بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيار 2019 08:18م للمهولين من مراسيم الإيجارات.. كفوا عن الترهيب

أسود لـ "اللواء": التشريع لإحقاق العدالة وليس لافتعال الأزمات

حجم الخط
ما زالت مسألة صياغة القانون في لبنان مجرد اعتناء بالجانب الشكلي والإجرائي، دون الوصول إلى تطبيق القانون من خلال سن تشريع جيد ومتطور، واضح ودقيق، لا يتضارب مع الدستور، قابل للتطبيق وغير متعارض مع قوانين أخرى. والثابت أن عددا من القوانين في لبنان، عُدل أو سُن اعتباطيا، دون أدنى دراسة لتأثيرها عند التطبيق، وغالبا لا يلحظ المشرع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، او مدى ملائمة تشريعاته مع شرائح المجتمع التي يطالها القانون.

والمعلوم أن ما بني مشوها لا شك في أنه سيكرس ويورث ضبابية، وهو ما أفرزه "قانون الايجار الجديد" الذي أقره المجلس النيابي منذ نحو سنتين، ليطل علينا اليوم بمراسيم جديدة ورثت ثغرات لم يرعاها المشرع آنذاك، وفتحت بابا من التأويلات.

وكما في كل مرة تصدر تشريعات أو مراسيم متعلقة بقانون "الايجارات"، تنقل وسائل الاعلام سلسلة تصريحات عن لسان المالك والمستأجر في آن، تحمل اما مباركة من الفئة المستفيدة أو تهويلات من المتضررين، وهو ما حصل عقب اصدار مرسوم في السابع عشر من الشهر الجاري مُتعلّق بتشكيل اللجان الناظرة في تطبيق الأحكام المُتعلّقة بتطبيق الزيادات على بدلات الإيجارات القديمة.

بالطبع هذه اللجان شُكلت للبتّ في النزاعات القائمة بين المالك والمستأجر بشأن تحديد بدل المثل، وبالتالي تحديد الزيادات على الإيجارات، اضافة إلى تحديد فئات المستفيدة من الحساب.

لكن السؤال الذي لا بد لنا من التوقف عنده، هو كيف ستكون نتائج الأحكام القضائية التي ستبت بقضايا الايجارات العالقة طوال هذه المدة في ظل غياب المراسيم المتعلقة بالحساب؟

أسود
هناك العديد من النواب يصفون جوهر القانون بالـ " خطأ " منتقدين ثغراته منذ اقراره، الا انهم وفي نفس الوقت يستغربون ما يتم تداوله إعلاميا من أحكام مسبقة بحق القرارات القضائية المرتقبة في القضايا المتعلقة بهذا الملف، وتهويل وترهيب من المرسوم، وهو ما أشار إليه النائب زياد أسود في حديث إلى موقع "اللواء" حيث اعتبر أنه "من السابق لأوانه الحديث عن نتائج قضائية بالطريقة التي يتم تداولها في الاعلام، كما انه يجب الكف عن التهويل والترهيب المستغرب".

وشرح أنه "أمام القضاء 3 انواع من القضايا في هذا الملف، اولها تلك التي يتم البت فيها مع الاخذ بعين الاعتبار عدم وجود الصندوق وبالتالي، الاموال غير متوفرة"، مشيرا إلى "النوع الثاني من القضايا الجارية والتي لا تتعارض بأحكامها مع الاحكام الصادرة سابقا".

وشدد على نوع ثالث من القضايا واصفا إياها بغير المحقة " تلك التي تطالب بإسقاط حق التمديد بسبب عدم امكانية دفع بدل المثل المفترض وخروج المستأجر من المأجور، وهو ما لا يمكن ان يحصل، الا بمرور المهلة المعطاة بعدما اقرها المشرع والمتمثلة بـ 12 سنة".

وأكد ان "كل الترهيب من المراسيم التي صدرت وصولا الى عدم انشاء "الحساب" الداعم للمستأجر" لا محل له من الإعراب.

وطمأن أسود المتخوفين من تضارب الاحكام القضائية في ظل المراسيم الصادرة مؤخرا، وقال: " إن كل من رفض الزيادات وتمسك وتحفظ على مفاعيل المادة 52 لا يمكن ان يصدر بحقه اي حكم"، معتبرا أن "كل حكم سيصدر في ظل الثغرات سيكون غير قانوني".

وعن التخوف من اجتهادات قضائية قال: " لا اجتهاد بمعرض هذه النصوص".

