أكد المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي أن أي عملا إسلاميا مشتركا لا بد أن يكون تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، ودعا المجلس إلى تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها مظلة جامعة للدول الإسلامية، تعمل على ردم الفجوات وتجسير العلاقات بين دول العالم الإسلامي، مشدّداً على أن الأمة المسلمة تتطلّع في هذه الفترة الدقيقة إلى المزيد من التلاحم والتعاون.
وأعلن المجلس في دورته الـ 44 التي انعقدت مؤخرا في رحاب الحرم المكي الشريف بمكة المكرمة، بمشاركة ٨٢ دولة حول العالم يمثلون شعوبهم ومجتمعاتهم، عن تأييده لما صدر عن لقاء القمة التاريخية للوحدة الإسلامية الذي عقدته الرابطة بمكة المكرمة في ربيع الآخر من عام 1440 هـ، مستذكراً دعوة المجتمعين من الأمة المسلمة إلى التمسّك بما أرست الشريعة الإسلامية من معاني الأخوّة والوحدة والتحذير من الفرقة وبيان خطرها، وأن الأمة الإسلامية لم تعانِ عبر تاريخها مثلما عانت من محاولات شق صفها.
كما أدان المجلس الأعلى تدخّل بعض الدول في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية أو احتلال أي جزء من أراضيها تحت أي ذريعة كانت، مؤكداً أن وعي المسلمين بدورهم الحضاري المنفتح بإيجاب على الجميع مطلب مهم.
كما أشاد المجلس بالجهود المخلصة التي تبذلها الدول الإسلامية الحريصة على وحدة الصف الإسلامي، مثمّناً جهود العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لدعم مبادرات العمل الإسلامي المشترك ودعم جهود السلام والوئام حول العالم.
من ناحية أخرى، أعلنت الدورة الـ 44 للمجلس الأعلى عن تأسيس جائزة المجمع الفقهي الإسلامي التابع للرابطة، وجائزة «وثيقةِ مكةَ المكرمة»، بقيمة إجمالية مليون ريال سعودي(266.667 ألف دولار أميركي).
كلمات ومواقف
وكان اجتماع المجلس بدأ بكلمة المفتي العام السعودي رئيس هيئة كبار العلماء، الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، نوّه فيها بدور السعودية التي حملت منذ تأسيسها هموم الأمة المسلمة واهتمت بشؤونها وقضاياها وسعت لتضميد جراحها وتوحيد صفها واجتماع كلمتها.
{ وأشاد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بالجهود الإسلامية والإنسانية الكبيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبجهود ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وعلى رأسها خدمةُ الحرمين الشريفين، وخدمةُ الكتاب والسنّة، ونُصرةُ القضايا الإسلامية، وكافةُ القضايا العادلةِ عموماً، إضافة إلى مواجهةُ التطرفِ والإرهابِ (فكرياً وعسكرياً وإعلامياً مع قطع سُبُلِ تمويله).
وأكد العيسى: أن من يمتلكُ الحقيقةَ ليس بحاجة إلى صراع الناس ولا سلبياتِ الجدالِ والسجالِ العقيم، ولا إكراهِهم على دينه أو مذهبِه أو رأيه فـ «لا إكراه في الدين»، وليس بحاجة كذلك لسلبيات ونكدِ كراهيتِهم أو ازدرائِهم أو استفزازِهم.. ومن يمتلك الحقيقة ليس عليه سوى البلاغ وليس بمكلف أن يهدي الناس، فضلاً عن أن يَحْمِلَهم على رأيه واجتهاده.
كما رحّب العيسى بانعقاد هذا الاجتماع لإعلان تأسيس جائزة مجمعها الفقهي، الذي يعتبر أقدم المجامع الفقهية المؤسسية، حيث مضى عليه 44 عاماً، قدَّم خلالَها ثروة فقيهة مجمعية.
