بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 آذار 2019 12:02ص الوزير مسقاوي في مذكّرته حول مشروع الزواج المدني (3): نصوص المواد تخالف الشريعة الاسلامية وتجعل المجتمع بعيداً عن القيم الدينية

حجم الخط
في العام 1998، وعند إثارة موضوع الزواج المدني حينها تقدّم الوزير السابق د. عمر مسقاوي بمذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء تفند التناقضات والتعارضات الناشئة من تطبيق القانون... حيث أكد في مذكرته أن المشروع برمته فاقد للمعايير الاجتماعية وغائب عن التفكير الواقعي...
«اللـــــــواء الاسلامي» وبمناسبة إعادة طرح مشروع الزواج المدني تعيد نشر المذكرة على حلقات نظراً لأهميتها وقيمتها...
واليوم يتابع الوزير مسقاوي مذكرته في الحلقة الأخيرة ليكمل الحديث عن المواد التي تضمنها هذا المشروع وخطورتها على الأسرة اللبنانية:

الفصل السادس:
المواد 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 المتعلقة بالهجر: هذه المواد مأخوذة من القانون الكنسي وهي مرفوضة في الشرع الإسلامي، لأن الهجر هو ابطال لمؤسسة الزواج نفسها وترك المرأة أو الرجل لمغريات الحياة الشخصية لكل منهما مع قيام الزوجية، وهو يأتي في الشرع الكنسي كعلاج لديمومة الزواج الكنسي وليس كنظام، وبالتالي فإنه يتناقض مع الثقافة والحياة الاجتماعية في مجتمعنا اللبناني.
المادة 48: البنوة الشرعية: تنص المادة 48 على ما يلي: «تعتبر البنوة الشرعية حكماً بثبوت الولادة من زوجة شرعية بعد انقضاء الحد الأدنى...».
بينما تنص المادة 49 على انه: «لا يجوز إثبات عكس ما ورد في المادة السابقة الا بإقامة الدليل على استحالة حصول الاتصال بين الزوجين طيلة مُـدّة الحمل أو على استحالة ان يكون الولد ابناً للزوج لأي سبب كان».
ان هذه المادة تتناقض مع القواعد الشرعية الإسلامية التي تعتبر مؤسسة الزواج مسؤولية في انجاب الأولاد وبالتالي فهي تمنع إقامة أي دليل على نفي النسب في حال قيام الزوجية، لكن خلفية واضعي المشروع تتصور واقع المجتمع الأوروبي الذي لم يعد يقيم أي أهمية للنسب العائلي ولوحدة العائلة في المجتمع والمبني على تفكك هذا المجتمع.
كذلك لم يعد يقيم وزناً للنزاعات التي تكشف عن فضائح تؤثر على حياة الأسرة والاولاد مما ترعاه قواعد النظام الاجتماعي في اطارنا العام.
الفصل الثالث: الإقرار بالنسب: تنص المادة 57 على ان موافقة الزوج الآخر هي شرط لصحة الإقرار. لكنها في الشريعة الإسلامية ليست شرطاً لصحة الإقرار. لأن الإقرار بالنسب بحد ذاته يتعلق بخصوصية المقر من ناحية وباستقرار العلاقات الأسرية من ناحية أخرى.
الفصل الرابع: البنوة غير الشرعية: المواد 60 و61 و62 و63 و64 و65 و66 على احكام البنوة غير الشرعية.
تنص المادة 60 على ان الولد غير الشرعي هو المولود خارج إطار الزواج الشرعي المنظم في هذا القانون، وهذا يعني بأن الزواج الثاني المعقود في المحكمة الشرعية والذي أنتج أولاداً فيعتبرون غير شرعيين بمقتضى هذا القانون.
وهذا يؤدي إلى اضطراب اجتماعي في المجتمع الواحد لاختلاف المواقف بين المحاكم المختلفة حول أولاد شرعيين طبقاً لقرار المحكمة الشرعية وغير شرعيين طبقاً للمحكمة المدنية.،
فضلاً عن ان المادة 66 من هذا القانون تجيز انتساب الولد غير الشرعي لأبيه مع بقائه غير شرعي.