من جهة ثانية أكد أسود استحالة تمويل "الحساب" في ظل الوضع القائم وما تمر به البلاد من ازمة مالية وصلت إلى حد الانهيار معتبرا انه "لا يمكن الشروع بمثل هذه المشاريع المكلفة والمعقدة التي تتطلب اموال لا يمكن توفيرها في الوقت الراهن".

ولفت إلى أن "كل من قدم وناقش واعطى تفسيرات للقانون لم يتمكن من الاجابة على السؤال الأساس.. ما هو عدد العقود المسجلة أصولا وغير المسجلة، وما قيمتها؟، وما هي أعمار المستأجرين وفئاتهم؟، لتمييز الفئة المستفيدة من الحساب عن غيرها".

وانتقد أسود إقرار تشريعات دون دراسة معتبرا أن "المشكلة بدأت منذ اصدار القوانين اعتباطيا من دون الرجوع إلى احصاءات وأرقام دقيقة أقلها لمعرفة من هي الشريحة التي يطالها القانون وما هو حجمها، فالتشريع لإحقاق العدالة وليس لافتعال الازمات".

وأشار إلى انه تم "تقديم اقتراح قانون لمجلس النواب وبدلا من دراسته، أرسل الى مجلس الوزراء للبت فيه"، وهو ما اعتبره "خطأ جديد اسهم باستعجال اصدار المراسيم الاخيرة"، مؤكدا أنه " رغم ذلك لا يمكن تطويق او تعطيل الاقتراح المقدم".

آسف معتبرا أنه " كان من الأجدى تشريع "حل” وليس طرح قانون عقدة".

جعارة
لا شك في ان المراسيم الصادرة "بصيغتها"، اثلجت صدور المالكين، الا انها أربكت المستأجرين واثارت حفيظة المطالبين بحقوقهم، هذا ما عبرت عنه المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة في حديث لموقع "اللواء" حيث وصفت المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية بالتطور الخطير الذي "جاء بعد عامين وثلاثة اشهر على صدور قانون الايجارات الجديد رقم 2/2017الذي لا يزال معلقاً تطبيقه على المستفيدين من الصندوق (المستأجرين الذين لا يتجاوز معدّل دخلهم العائلي الشهري خمسة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور) وذلك لحين دخول الصندوق حيّز التنفيذ اذ ان المراسيم الخاصة بالحساب لم تصدر بعد".

وأكدت ان "هذه الخطوة ستضع كثيراً من المستأجرين أمام خيارين: اما بدء دفع الزيادات إمّا التهجير وترك المأجور الى المجهول في بلد لا سياسة اسكانيه لديه".

ولفتت إلى أن المراسيم "تأتي قبل البت بمشروع اقتراح التعديلات المحال من قبل 9 نواب الى مجلس النواب الذي احاله بدوره الى مجلس الوزراء والقاضي بسدّ الثغرات القانونية الكثيرة التي تعتري قانون الايجارات بصيغته الحالية وتدارك نتائجه الكارثية، والقاضي ايضاً بخفض بدل المثل وبإفرار الحق في تعويض عادل وثابت وغيرها من التعديلات المطالب بها على مدى سنوات منذ صدور القانون الاول عام 2014".

وفي سياق منفصل تطرقت جعارة إلى ايجارات الأماكن غير السكنية ولفتت إلى أنه "في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة وفي ظل اقفال عدد كبير من المؤسسات التجارية والصناعية والمعامل يطلّ برأسه إثارة ملف الايجارات غير السكنية المرتبطة بمفهوم المؤسسة التجارية وأهمية الموقع كما أهمية الحفاظ على هذه المؤسسات لتحصين التوّجه الذي يجب أن يواكبه الاقتصاد لجهة تفعيل الاقتصاد الإنتاجي على حساب الاقتصاد الريعي".

وأشارت إلى أن هناك "توجها معاكساً لدى الطبقة السياسية لما رسا عليه قرار المجلس الدستوري الأخير (رقم 1/2019) الذي ردّ الطعن بالقانون المتعلق بتمديد ايجارات الأماكن غير السكنية لمدة سنة من 31/12/2019 والذي ارتكز للتمديد على مراعاة المصلحة العامة وعدم المس بالانتظام العام والذي أكدّ على مبدأ التوازن بين شروط التصرف بالملكية من جهة وشروط المحافظة على المبادرة الفردية التي ترتبط بمصالح فئة كبيرة من مستأجري الأماكن والعاملين في التجارة والصناعة والمهن الحرة والذي أكدّ على الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد والتي تحتّم التمديد".