تتمثل الحركة بالتعبير الأقوى الى النفس في أدوار الفنانة «مايا السبعلي» القادرة على جذب الانتباه إليها، وإن بدا الدور بسيطاً، إذ تمنح دورها متعة فردية قوامها النفس وتطوّرها عبر الشخصية التي تتقمّصها دراميا بعيداً عن المسرحي الذي اتقنته مع المخرج منير أبو دبس، إذ تمتلك القدرة على استخدام وسائل التعبير النفسي والخلق التكاملي الممكن من خلال الانضباط والتلاحم مع الشخصيات التي تقمّصتها.. ومعها أجرينا هذا الحوار.
{ سيرة ذاتية حافلة بالدراسة النفسية والمسرحية والتمثيل والرقص، مايا سبعلي أين أنت من كل هذا؟
- تقول سارة برنارد لم أقرر أن أصبح ممثلة بل اكتشفت انني ممثلة. بعمر الرابعة عشر اتخذت القرار بأنني سأمارس التمثيل وشاء القدر أن يعود منير أبو دبس الى لبنان، وبدأ بمحترفات في الفريكة وانضممت الى محترفه، وبدأت مع منير أبو دبس حيث اكتشفت عشقي للمسرح. كل ما قمت به في مسرح أبو دبس خدم حياتي الفنية بقوة، وأنا أؤمن بالمحترفات خاصة مع شخص مثل منير أبو دبس، لكن للأسف (هذه المهنة ما بتطعمي عيش) فكان لا بد من التفكير بالجامعة، فاخترت علم النفس التي استفدت منها مسرحيا، وما تبقّى من تفاصيل في صقل الممثل كالصوت وحركة الجسد وهم الأساس في مسيرته الفنية وكل ما قمت به بداية خدم ذلك.
{ التأثير المسرحي اللاشعوري ومايا سبعلي وأهدافها الفنية ما القاسم المشترك بينهما؟ وما المسرحية المؤثرة بك أكثر؟
- هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين المسرح وعلم النفس وعندما اتخذت قرار الدخول الى كلية علم النفس كنت أدرك ان هذا سيساعد بالمسرح، لكن لم أتوقع كل هذه الأشياء المشتركة والفعل الفني بحد ذاته رياضة نفسية، خاصة الآن مثل (ارت تيرابي) و(ارت بسيكو درام) وهو بكل تفاصيله متشابه، لكن بداية أحببت علم النفس لأفهم أكثر الشخصية، وفكّرت جديّا بتأليف كتاب بعنوان «بيت بيوت» لأني أؤمن ان الفنان لكي يستمر بالعطاء لا بد أن يعود لفترة الطفولة وممارسة لعبة بيت بيوت، لهذا اخترت علم النفس رغم انه لم يستطع أن يفسر كل شيء، يقول فرويد: «ان علم النفس يقف عندما يبدأ الفن» لا نستطيع تحليل كل شيء. لكن استفدت في كيفية خلق الشخصية والتعاطي معها من خلال مجموعة من العطايا المعرفية التي ساعدتني في ذلك أثناء دراستي لأفهم نفسي أكثر والحالات التي أمرّ بها، لأخلق التوازن بين حياتي الشخصية وحياتي المسرحية. أما المسرحية التي تأثّرت بها هي بعمر الـ 18 عام 1990 في مسرحية «أوديب الملاك» من اخراج منير أبو دبس وهي لمهرجانات بيت الدين وكانت أول مرة أقف على مسرح مهرجانات، وتأثّرت بالعرض الأول والأقوى ولكن أيضا بعض النصوص مثل «الكراسي» لأوجين ومن اخراج منير الذي يجعل الممثل يشعر انه كل شيء على المسرح وكل الأشياء الأخرى لتخدمه وباستمتاع. وهنا اكتشفت ان لعبة المسرح تشبه لعبة بيت بيوت. وأيضا مسرحية «سوء تفاهم» لألبير كامو ومع النضج نشعر ان بعض النصوص تشبهنا، مثل مسرحية «نرسيس» لديمتري ملكي واخراج شادي الهبر.
