بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الأول 2019 12:05ص بيان الرَبَاط للمؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء البيئة

إلتزام دول «التعاون الإسلامي» بدعم الأجندة العالمية للتنمية المستدامة

لقطة تذكارية للمجتمعين لقطة تذكارية للمجتمعين
حجم الخط
اعتمد المؤتمر الإسلامي الثامن لوزراء البيئة في ختام أعماله نهاية الأٍسبوع الفائت مشروع (إعلان الرباط حول دور العوامل الثقافية والدينية في حماية البيئة والتنمية المستدامة)، حيث أكد المشاركون في المؤتمر على أهمية تجديد الدول الأعضاء إلتزامها السياسي بدعم الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، طبقا للمبادئ والمرجعيات المتوافق عليها دولياً، وتسخير كل الجهود الوطنية والدولية لتحقيق التنمية المستدامة مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والطبيعية وتفعيل الإرادة السياسية بوصف ذلك شرطاً أساساً لأي نجاح في هذا المجال، بجانب الوفاء بالالتزامات المالية والفنية، وإشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص اعتبارا لدورها المهم في هذا المجال.

كما حثّوا المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات ملموسة بهدف إلغاء الديون، وتيسير الوصول إلى الأسواق ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات، داعين إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للعمل على إنهاء الحروب الداخلية والاحتلال والصراعات التي حدثت في بعض الدول الأعضاء، وما يترتب عن ذلك من تدمير للبيئة والبنيات التحتية للتنمية المستدامة، والرفع من عدد اللاجئين، وتحطيم للمآثر التاريخية وللتراث الثقافي والحضاري، وذلك على أسس عادلة في العمل المشترك وفقاً للمبدأ 23 لإعلان ريو الذي ينص على الحفاظ على البيئة الطبيعية والثقافية للمجتمعات في ظل الحروب والنزاعات، مع العلم باستحالة تحقيق التنمية في غياب الأمن والسلام والاستقرار.

تدابير ضرورية للتخفيف من خطر الكوارث

وسجل المؤتمرون أن الدول الأعضاء، نظرا لطبيعة مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي، تعاني من آثار الظواهر المناخية المتطرفة وما يتبعها من تحدّيات جَمَّة أهمها نضوب المياه، وانخفاض إنتاج الغذاء، وارتفاع مستويات مياه البحار، وموجات الجفاف، ما يستدعي اتخاذ التدابير الضرورية للتخفيف من خطر وآثار الكوارث من زلازل وفيضانات وجفاف وأعاصير وغيرها، وذلك من خلال الاستعداد لمواجهتها بالإنذار المبكر وإدماج استراتيجيات الحد من خطر الكوارث في سياسات التنمية المستدامة على مختلف المستويات، وتشجيع الاستثمار في مجال الحد من خطر الكوارث.

كما أكدوا على تفعيل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وخاصة توصيات مؤتمرات الأطراف حول التغيّرات المناخية في باريس 2015 ومراكش 2016 وما بعدها، وطلبوا تفعيل دور المرفق العالمي للحد من الكوارث، وبنوك التنمية والمانحين والصناديق الدولية، في دعم خطة العمل التنفيذية لتطبيق «الاستراتيجية الإسلامية للحد من خطر الكوارث وتدبيرها»، في إطار التكافل بين الشمال والجنوب لمواجهة آثار هذه الظواهر.

وأكد المشاركون في المؤتمر على تفعيل مضامين «الوثيقة التوجيهية بشأن المدن الخضراء ودورها في تحقيق التنمية المستدامة» الصادرة عن المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء البيئة، وقد تم إطلاق «برنامج الاحتفاء بالعواصم الإسلامية الصديقة للبيئة» الذي تشرف عليه الإيسيسكو، وفق خطة مدروسة تغطي مدناً متميّزة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، بجانب تكريم المدن الخضراء الفائزة بالفرع الخامس حول «المدينة الخضراء الإسلامية» ضمن جائزة المملكة العربية السعودية للإدارة البيئية في العالم الإسلامي، التي تتولّى الإيسيسكو أمانتها العامة.

