضانية بدا عليها التشدّد، مثل فتوى دار إفتاء برمنغهام بوجوب تغطية المرأة وجهها ويديها وقدميها أثناء الصلاة في رمضان، وكذلك فتوى دار العلوم ديوبند بالهند القائلة بأن صوت المرأة أثناء قراءة القرآن «عورة»، وفتواها الأخرى القاضية بعدم جواز تناول الرجال والنساء للإفطار أو السحور معاً في المناسبات العامة أو التجمعات بشكل عام؛ لأن هذا يؤدًي إلى تدهور أخلاقي في المجتمعات.
كما أورد المؤشر فتوى منسوبة لدار الإفتاء الإقليمية بالفلبين أفادت بعدم جواز صيام المرأة الأيام الست من شوال قبل قضائها ما أفطرته من أيام بسبب الأعذار الشرعية خلال شهر رمضان.
التوصيات
وفي النهاية، أكدت وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء والقائمة على عمل المؤشر أن بعض الفتاوى غير المنضبطة تجعل المرأة آلة جنسية غير إنسانية وهي مجحفة بحق المرأة، كما أنها تشكِّل تحدِّياً لسلطة الخالق عز وجلّ، مشيرة إلى أن من شأن ذلك انتشار الاغتصاب والتحرُّش بالمرأة وإخضاعها لفتاوى مغلوطة، ومنعها من الخروج للعمل وزيادة الإنتاج؛ وهو ما يساعد بدوره على انتشار الجهل والتخلُّف.
كما أوصت وحدة الدراسات بوجوب مواجهة فتاوى المرأة الصادرة لأغراض كثيراً ما تكون شاذة وغريبة، مع ضرورة إعمال العقل لهدم خرافات دعاة الدين المتشددين التي ملأوا بها الدنيا وشغلوا بها الناس عن دينهم ودنياهم.