استعداداً لتولي مصر الرئاسة المقبلة للاتحاد الافريقي جاء قرار الشيخ د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بتشكيل لجنة مختصة بالشؤون الإفريقية بالأزهر واستكمالًا لدور مصر والأزهر في دعم شعوب القارة الإفريقية على كافة المستويات، فالأزهر يؤمن بأن السلام الاجتماعي يتحقق بإقرار مبدأ المواطنة المشتركة الذي يساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.
وكذلك جاء قرار وزير الأوقاف المصري د. محمد مختار جمعة باكتمال معالم خطة التواصل مع الدول الإفريقية في مختلف المجالات..
الأزهر الشريف
{ هذا ويعتبر الأزهر الشريف المؤسسة الدينية الوحيدة التي لها عمق تاريخي وتواجد دائم في إفريقيا، مما ساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات المصرية ــ الإفريقية، عن طريق استمراره في تقديم الدعم التعليمي والدعوي والإغاثي، من تدريب للأئمة والخطباء، وإنشاء معاهد أزهرية ومراكز ومدارس إسلامية، وتسيير قوافل دعوية وفكرية وطبية وإغاثية لمختلف الشعوب الإفريقية، وسوف يُسيِّر الأزهر قوافل أخرى عديدة لتلبية كافة احتياجاتهم، بالإضافة الى زيادة المنح التعليمية للطلاب الأفارقة.
وتختص اللجنة بالعمل على وضع البرامج والخطط والأنشطة التي من شأنها، تدعيم أبناء دول وشعوب القارة الإفريقية، من خلال زيادة عدد المنح المقدمة للطلاب الدارسين في الأزهر، وزيادة أعداد المبعوثين من المدرسين في دول إفريقيا، وتكثيف البرامج التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ بها، بالتوازي مع القوافل الدعوية التي يرسلها الأزهر لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تبثها الجماعات المتشددة ونشر الفكر الوسطي، فضلًا عن تيسير القوافل الإغاثية والطبية للدول الإفريقية الأشد احتياجا، والتي تشهد عجزا في الفرق الطبية لرفع المعاناة عنهم، والعمل على ترتيب عدة زيارات خارجية لشيخ الأزهر لغرب إفريقيا، وبحث إمكانية افتتاح مراكز لتعليم اللغة العربية بها، وتبادل الزيارات بين المؤسسات التعليمية والدعوية في الأزهر ودول إفريقيا.
ويترأس اللجنة الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر والدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والسفير عبد الرحمن موسى مسؤول العلاقات الخارجية بالمشيخة، كما سينضم لها مساعد وزير الخارجية للشؤون الافريقية.
وقد أدت القوافل التي أرسلها الأزهر من قبل إلى إفريقيا دورها على أكمل وجه، وبدأت بقوافل دعوية في السنوات الماضية، ثم جاءت قافلة السلام الأولى وقافلة السلام الثانية، ثم القافلة الطبية الموفدة إلى دولة تشاد، والتي قامت بإجراء 375 عملية جراحية، وفحص أكثر من 24 ألف مريض، تم صرف العلاج لهم بالمجان، ثم القافلة الطبية الموفدة إلى الصومال وجنوب السودان، وقامت تلك القوافل بعمل بعض الندوات لنشر ثقافة التسامح والسلام والعيش المشترك بين أبناء أفريقيا الوسطى، والوقوف على احتياجات المسلمين هناك من الناحيتين التعليمية والدعوية، والعمل على زيادة المنح الدراسية بالأزهر والمساهمة في ترميم المساجد والمعاهد التي دمرتها الحرب الأهلية في القارة. والأزهر الشريف لديه 562 مبعوثاً موزعين على أكثر من 30 دولة إفريقية لتلبية احتياجات القارة من حيث تخصصات العلوم الشرعية واللغة العربية، وبعض التخصصات الثقافية.
مبادرة الأوقاف
{ في سياق متصل أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري أن وزارته أطلقت مبادرة عام 2019 عام الحوار والتسامح الديني في إفريقيا، وسيتم العمل على تفعيل هذه المبادرة على أرض الواقع، من خلال التنسيق والتعاون مع القيادات الدينية بمختلف دول القارة.
وأضاف أن ذلك كله نابع من أصل حضارتنا الاسلامية التي قامت على التسامح وعلى الرحمة وعلى التيسير وعلى القيم والأخلاق وعلى الإنسانية..، ألم يقل رب العزة عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم : «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}. وقال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ»...
وتابع قائلاً: إن الوزارة لديها خطة للتواصل مع الدول الإفريقية، وذلك في عدة مجالات، موضحا أنه في مجال إيفاد الأئمة والقراء للدول الإفريقية، فقد وصل عدد الأئمة الموفدين حاليا 25 إماما، ويكون الإيفاد للأئمة المتميزين الحاصلين على الدكتوراه والماجستير، كما توفد الوزارة خلال شهر رمضان أئمة وقراء إلى بعض دول قارة إفريقيا لإحياء ليالي شهر رمضان وفق ما يصلها من طلبات هذه الدول.
وأوضح ان الوزارة مستعدة لتدريب أئمة ودعاة الدول الإفريقية، وسيكون هناك تعاون في مجال تدريب الدعاة، لنشر الوسطية والاعتدال في ضوء دور مصر الريادي في القارة الإفريقية.
وأضاف جمعة أن الوزارة تقوم بالإشراف الكامل على المركز الإسلامي بدولة تنزانيا، والذي يهدف إلى التوعية الدينية والثقافية في تنزانيا وكل دول الشرق الإفريقي، من خلال مجموعة مختارة بعناية فائقة من مبعوثي الأوقاف ويبلغ عددهم 11موفدا، لتدريس المواد الشرعية والعربية، وتتحمل الوزارة رواتبهم كاملة ورواتب المعلمين التنزانيين المشاركين بالمركز، كما تتحمل الأوقاف النفقات الكاملة على كل الأنشطة بالمركز، الذي يبلغ عدد الدارسين به نحو ألف طالب، ويجري تطوير مبنى المركز بتكلفة مالية قدرها 204 آلاف دولار أميركي.