كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل للعشر الأواخر في رمضان مكانة عالية وكان يجعل لها أهمية خاصة عنده فقد كان يستعد للعشر الأواخر كما قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: بَاب الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ». وقوله: (شد مئزره) هو كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد لها زيادة عن المعتاد، وقيل: هو من ألطف الكنايات عن اعتزال النساء وترك الجماع، والمئزر الإزار وهو ما يلبس من الثياب أسفل البدن، (أيقظ أهله) نبههن للعبادة وحثهن عليها.
هي ليلة أنزل الله في حقها سورة قرآنية تقديراً لمكانتها وعظم ثوابها عند الله وقد حدثنا رسولنا الكريم عن تلك الليلة وأخبرنا أن نلتمسها في العشر الأواخر من رمضان، فمن أدرك تلك الليلة فقد فاز فوزاً عظيماً، أنها «ليلة القدر».. ليلة عظيمة خير من ألف شهر في ثوابها، يتنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم وقد جاء في تفسير القرطبي قوله تعالى: {تنزل الملائكة} أي تهبط من كل سماء، ومن سدرة المنتهى; ومسكن جبريل على وسطها. فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس، إلى وقت طلوع الفجر; فذلك قوله تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم} أي «جبريل» عليه السلام وقيل أن الروح صنف من الملائكة، جعلوا حفظة على سائرهم وأن الملائكة لا يرونهم، كما لا نرى نحن الملائكة.
وهي أيضاً الليلة المباركة التي نزل فيه القرآن الكريم مما يرفع من شأنها وقدرها عند الله فمن أدركها غفر له ما تقدم من ذنبه كما قال صلى الله عليه وسلم : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري ومسلم.
وأن أفضل الدعاء في ليلة القدر كما ورد في الحديث الشريف عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)، وأفضل الأعمال فيها هو قيام الليل والأكثار من الدعاء والإجتهاد في العبادة أكثر من المعتاد والحرص على الصلاة في جماعة والإكثار من الصدقة والأكثار من التسبيح وذكر الله والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد أخفى الله عز وجل عن عباده ليلة القدر حتى يجتهدو في العبادة ويفعلوا الصالحات من العمل يبتغون بها وجه الله فصوموا العشر الأواخر كما ينبغي حتى تدركوا ليلة القدر وتنالو ثوابها وأجرها العظيم عند الله ولا تبحثوا عن ليلة القدر في أي يوم تكون ولكن أجعلوا كل ليلة في العشر الأواخر هي ليلة قدر في الإخلاص في العبادة .
الشيخ محمد الخانجي