وأشاروا إلى الدور المهم  للاقتصاد الأخضر في خلق فرص جديدة من «الوظائف الخضراء» في قطاعات اقتصادية متعددة، مثل توليد الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية وإعادة تأهيل النظام البيئي وحمايته والسياحة البيئية، وإدارة النفايات، وغيرها من المجالات التي يمكن أن تسهم في حل معضلة البطالة في أوساط الشباب، ما يستدعي بلورة سياسات لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على التكيّف مع متطلبات الاقتصاد الأخضر.

الالتزام بتحسين وضعية المياه في الدول

وجدّد المؤتمرون الالتزام بتحسين وضعية المياه في الدول الأعضاء، واتخاذ المزيد من الإجراءات التقنية والقانونية في إطار استراتيجية تدبير الموارد المائية في البلدان الإسلامية والخطط المرتبطة بها، ورؤية منظمة التعاون الإسلامي للمياه لعام 2025، وبرامج عمل مجلس منظمة التعاون الإسلامي للمياه، المنبثق عن المؤتمر الإسلامي للوزراء المكلفين بالمياه.

وأوصوا بتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو من التصحر، وأكدوا على أن قضية المياه لا تنفصل عن الأمن الغذائي، الذي يمثل قضية محورية في معظم البلدان الإسلامية.

كما أكدوا على ضرورة تعزيز الوعي بأهمية المنظمات الأهلية والطاقات الشابة الكامنة في المجتمعات، وتعزيز دور المرأة في تفعيل آليات الإنتاج والتكافل الاجتماعي والقضاء على الفقر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

والتزموا بالعمل على تفعيل ذلك عبر الإشراك وبناء القدرات وتأهيل الموارد البشرية من خلال التعليم والتدريب وتنمية المهارات، إلى جانب اختيار أنسب التطبيقات والمشاريع اللازمة، من الناحية الاقتصادية والتقنية، للقضاء على الإقصاء الاجتماعي بكل مظاهره، إلى جانب تشجيع التعاون بين جميع الجهات المعنية في الدول الأعضاء ومع غيرها لتنفيذ برامج مندمجة في إطار أهداف التنمية المستدامة 2030.

ضرورة التنمية المستدامة

وأخذ المشاركون في المؤتمر بعين الاعتبار ما تعرفه الساحة الدولية من عودة لاسترجاع الدور المهم للأديان والثقافات والمعتقدات والأعراف المحلية في دعم الحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف التنمية 2030 وما بعدها، والذي عرف، إضافة إلى ما أنجز في العالم الإسلامي، خاصة منذ «البيان الإسلامي حول التنمية المستدامة» الصادر عن المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء البيئة المنعقد في جدة سنة 2002، صدور البيان البابوي «بيتنا المشترك» سنة 2015، وظهور «استراتيجية الأمم المتحدة للشراكة مع المنظمات ذات الطابع الديني في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة» في 2018، بجانب إنطلاق «بادرة الأديان من أجل الأرض» لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة سنة 2019، ومضامين «وثيقة مكة المكرمة» 2019، وتوصيات ملتقى المدينة المنوّرة حول «دور الخطاب الديني في حماية البيئة» 2018، سعياً لأساليب مبتكرة للانخراط والشراكة مع المنظمات والمؤسسات ذات الصلة في كل أرجاء العالم، كل هذا بجانب ما عرفته الإيسيسكو وغيرها من أنشطة وتجارب في هذا المجال.

وأكدوا على أن التحديات البيئية رغم كونها موضوعاً جديداً في فهم الإنسان واهتماماته العلمية، فإنها تتناسق مع الإجابات الأساسية ذات الصلة حول تحدّيات الحفاظ على البيئة في النصوص الدينية ومبادئ التربية والتنشئة الاجتماعية في كل المعتقدات والثقافات على اختلافها.

