دقَّ وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني ناقوس الخطر قبل وقوع الأزمة في قطاع الدواء وعجز الوزارة عن تأمينه للمرضى.
فاستمرار تأمين الأدوية المجانية من قبل وزارة الصحة لـ 25 ألف مريض بات مهدداً ما لم يتم تأمين موازنات للدواء، هذا ما أراد حاصباني التحذير منه في مؤتمر صحفي عقده أمس، في الوزارة ، «إذ من غير المقبول ألا يحصل مريض على دواء، أيا تكن الاسباب والظروف، ومن غير المقبول ان نعرض 25 الف مريض يستفيدون من الدواء مجاناً من وزارة الصحة للخطر ونزيد على معاناتهم الصحية القلق على تأمين الدواء».
«فكما ان المرض لا يميز طائفياً او مناطقياً او سياسياً، كذلك العلاج غير معني بالتقشف في الموازنة ولا ينتظر تشكيل حكومة او يحتمل شد حبال سياسي» بحسب حاصباني، مشيراً الى ان «بند موازنة الدواء يعاني من عجز سنوي مزمن بلغ عام 2016 نحو 80 مليار ليرة لبنانية خصوصاً مع ادخال انواع جديدة من ادوية السرطان والامراض المستعصية».
وللحد من هذا العجز، أعلن حاصباني عن أن الوزارة عمدت الى وضع بروتوكولات علمية لوصف الادوية وتخفيض الاستثناءات 63% عام 2017 مقارنة بالعام 2016، وبعضها ناجم عن عدم تأمين الضمان الاجتماعي أدوية لمرضاه والمتوفرة في وزارة الصحة ولدى جهات ضامنة اخرى، وترشيد طلبيات الادوية في الكرنتينا عبر تحديدها بشكل فصلي لا سنوي تحاشياً لتكدس أنواع من الادوية وانقطاع انواع اخرى، فخفضت العجز من 80 مليارا الى 38 ملياراً.
وإذ رأى ان هذه الخطوات لا تكفي وحدها لحل العجز المزمن في بند الدواء، قال: طالبنا تكراراً خلال مناقشة موازنتي العامي 2017 و 2018 برفع الموازنة ولم ترفع بالشكل الكافي، ولا يمكنني ايقاف الدواء عن الناس ايا تكن الظروف، مناشداً الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل المساعدة من أجل تأمين الاعتمادات اللازمة للدواء، فالامر ملح، «وانا واثق أنهم يشاركوننا قلقنا على صحة مرضانا وسعينا للتخفيف عنهم».
وعرض حاصباني «الخطوات التي قام بها في إطار المطالبة برفع ميزانية الدواء وكان أولاها عقد مؤتمر صحافي الاربعاء 3 كانون الثاني الماضي تم خلاله التحذير من خطورة عدم زيادة موازنة بند الدواء. وكانت مطالبة من مجلس الوزراء بنقل اعتماد لزوم بند الدواء من احتياط الموازنة العامة الى موازنة وزارة الصحة اربع مرات: في تواريخ 21/7/2017، و24/1/2018، و9/3/2018 و13/8/2018، ومع ذلك، وعلى رغم المطالبة المتكررة والملحة لم يجدول بند تمويل الدواء على جدول اعمال مجلس الوزراء، في وقت من غير الممكن توقيف الدواء عن مريض مستحق بغض النظر عن الآليات والاسباب. فهناك أكثر من 25 ألف مريض من كل الإنتماءات والمناطق يحصلون على دوائهم للأمراض المستعصية والمزمنة من وزارة الصحة العامة، علما أن عددا كبيرا منهم يكون مرفوضا من جهات ضامنة أخرى لا تؤمن الأدوية المدرجة على وزارة الصحة، فيما يجب أن تكون هذه الأدوية مدرجة كذلك لدى الجهات الضامنة الأخرى ولا سيما الضمان الإجتماعي».
ونبّه الى أن «قدرة وزارة الصحة تتراجع أمام تلبية هذه الطلبات ضمن الأطر القانونية السليمة من دون أن يكون هناك اعتمادات وموازنات في المكان الصحيح»، لافتاً إلى أن «عددا من من النواب كانوا قد اثاروا موضوع بند الدواء خلال الجلسة العامة لمناقشة الموازنة وطالبوا بزيادة اعتماده ولكن لم يضف اي مبلغ الى الموازنة».
وتمنّى «طرح الموضوع على جلسة تشريع الضرورة في مجلس النواب في حال عقدت، وأن تنظر رئاسة مجلس الوزراء ووزارة المال في إيجاد حل لهذه المسألة الإستثنائية في مرحلة تصريف الأعمال. فيجب أن تؤمن الدولة بشكل سليم وكامل الدواء للمواطنين، علما أن وزارة الصحة تستمر في تأمين الدواء بطريقة مدروسة ومقننة، فيما على أي جهة ضامنة أخرى توفير الأدوية وتغطيتها».
حوار
ثم كان حوار مع الصحافيين أوضح فيه نائب رئيس مجلس الوزراء أن «بند الدواء في موازنة وزارة الصحة يبلغ نحو 145 مليار ليرة وأضيف إليه مبلغ 10 مليارات لحالات خاصة كان قد وافق عليها مجلس الوزراء سابقا، ولكننا في حاجة إلى إضافة مبلغ 50 مليار ليرة سنويا لتغطية الحاجات. أما مبلغ الـ80 مليار ليرة الذي تحدثت عنه في المؤتمر الصحافي فهو يشمل مبالغ مستحقة من العام الماضية ومبالغ مستحقة من هذا العام بهدف الإستمرار في السنوات المقبلة بشكل مقبول وسليم».
وإذ تمنّى «عدم الوصول إلى مكان يتم خلاله التوقف عن تسليم الدواء لأن هذا من واجب الدولة اللبنانية تأمينه»، كرّر «أننا بذلنا كل الجهود الممكنة لتخفيف العبء عن موازنة الدواء قدر الإمكان، ولكننا لا نستطيع منع الناس من متابعة علاجهم ومعلوم أن الكثيرين لا يستطيعون تأمين العلاج وحدهم من دون مساعدة. لذا، علينا التركيز على هذا الموضوع لأنه مسؤولية إجتماعية إنسانية ولا يمكن الدولة أن تتخلى عنها، ونحن نطرح إمكان توجيه استثمارات لخدمات معينة في أماكن أخرى إلى الدواء والعلاج نظرا الى الأهمية الإنسانية لهذا الأمر».