بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 حزيران 2020 12:00ص طاعة المحبة... وطاعة الخوف

حجم الخط
كان اول عمل قام به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، عند دخوله الى المدينة مهاجرا، بناء المسجد، والمؤاخاة بين الانصار والمهاجرين، هذه المؤاخاة التي زرعت المحبة والمودة في التعاطي بين المسلمين الاوائل، وبالمحبة هذه استطاع المسلمون ان يكونوا على قلب رجل واحد، فتميزت علاقتهم فيما بينهم، وكانوا جاهزين لان ينفذوا اي توجيه نبوي يوجه اليهم، ويطيعون أوامره دون نقاش، وبهم استطاع الرسول ان يفتح البلاد، وان ينشر دين الله في شتى اصقاع الارض.

ومن هنا كان التعاطي بالمحبة اكثر انتاجية من التعاطي بالاكراه والاستعلاء، وكسب القلوب يفيد في تحقيق قدر اكبر من الانجازات، وتعتبر هذه الصيغة في التوجيه والتثقيف قمة في الادب والسلوك ووفرة في كسب النجاح وزيادة الانتاج. 

ويروى ان ابن خريم دخل على المهدي (أيام الدولة العباسية) وكان المهدي قد عتب على بعض اهل الشام، واراد ان يوجه اليهم جيشا يغزوهم ويؤدبهم فقال ابن خريم يا أمير المؤمنين عليك بالعفو عن الذنب، والتجاوز عن المسيء، فلأن تطيعك العرب طاعة محبة، خير لك من أن تطيعك طاعة خوف.

وهذا الذي ذكره ابن خريم قبل عشرة قرون من الزمن، أصبح الآن فناً مستقلاً يدرس في مادة الادارة في جميع جامعات العالم، فلا يمكن ان ينجح المدير في ادارته، ويحقق اهداف المؤسسة باشاعة جو الترهيب والكراهية والرعب والاحقاد بين الموظفين، بل عليه ان يغرس المحبة بين افراد المؤسسة وبينه، وبين الموظفين العاملين بامرته، فلأن يطيعك موظفوك طاعة محبة خير لك ولمؤسستك من طاعتك طاعة خوف ورهبة.

ولا شك ان هناك فرقا كبيرا عندما يعمل العامل وهو يحب عمله والمسؤول عنه، او يعمل وهو ساخط كاره للمؤسسة وكاره للمسؤولية، ينظر الى الساعة باستمرار همه مرور الوقت بسرعة وسوف يتبين الفرق في انتاجية العامل المحب والعامل الساخط.

وما ينطبق على المدراء والرؤساء ينطبق على الاب مع ابنائه، فطاعة الاب محبة له افضل بكثير من طاعته خوفاً... وكذلك الأمر ينطبق على الزوج مع زوجته فطاعتها له محبة افضل بكثير من طاعتها له خوفا من الانتقام او الطلاق.... فالحب في جميع هذه النماذج هوالسر في تحقيق الاهداف ونجاح المؤسسات.



الشيخ عباس محمد العرب