والتزموا بالعمل على تعزيز الفهم والقدرة على التواصل البيئي لدى المفتين والعلماء وكذلك الأئمة والدعاة والخطباء ورجال الوعظ الديني، والفاعلين في الجمعيات ذات الصلة. وذلك من خلال الندوات وورش العمل القصيرة وغيرها من الوسائل الإعلامية، لتبسيط معالم الأزمة البيئية وقضية التنمية المستدامة من زاوية علمية ودينية وثقافية وتبيان آثارها الاجتماعية والاقتصادية على مستقبل المجتمعات، بجانب تشجيع البحث الأكاديمي في الموضوع.

 وأوصوا بتبنّي أفضل الممارسات القائمة في العالم الإسلامي أو خارجه في مجال العمل مع المؤسسات ذات الطابع الديني في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال جرد نماذج وخصوصيات تجارب العالم الإسلامي من جهة، وتكاملاً مع استراتيجية الأمم المتحدة وبرامجها التنفيذية في المجال، مثل «بادرة الأديان من أجل الأرض»، بجانب المنظمات الدولية الأخرى كالاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وكذا المؤسسات الدينية العاملة في المجال، كالفاتيكان مثلاً، والاستفادة من تجارب المؤسسات الوطنية والجمعيات العلمية والميدانية في العمل البيئي والثقافي ذي الاهتمام عند المسلمين وغيرهم من الديانات داخل الدول الأعضاء.

واعتبر المشاركون في المؤتمر اعتماد «استراتيجية تفعيل العوامل الثقافية والدينية في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في العالم الإسلامي» بجانب الدعوة لتأسيس «الشبكة الإسلامية للعمل البيئي والتنمية المستدامة» وسيلة لضم الجهود وتبادل التجارب من داخل العالم الإسلامي ومن خارجه، مع المنظمات الدولية والجهوية والوطنية ومع المنظمات الأهلية على اختلاف أديانها وثقافتها في مجتمعات الدول الأعضاء وخارجها، وتشجيع البحث العلمي في الموضوع، وتأطير الدعم المطلوب للمؤسسات ذات الطابع الديني العاملة في مجال حفظ البيئة والتنمية المستدامة.

تحقيق المقاصد الشرعية

واعتبر المؤتمرون أن مبادئ الاقتصاد الإسلامي وأسس التكافل الاجتماعي في شعائر الإسلام، تقوم على تحقيق مقاصد الشريعة في الحفاظ على الأسس الخمس لتوازن واستمرار الحياة الإنسانية، وبالتالي فإن الاقتصاد أداة فعّالة في توجيه إدارة الموارد الطبيعية في التنمية الاقتصادية، وذلك بسبب اعتماد المالية الإسلامية على القطاع الحقيقي الواقعي، الذي يحظر الربا ويشجع على أخذ البادرة باتخاذ إجراءات ملموسة، بهدف رفاهية الإنسان من خلال تنظيم استثمار موارد الأرض على أساس التعاون والمشاركة، كإرث مستدام يجب أن تتمتع به الأجيال المقبلة.

ودعوا إلى حشد جهود التمويل الإسلامي، بما في ذلك الوقف والزكاة وتنظيم عمل الإحسان والصدقات، لتحقيق الأهداف المتعلقة بالفقر والهشاشة خاصة في القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة وفقا لأهداف التنمية المستدامة، كما أوصوا بأن  تكون الأوقاف أكثر إبداعا في تنفيذ واختيار مشاريعها، مثل توفير المياه النظيفة، أو تدبير المحميات الطبيعية، أو الحفاظ على الأراضي العامة لتستعمل كمناطق للزراعة وغرس الأشجار المثمرة أو الغابوية أو تطوير مناطق الرعي.