فعلها فيروس «كورونا» وخطف عملاقاً في عالم الإعلام والإعلان في لبنان، رمزي نجار، ليدفع لبنان، مرّة جديدة من قدراته وكفاءاته ورجالاته المميزين ثمن الحرب العالمية على الوباء، خسارة قامة صارعت طويلاً تداعيات الإصابة، على حلبات مستشفى رزق الجامعي في الأشرفية.
وفي وقت اشتهر الراحل بكونه من روّاد ما يعرف بـ «علم التواصل السياسي» والإعلانات التلفزيونية، فإنه أيضا منتج «المميزون»، وهو واحد من أهم البرامج الثقافية، وقد عرضته المؤسسة اللبنانية للإرسال في أوائل الألفية الثالثة. إلا أنه حائز ماجستير في الاتصال الجماهيري، وبكالوريوس في الأدب المقارن والتعليم من «الجامعة الأميركية في بيروت»، ثم بدأ مشواره المهني أستاذا أكاديميا، ثم دخل عالم الإعلان والتسويق، حيث أسّس شركة خاصة بالشراكة مع «شركة ساتشي آند ساتشي» عام 1992 في لبنان.
ومعروف أيضا أن نجار (شقيق الكاتب التلفزيوني والمسرحي مروان نجار) المؤسس والعضو المنتدب لشركة استشارات الاتصالات الاستراتيجة «S2C» منذ 2002، وهو الذي كان شغل منصب رئيس «رابطة الإعلانات الدولية» فرع لبنان، وشارك في تأسيس كلية الإعلان في «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» (ألبا)، وجامعة البلمند.
يُذكر للراحل مؤلفات عدة بينها «فكر على ورق»، «الحركة والسكون: الإعلام والقضاء»، «وجهة نظر وسفر: الإعلام التواصل والربيع العربي»، إلى جانب العديد من الدراسات والتحليلات لصناعة الإعلانات.
مروان نجار ينعى شقيقه
وكان الكاتب التلفزيوني والمسرحي مروان نجار قد نعى شقيقه في تغريدة على حسابه عبر «تويتر» كاتبا: «شقيقي الأصغر والكبير ذلك المارد «المميّز» الجميل رمزي، صِرنا بلا حكمته وحنانه «أقفرت دنياي» فبأيّ ذكاءٍ بأيّ نفاذ رؤية وبُعد رؤيا بأيّ سحرٍ وخبر سعيد».
أسماء تؤبّن الراحل
وقد نعى عدد من الشخصيات السياسية والاعلامية فقيد عالم الاعلام والاعلان والتواصل السياسي، مشدّدين على مزاياه، ومعتبرين أن رحيله خسارة كبيرة للبنان الرائد في الاعلام والاعلان.
{ وفي هذا السياق، غرّد الرئيس المكلف سعد الحريري عبر «تويتر»: «برحيل المبدع رمزي نجار يخسر الاعلام العربي واللبناني مفكرا وكاتبا ومؤلفا طبع اجيالا ومؤسسات برؤيته الثاقبة وخبرته الفريدة، واخسر انا اخا وصديقا سأفتقده وافتقد مشورته لوقت طويل».
{ وفي وداع نجار، كتب رئيس حزب القوات سمير جعجع عبر «تويتر» متوجها إلى الراحل: «شكراً رمزي نجار على كل ما أعطيت للبنان من إبداع وتألُّق وصورة جميلة. شكراً على استشاراتك القيمة بالنسبة إلي شخصياً. وداعاً».
{ كذلك نعاه الرئيس فؤاد السنيورة قائلاً: «المؤسف أن لبنان الوطن الذي أصبح اليوم في خضم أزمة ساحقة وماحقة وعلى كل المستويات، في أمس الحاجة إلى أمثال رمزي المفكر والمبدع والمثابر الذي لطالما كان يستولد الأمل من رحم اليأس والإحباط وفي كل آن».
{ بدوره، غرّد الرئيس نجيب ميقاتي قائلاً: «صديقي رمزي النجار رحيلك المفاجئ آلمني، كما شكل صدمة لجميع محبيك واصدقائك. عرفتك عن قرب صديقا محبا وصاحب خبرة واسعة في مجال الاعلام والاعلان، وستبقى في قلوبنا ووجدان جميع العاملين في هذا المجال».
{ أما رئيس حزب الكتائب سامي الجميل فخاطب «صديقه» رمزي نجار كاتبا عبر «تويتر»: «أكبر من الاستقلال، أصغر من لبنان... هكذا كنت تصف حزب الكتائب. آمنت بلبنان وببيروت «مدينتك العريقة... للمستقبل» حتى النفس الأخير. شكرا لابداعك صديقي، شكرا لانفتاحك وشكرا لنصائحك التي سأحفظها بأمانة. سأفتقد أمثلتك وضحكتك التي تملأ المكان».
