تعاني معظم المجتمعات العربية من التغيير في السلوك الذي ينتشر بين أفرادها، وينبغي علينا توضيح الأسباب وطرق العلاج والبحث وراء هذه الظاهرة، فبالرغم من كثرة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وسهولة توفيرهاوتكنولوجيا الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وكثرة القنوات الفضائية والتطوّر في جميع الوسائل، إضافة إلى خطباء الجمعة في المساجد والدعاة والجامعات والمدارس وتأثيرها المباشر على سلوك الناس، إلا أن المحاولات ضعيفة لتناول هذه الظاهرة بين تغيير السلوك وإنكار السلوك...
الجميع يتعامل مع قضية الإنكار وغير السعي إلى تغيير السلوكيات السلبية، ومن المعلوم سلفا أن الأصل هو التغيير مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، وفي هذا الحديث الشريف مبادئ عظيمة، وقواعد مهمة في بناء السلوك وتعديله، وهذا سيدنا نوح عليه السلام لم ينكر المنكر فقط وإنما سعى إلى تغيير المنكر، وفي هذه يقول المولى سبحانه {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً} ولذلك ما نجده في وقتنا الحالي من بعض السلوكيات المنحرفة التي نشاهدها حاليّا بالطرقات ونحن نقود سياراتنا وفي الشوارع والمقاهي والمجمّعات ينبغي علينا للعلاج أن نعرف مصدر هذه السلوكيات، ومن المعروف أن الإنسان عبارة عن فكرة وقناعة لهذه الفكرة ليتفاعل سلوك الإنسان معها.
لذا ينبغي علينا أن نفهم هذه المعادلة والتعامل مع جميع بنودها لأن نتيجتها سلوك يُطلّ علينا في نهاية المطاف، أمّا المعادلة فهي بكل بساطة (فكرة إيجابية + قناعة إيجابية = سلوك إيجابى)، تُنتج لنا سلوكاً إيجابيّاً، في حين عندما يكون لدينا (فكرة سلبية + قناعة سلبية = سلوك سلبي).
فالسلوك دائماً هو ليس البداية إنما ناتج، وهو فكرة عند الفرد وإلى قناعة بهذه الفكرة تحوّلت عند الفرد إلى سلوك إيجابي أو سلوك منحرف ولذلك نجد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بإصلاح الأفكار، ثمّ حوّلها إلى قناعة في نفوس الصحابة فخرجت النتيجة سلوكاً صحيحاً.
الرّسول صلى الله عليه وسلم عمِل على تحويل القناعة إلى سلوك مباشر، ولذك قيل (كسرت الأصنام في قلوبهم فكسرتها أيديهم)، عند القناعة كسروها بأيديهم، ولذلك معالجة الأفكار كفيلة بتغيير السلوكيات في كثير من الأحيان إذا استطعنا تحويل الأفكار إلى قناعات، تكون معالجة السلوكيات المنحرفة بالفكرة الصحيحة وتحويلها إلى القناعة التامة، فيكون تغيير السلوك المنحرف إلى سلوكيات صحيحة ويكون أيضا بالترغيب والترهيب كالذي جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يريد منه الإذن له بالزنا فماذا قال له (أترضاه لأمّك؟ أترضاه لأختك؟) باستخدام أسلوب المقارنة وتأصيل الفكرة الصحيحة.
البحث في هذه الظاهرة وهي الإنكار وليس التغيير للسلوك تتطلب منّا والجميع ابتداءً من الأسرة والمساجد والدعاة ووسائل الإعلام التركيز على تغيير بعض السّلوكيات والله من وراء القصد.
الشيخ د. علي أيوب
dr.aliayoub@hotmail.com