ولا يوجد في الشرع الإسلامي ولد منتسب إلى ابيه ويعتبر غير شرعي.
وهذا يدل على خلفية واضعي المشروع واستلهام القانون الفرنسي الذي يمس البنية الاجتماعية في لبنان.
{ المادة 67: تنص المادة 67 على أمر خطير جداً: لا تقبل دعوى الاعتراف بالابوة:
1 - إذا ثبت شيوع سوء سلوك الام أثناء مُـدّة الحمل أو كان لها في المدة عينها اتصال بشخص آخر.
لا شك بأن هذا الحكم غريب وهو يفقد المعيار في هذا الإطار، لأن سوء السلوك لا ينفي وجود حمل صحيح من أب معروف. كما ان النزاع حول وجود الأب أو ابتعاده عن مسكن الزوجية يطرح مشكلة هامة بالنزاع حول هذه الأمور التي يحسمها الشرع الإسلامي في مؤسسة الزوجية عموماً. وسوف يؤدي ذلك إلى إرباك كبير في الحياة الاجتماعية.
الفصل السادس: نظام التبني: هذا النظام مرفوض نهائياً في الشرع الإسلامي لأنه يدخل في العائلة عنصر غريب عنها وغير مستقر فيها لأنه يُمكن فسخ هذا التبني.
وقد أوضحنا ان زواج الرجل من متبناته جائز في الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى اضطراب في التشريع بين المحكمة الشرعية والمحكمة المدنية طبقاً لهذا القانون.
كما انه يضع موانع للزواج في غير موقعها الصحيح.، وبالتالي فإنه سوف يثير مشكلات في الواقع لها محاذير كبيرة سواء في النزاع بين المحاكم المختلفة أو في الحياة الاجتماعية أو في الخلافات الارثية.
الباب الثالث
يشتمل على احكام الأهلية والولاية المنصوص عليها في قانون تنظيم المحاكم الشرعية والقانون المدني.
بيد ان هذه الاحكام لا تنص على كيفية إدارة أموال القاصر، كما هو في تنظيم المحاكم الشرعية.
الفصل الخامس:
الوصاية على المجنون والمعتوه والسفيه:
بما ان هذا القانون اختياري فإنه لا يصح لأحد ان يختار هذا القانون نيابة عن المجنون والمعتوه والسفيه لفقدان أهليتهم، ولان الأصل في المجنون الذي لم يختر هذا القانون انه تابع للقانون الأساسي المطبق.
الفصل السادس
المفقود، المواد 107 و108 و109
أولاً المفقود لا يحتاج إلى قيّم عليه، فهو ليس فاقداً للاهلية، وإنما يحتاج إلى وكيل عنه لإدارة أمواله، وفقاً للقواعد المنصوص عليها في قانون المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى، وبالتالي فلا يُمكن لأحد ان يختار عنه هذا القانون.
فضلاً عن ان هذا القانون لم يُحدّد المدة التي يعتبر فيها هذا المفقود ميتاً.
الكتاب الثاني
الإرث والوصية وتحرير التركات
{ المادة 110: تنص المادة 110 على انه تطبق على الزوجين اللذين عقدا زواجهما وفقاً لهذا القانون احكام الإرث والوصية وتحرير التركات آحكام قانون الأحوال الشخصية التابع له كل منهما مع مراعاة الاحكام التالية:
 1 - لا يحول مانع الدين دون التوارث بين الزوجين ودون افادة الأولاد.
2 - يبقى اختصاص النظر في قضايا الإرث والوصية وتحرير التركات والنزاعات الناشئة عنها للمحاكم المدنية دون سواها.
