لطالما وجّه وزير الإتصالات محمد شقير أصابع الإتهام الى تطبيق واتس اب باعتباره السبب الرئيسي بخفض عائدات قطاع الخليوي للخزينة، ولطالما ترصّد الوقت الملائم للإفادة من تطبيقات تستحوذ على الهامش الأكبر من الإتصالات المحلية والدولية.
ولم يوفّر الوزير شقير مناسبة منذ بداية العام وحتى اليوم إلا وذكّر فيها بتراجع تحويلات قطاع الخليوي للخزينة بنحو 33 في المئة عازياً السبب الى تراجع عائدات شركتي alfa وtouch، بسبب إقبال المشتركين على استعمال خدمة "واتس اب" للإتصال كبديل عن الاتصالات العادية ذات التكلفة العالية.
هواجس شقير على مدى الأشهر الماضية تُرجمت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حين تبنّى الوزراء بالإجماع اقتراح وزير الإتصالات بفرض رسم على استخدام تطبيق واتس اب وكافة التطبيقات الأخرى المماثلة التي تستخدم نظام التخابر عبر الإنترنت مجاناً مثل skype، viber، facebook call، وغيرها.
فرصة الإنقضاض على واتس اب
الإقتراح بحسب مصدر في وزارة الإتصالات كان معدّاً منذ فترة غير أن الوقت لم يكن ملائماً لطرحه لِما يمكن أن يمارسه من ضغوط إضافية على المواطن، غير أن اقتراحه في الوقت الراهن، وفق حديث المصدر لـ"اللواء"، يستند الى خطورة الوضع الإقتصادي وضرورة رفع إيرادات وزارة الإتصالات لتعويض الإنخفاض الذي سببته التطبيقات المجانية منذ العام 2017 وحتى اليوم.
وعلى الرغم من أن تعرفة الإتصالات التي يسددها المواطن اللبناني تعد من بين الأغلى في العالم يؤكد المصدر غياب أي توجه حالياً لخفض تعرفة الإتصالات، علماً أن لبنان لا يزال البلد الوحيد الذي يعتمد مدة الشهر لإعادة تشريج الخطوط الخليوية.. والسبب بكل بساطة هو أن لا بديل عن تلك الإيرادات.
الإقتراح الذي حاز موافقة مجلس الوزراء يتضمن فرض 20 سنتاً يومياً على كل مشترك واتس اب أو اي تطبيق مماثل، وهو ما يعادل 6 دولارات لكل مشترك شهرياً ليؤمن بذلك نحو 216 مليون دولار سنوياً الى خزينة الدولة إذا ما اعتبرنا أن عدد مستخدمي تلك التطبيقات سيبقى 3 ملايين مستخدم.
لكن ما لم يؤخذ بالإعتبار أن فرض رسوم أو ضرائب على أي منتج أو خدمة سينعكس حكماً بشكل سلبي على استخدامها بمعنى أن القدرة الشرائية للسلع والخدمات تتراجع قطعاً نتيجة فرض الرسوم والضرائب، من هنا يؤكد مصدر تقني في حديث لـ"اللواء" أن عدد كبير من المستخدمين ربما يعزفون عن استخدام تطبيق واتس اب أو سواه من التطبيقات ويلجأون الى برامج وتطبيقات على غرار دول أخرى كتطبيق BOTIM وغيره.
اقتراح "فاشل"؟
تلك التحليلات جميعها قد تُنسف بنسف الإقتراح الذي تبناه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بفرض رسم على اتصالات الواتس اب برمته ذلك إذا ما استندنا لآراء خبراء قانونيين يتم تداول بعضها على مواقع التواصل الإجتماعي مفادها أن خدمة الواتس اب والإتصالات عبر التطبيق المذكور هي مجانية بالكامل بحسب سياسة شركة الواتس اب الأميركية، من هنا لا يحق لأي بلد فرض رسوم على تلك الخدمات وهو ما يمكن أن يعرّض لبنان للمقاضاة من قبل الشركة الأم. وذلك يبرّر حظر التطبيق في عدد من دول العالم من بينها الإمارات العربية والصين وليس فرض رسوم على خدمات الواتس اب.
مشروع إلغاء 60 دقيقة
وكان الوزير شقير أكد في وقت سابق بأنه لن يتخلى عن اقتراح مشروع إلغاء الـ60 دقيقة المجانية المعطاة للمشتركين في الخطوط الخلوية اللاحقة الدفع Post Paid، الذي تم تجميده مؤخراً في مجلس الوزراء. فوزير الإتصالات سيعيد طرحه لاحقاً حين تتسنى الفرصة، إذ باعتقاده أن المشروع تم رفضه لأنه لم يُفهم بشكل صحيح.
وبحسب الإقتراح السابق لشقير، في لبنان 4 مليون و400 ألف خط، منهم 600 ألف خط Post Paid، وهذه غالبيتها أي 95 في المئة منها يملكها أشخاص ميسورون، فقط 5 في المئة من الخطوط يملكها أشخاص من ذوي الدخل المحدود. والمشكلة بدأت سابقاً بمنحهم 60 دقيقة مجاناً، من دون وجه حق، تلك الدقائق المجانية تكلف الخزينة 25 مليون دولار سنوياً. ووفق شقير، كانت الخطة تقضي بتوفير 25 مليون دولار من خطوط Post Paid في مقابل استخدامها في مشروع آخر، يتعلق بخفض فاتورة الخطوط مسبقة الدفع. من هنا فإن رفض مشروع إلغاء الـ60 دقيقة المجانية لم يكن مبرراً وفق شقير الذي أكد استمرار الحديث بالمشروع.