{ الدراما ومايا سبعلي ما الأدوار التي حفرت بقوة في الذاكرة لديك؟ وهل أنت راضية؟
- أول دور هو دور له حضور درامي في مسلسل «جنى العمر» للكاتبة ماغي بقاعي واخراج ليليان البستاني هذا الدور أحبه لأن الشخصية كانت حقيقية وبسيطة ومعقدة، والمسلسل من الحقبات القديمة التي أحبها بين الخمسينات والسبعينات وهو دور بنت فقيرة تغتصب وتهرب الى بيروت وفيه تحوّلات كثيرة وقريبة جدا من الحقيقة، لكن أغلب الأدوار التي قمت بتقمّصها تلفزيونيا لا تشبه بعضها لهذا حفرت مكانها غالبا لانها شخصيات بعيدة عن بعضها، ودوري الآن في مسلسل «غربة» و«أولاد آدم» كسجينة تعذّب الأخريات، وانا راضية نعم لاني قمت بما أحبه خلال أكثر من عشرة مسلسلات لأن كل دور مختلف تماما عن الآخر ولا أحب أن أكرّر نفسي ودائما انتقد نفسي.
{ أين أنت من أدوار البطولة خاصة وأنك تذكّرينا بالدراما اللبنانية الحاضرة عربيا بقوة؟
- هذا السؤال للمنتجين، لكن كل دور أقبله اعتبره دور البطولة ولا أؤمن بالنجومية والدور الأول. لكن بالمجمل العام أي عمل درامي يتطلب الجودة بالطاقم الفني بأكمله وأحيانا الدور الثاني والدور الثالث تكون الشخصيات فيه أجمل من الدور الأول، كما اني استطعت إثبات نفسي دراميا وحلمي هو الأفلام على مستوى أكبر.
{ تتقنين التعبير الدرامي وجعبتك مليئة بالأعمال التي تشهد عن ذلك، وما رأيك؟ والى أين تقودك الدراما التلفزيونية؟
- كل خبرة تخدم الشخص وتساعده في التقدّم، ان في التعبير الدرامي أو على المسرح أو السينما، ويتعلّم منه الكثير وأي عمل جديد هو حب جديد بالنسبة لي والدراما التلفزيونية تمنحني إضافات جديدة كلها غنى، والدراما التلفزيونية هي التي تنتج الشهرة وهي المفتاح لتؤدّي الى معرفة الناس بنا أكثر وعلى نطاق أوسع، ونأمل أن تتوسّع الدراما أكثر عربيا والمسرح عالميا لأشارك بمهرجانات عالمية وطبعا السينما أيضا.
{ أهدافك الفنية بشكل عام ماذا تحقق منها وماذا ينتظر؟
- أحب أن أقول أحلام وطموح أكثر من أهداف لاني اتبع مشاعري أكثر وحققت الكثير من أحلامي على المسرح وما زالت الأحلام تستمر ولا سنة توقفت عن الظهور المسرحي، وبالنسبة لي أحلامي هي كل ما أقوم به من أعمال أحبها وأتلذذ بالقيام بها وما زالت الأحلام لا تنتهي خاصة سفر مسرحيات على نطاق واسع عربيا وأوروبيا.
{ مايا سبعلي والمسرح الحديث والوقوف على خشبة ثابتة وهادفة، هل يثمر برأيك المسرح اليوم؟
- المسرح مثمر وما زال وفي فترات ينشط أكثر برغم كل الصعوبات، والحمد للّه آخر كم سنة هو مثمر جدا والمسارح دائما ممتلئة هذا قبل فيروس كورونا ودائما الوجه الفني للبلد هو الوجه الصحي والمهم بالمجتمع. أما وجودي في المسرح فهو التعاطي المهم مع الجمهور واتجهت نحو المسرح العبثي والسريالي الذي لا يتقبّله كل الجمهور، لكن من سنة لسنة جمهور هذا النوع يكبر يوما بعد يوم.