ان هذه المواد تضع الإطار القانوني امام بعض التناقضات، فنظام الأحوال الشخصية التابع له كل من الزوجين يمنع التوارث بين مختلفي الدين، فحينما يمنع التوارث فإن الإحالة إلى هذا القانون تبطل مفعول الفقرة التي تجيز التوارث مع اختلاف الدين. فضلاً عن انه ينشئ خصومات مستمدة من واقع العادات والتقاليد اللبنانية.
خاتمة
من استعراضنا للتناقضات والتعارضات الناشئة من تطبيق هذا القانون، نصل إلى النتائج التالية:
1 - ان واضعي هذا المشروع افتقدوا أي معيار فني لاقتراح مشروع اختياري، كما افتقدوا كافة المعايير الاجتماعية في بناء قواعد قانونية تعالج نظام الأسرة، وإنما نقلوا نماذج من هنا وهناك بغير ضابط.
2 - ان هذا القانون الاختياري يطرح نظاماً غير مختار من صاحبه، لأن المشكلة الوحيدة هي زواج المسيحي، وذلك من مسلمة لا يستدعي كل هذه الفوضى التي تثير مشكلات كثيرة، وهذا الأمر يجد حلفه في المادة 25 من القانون 60ل/ر الذي لا يطبق على المسلمين. ولا شك بأن أياً من الذين يرغبون في الزواج المختلط لم يفكروا إطلاقاً في كافة البنود الأخرى الذي يفرضها على المجتمع اللبناني قانون لا خبرة له في الأساس الاجتماعي.
3 - ان القواعد المنصوص عليها في هذا القانون لكي تستقيم، لا بدّ ان تكون قانوناً الزامياً لجميع اللبنانيين وإلغاء جميع القوانين الأخرى، لاستحالة ان يكون قانوناً الزامياً من ناحية ومكملاً لحرية الاختيار. إذ ان من الثابت ان من يدخل في إطار هذا القانون لا خيار له في نصوصه التي تتجاوز قضية الزواج إلى قضية التنظيم الاجتماعي الذي لا بدّ للدولة ان ترعاه وتنظمه وتفعله.
4 - ان الذين يرغبون - لاعتبارات طارئة أو عاطفية - في زواج خارج الكنيسة أو قواعد الشريعة الإسلامية قد وجدوا حلهم في المادة 25 من القانون رقم 60ل/ر، وهو الزواج طبقاً لنظام  اجتماعي خارجي، وهذا لا يمس السيادة الوطنية، لأن الإحالة إلى القانون الأجنبي هي بحد ذاتها تشريع داخلي والمقصود بذلك ان إبقاء الحالات الخاصة بالزواج المختلط في حالة الاستثناء على الإطار الاجتماعي. والاطار الاجتماعي سوف يستوعبه بمقتضى هذا النص، لكن فتح مسارب دون تطوّر اجتماعي شامل يختاره هو مجرّد اقتباس منفصل عن جذوره سوف يهدم البنية الوطنية من أساسها.
5 - ان الذين اعدوا هذا القانون يقرأون الكتب عموماً ويقتبسون عن النماذج دون إنشاء نظرية جديدة، كما يقرأون كتب وافكار القرن السابع عشر والثامن عشر الأوروبي، انهم يفكرون أوروبياً دون أي اعتبار للواقع في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين لما يسمى تجربة الـ Individualisme، الذي بدأ طبقاً لمنطقة يدخل مجالاً جديداً في إطار العلاقات الجنسية والانهيار الاجتماعي الذي افتقد التراث ومن يحدث به ومن يشيع البواعث الجامعة.
فإذا بدأنا نشرع دون سقف اجتماعي جامع، فإن كل الاحتمالات تعتبر منطقية في هذا الإطار. حتى تشريع العلاقات الجنسية بين المتماثلين وتشريع المساكنة الزوجية Concuvinage، وهذا هو الشائع اليوم في فرنسا والمانيا وأميركا. لكن المفكرين في أميركا وأوروبا بدأوا هم أنفسهم يدعون إلى العودة إلى حضن القيم الدينية والتراث.