وحول جائزة المجمع قال: «سيكون لهذا المجمع جائزةٌ سنوية، هي محل احتفائنا في هذا اللقاء المبارك، وهي لكل من قدَّم خدمة جليلةً للفقه الإسلامي أبرزت تميّزه التشريعي، وقدرتَهُ على التصدّي للمستجدات، على أن تكون تلك الخدمة الفقهية ذات طرح مستنير، يُبرهن على قدرة التشريع الإسلامي على إستيعاب المستجدات كافة، وعلى حكمته ورحمته وسماحته، بخطاب علمي مواكب عصره، مع أهمية رعايته لهُوية الفقه الإسلامي»، موضحاً أن الجائزة ســـتُمنح للأفراد والمؤسسات، بقيمة 500 ألف ريال، مع شهادةِ المنح، ومسكوكٍ يمثل ميدالية الحائزة بشعار الرابطة والمجمع.
وأضاف انه ستكون هناك جائزة بإسم: «وثيقةِ مكةَ المكرمة»، تُمنح للأفراد والمؤسسات ممن قام بمنشط عالمي حول الوثيقة ذي وزن وأثر، أو أعدّ دراسةً علمية متعمّقة ومؤصّلة في شأنها، أو أيٍّ من موادها، وقيمتُها خمسمائة ألف ريال مع شهادة المنح ومسكوك يمثل ميدالية الجائزةِ بشعار الرابطة وشعار الوثيقة».
وأعلن عن زيادة أعضاء المجمع الفقهي؛ ليستوعبَ كبار علماء الأمة الإسلامية، مراعيا في ذلك شخصياتُهم العلمية البارزة دون أوصافهم الوظيفية الرسمية، ليتفق ذلك مع نظام رابطة العالم الإسلامي وينسجم مع كونها منظمة عالمية مستقلة غير حكومية.
بن بيه
{ من جانبه، أشاد الشيخ عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بدولة الإمارات العربية المتحدة رئيس منتدى تعزيز السلم عضو المجلس الأعلى، بمبادرات الرابطة التي تُستعمل فيها كلُّ الوسائل لمعالجة القضايا الإسلامية على اختلاف البلدان والتوجهاتِ، وهي بذلك تنشر السلام وتحقق الوئام بين المجتمعات.
بعدها ألقى الدكتور شوقي علام مفتي مصر عضو المجلس الأعلى للرابطة، كلمة قدّم فيها بخالص الشكرِ وعظيمِ الامتنان إلى رابطة العالم الإسلامي على كلِّ جُهودها المبذولة في خدمة القضايا الإسلامية، ومحاربةِ الفكر المتطرف بكل أشكالِهِ.
جمعة
{ فيما قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري عضو المجلس الأعلى للرابطة: إن المسلمين في حاجة أكبر من أي وقت إلى أن يعملوا على تقوية صلة الناس بالله عزّ وجلّ مع بيان التديّن الصحيح، ونبذ التطرف.
{ بعدها نوّه الشيخ الدكتور أحمد العبادي رئيس الرابطة المحمدية للعلماء في المملكة المغربية عضو المجلس الأعلى للرابطة باجتماع المجلس لمناقشة هموم المسلمين وقضاياهم انطلاقاً من هذه المنصة التي من شأنها أن تقدّم مقترحات وأفكارا تدخل الكثير من الفضل والرحمة إلى عالمنا.
{ وأشاد الدكتور القاضي أحمد زبين عطية وزير الأوقاف اليمني عضو المجلس بجهود السعودية، مؤكداً أن من يعمل خارج المرجعيات الكبرى مثل منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي إنما يغرّد خارج السرب.
{ من جانبه، أكد الشيخ محمد الحافظ النحوي رئيس منتدى علماء أفريقيا، أن السعودية تقود العالم الإسلامي وأنها رائدة في مجال نشر قيم الاعتدال والوسطية.
{ وأكد عضو المجلس الأعلى للرابطة، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الدكتور محمد البشاري أن اجتماع مجلس الرابطة يأتي في وقت تحتاج فيه الأمة الإسلامية لوجود تنسيق متواصل بين قياداتها وزعمائها وعلمائها لجمع الكلمة والصفوف، وتحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، مشيداً بدور رابطة العالم الإسلامي في التعريف بصحيح الدين الإسلامي وتفنيد مزاعم المتطرفين.