بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2019 12:04ص النبيّ القُدوة

الوزير محمد مختار جمعة الوزير محمد مختار جمعة
حجم الخط
د. محمد مختار جمعة*

كان نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم) أحسن الناس خُلقاً، وأصفاهم نفساً، وأحسنهم معاملة، وكان ( صلى الله عليه وسلم) خير الناس لأهله، فكان نِعمَ الزوج، ونِعم الأب، ونعم الجد، فهذه زوجه خديجة (رضي الله عنها) تصفه ( صلى الله عليه وسلم) فتقول: «إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ»، وها هو ( صلى الله عليه وسلم) يحفظ لها عهدها، ذلك أن عجوزاً كانت تزوره ( صلى الله عليه وسلم) فيقوم لها ويكرم وفادتها، فلما سألته السيدة عائشة (رضي الله عنها) عن سر إكرامه لها، قال ( صلى الله عليه وسلم): «إنها كانت تأتينا على عهد خديجة»، وكان ( صلى الله عليه وسلم) يقول: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ».

وكان ( صلى الله عليه وسلم) يعين أهله ويساعدهم في حاجتهم وفي شؤون البيت، تقول السيدة عائشة (رضي الله عنها) كان (صلى الله عليه وسلم): يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.. وقال ( صلى الله عليه وسلم): «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».

وكان  صلى الله عليه وسلم خير الناس لأمته، حيث يقول: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِم)، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ»، ويقول ( صلى الله عليه وسلم): «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً»، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) «أَنَّ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه وسلم) تَلَا قَوْلَ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ  فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي  وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم} (إبراهيم:36)، وَقَالَ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ): {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (المائدة:118)، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ، أُمَّتِي أُمَّتِي» وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: «يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُك».

وقد كان  صلى الله عليه وسلم أحفظ الناس للعهود، وأوفاهم بالمواثيق, وأكثرهم أداء للأمانات، ومن ثم ترك الإمام علي رضي الله عنه ليلة الهجرة ليؤدّي الأمانات لأصحابها من أهل مكة، وهم الذين آذوه وأخرجوه وحاولوا قتله، ولكن لم يقابل  صلى الله عليه وسلم السيئة إلا بالتي هي أحسن.


 * وزير الأوقاف المصري