{ وكتب النائب نقولا نحاس على «تويتر»: «الموت لا يفرّق إلا الاحبة، يحرمك من دفاء الصداقة وعمق المشورة، يمنع عنك سحر التواصل مع من جمعتك معهم المودة. اليوم الموت اخذ منا صديقا، اخذ منا احد الاحبة، اخذ رمزي نجار الذي كانت لنا سوي امسار طويل في نضالات متعددة. سوف افتقدك كثيراً».
{ ونعى النائب جورج عطاالله، الفقيد، فكتب عبر «تويتر»: «برحيل رمزي نجار يفقد لبنان كما الكورة شخصية ثقافية إعلامية فذة أغنت الوسط الإعلامي والفني بإبداعاتها وغنى فكرها. المسيح قام».
{ من ناحيتها، غرّدت وزيرة الاعلام في حكومة تصريف الأعمال منال عبد الصمد قائلة: «غيّبَ فيروس كورونا أحد عمالقة الإعلام والإعلان في لبنان والعالم. في رحيل العظماء تنطفئ منارة كبرى ولا يبقى لنا سوى مشاعر يعتصرها الألم».
أما الوزيرة السابقة والاعلامية مي شدياق، فكتبت عبر «تويتر»: «رمزي نجار الرجل المثقف، رمز للابداع اللبناني في عالم الاعلان والتسويق، سنفتقد حكمتك ووسعة ثقافتك يا صديقي، وسيفتقد الاعلام كما الاعلان العربي أحد صانعي أمجاده».
{ من جانبه، خاطبه النائب السابق فادي كرم مغرّداً: «برحيلك تفتقد الكورة ولبنان مفكرا وكاتبا وباحثا ترك بصمة كبيرة في عالم الاعلام والاعلان اللبناني والعربي». وارفق تغريدته بهاشتاغ #ستبقى_في_قلوبنا
{ وفي بيان أصدرته نعت الدائرة الإعلامية قي «القوات» الراحل، مشيرة الى انه «هو الذي سطر الكلمات في كتبه التي صارت مراجع تدرس في الجامعات والمعاهد المحلية والدولية. هو الذي حرك السكون الاعلامي في كتابه: «الحركة والسكون: الإعلام والقضاء» 2016، وهو الذي استطاع بمؤلفه «وجهة نظر وسفر: الإعلام التواصل والربيع العربي» في العام 2012، أن يعيد لحمة ما تقطع في العالم العربي لإدخاله في الحداثة والديموقراطية عبر فكره الحر والنير. وأهم ما كتب كان في العام 2018 يوم وضع عصارة حضارته الفكرية على ورق في مؤلفه: «فكر على ورق» عام 2018».
متوسطاً نائب رئيس مجلس النواب السابق النائب فريد مكاري والوزير السابق وليد الداعوق
سيرة ومسيرة
ترك الراحل سيرة زاخرة بالأعمال والتجارب، التي أضافت للقطاعين الإعلامي والإعلاني خبرة كبيرة، فهو حائز على ماجستير في الاتصال الجماهيري (mass communication) وإجازة في الأدب المقارَن والتربية من الجامعة الأميركية في بيروت، وقد بدأ مسيرته المهنية أستاذاً أكاديمياً قبل الانتقال إلى عالم الإعلان والتسويق، حيث أسّس شركته الخاصة في لبنان في عام 1992 في إطار شراكة مع شركة الإعلانات العالمية «ساتشي أند ساتشي».
وساهم فرع «ساتشي أند ساتشي» في لبنان، خلال رئاسة نجار له، في الارتقاء بقطاع الإعلانات في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من النضوج والمهنية، فحصدت الوكالة الإعلانية مجموعة كبيرة من الجوائز المحلية والدولية المرموقة.
وكان نجار أيضاً رائداً في مجال الإعداد والتلفزيون، ولمع اسمه في هذا الصدد من خلال إعداد وإنتاج برنامج «المميّزون» التلفزيوني الثقافي الذي لاقى رواجاً واسعاً في لبنان والبلدان العربية.
وقد أجرى دراسات وتحاليل عدة عن صناعة الإعلانات، منها وضع الميثاق الأخلاقي الذي أُدرِج في النظام الأساسي لنقابة وكالات الإعلان في لبنان. تولّى نجار سابقاً رئاسة رابطة الإعلانات الدولية، فرع لبنان، وشارك في تأسيس كلية الإعلان في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا) في جامعة البلمند.