بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الثاني 2020 02:48م محمد بركات.. عميد الخير العربي الإبداعي والنهضوي والإصلاحي في بيروت المحروسة والعالم العربي

الأستاذ محمد بركات مع كوكبة من سيدات دار الأيتام الإسلامية الأستاذ محمد بركات مع كوكبة من سيدات دار الأيتام الإسلامية
حجم الخط
محمد بركات أحد كبار رواد النهضة الاجتماعية والرعائية والخيرية في لبنان والعالم العربي، وله إسهامات وجهود وبصمات في ميدان العمل الخيري اللبناني والعربي ما لا تحصى وتعد لهذا أطلقت المؤتمرات الرعائية عليه لقب "عميد الخير العربي".

لم يشعر البيارته في يوم من الأيام بأن الأستاذ محمد بركات المدير العام لدار الأيتام الإسلامية بأنه كبقية الموظفين في دار الأيتام الإسلامية أو في بقية المؤسسات الرعائية، وإلا لكانت دار الأيتام الإسلامية تطورت تطوراً متواضعاً خلال عمله في (51) سنة متتاليات (1961-2011)، لذلك اعتُبر رجل الإبداع والنهوض الاجتماعي والإصلاحي، واعتُبر الرجل الذي سينهض بالمؤسسة التي اعتبرها جزءاً أساسياً منه ومن كيانه، بل اعتبر نفسه صاحب مهمة رسولية، لذلك منذ ستينات القرن العشرين طلب من عمدة دار الأيتام الإسلامية (وكلهم من رجالات وقيادات بيروت) أن ينال تفويضاً دون قيود للانطلاق بدار الأيتام الإسلامية ليس في بيروت المحروسة فحسب، وإنما في مختلف المناطق اللبنانية، وفق دراسات ورؤية مستقبلية متطورة على الصعيد الاجتماعي والإداري والمالي والتمويلي والعلمي والهندسي، وبعد مضي أقل من خمسين سنة، وقبل أن يغادر دار الأيتام الإسلامية- مؤسسات الرعاية الاجتماعية، كان قد حقق جميع ما وضعه في رؤياه المستقبلية، ذلك هو "عميد الخير العربي" رجل الإبداع والنهوض والإصلاح الإجتماعي، إنه النهضوي محمد بركات.

وباستطاعتي القول، بأن محمد بركات كان في ستينات القرن العشرين مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبقية الأصدقاء من القوميين العرب، أحد شباب الحركة القومية العربية التي كانت شعلة مدوية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وبالرغم من ذلك، فقد رأى أن التفرغ للنهوض بالعمل الاجتماعي والرعائي في بيروت المحروسة ولبنان، إنما من صلب أهداف القومية العربية

فآثر التفرغ للمؤسسة التي أعطاها كامل التضحيات المطلوبة من أجل عملية البناء والنهوض: بناء الإنسان وبناء المؤسسات.

وبعد، فمن هو محمد بركات "عميد الخير العربي".

× هو بإيجاز:

1- من مواليد بيروت المحروسة 1935، زوجته المربية الفاضلة المرحومة رأفت الحكيم، أولادهما: صالح، دانية وآية.

2- والده الحاج صالح بركات أحد تجار بيروت المحروسة.

3- تلقى دروسه من الروضة إلى الثانوي في كلية المقاصد الإسلامية وأتمها عام 1952.

4- ما بين الثانوي والجامعة، عمل مع والده الحاج صالح بركات في التجارة والصناعة، تابع أثناءها دورة تخصص في الإدارة الصناعية في ألمانيا.

5- تخرج من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1961 حاملاً دبلوم الدراسات العليا في الاجتماع والتاريخ. ثم تابع دورتين دراسيتين: الأولى بدأها في باريس ثم أتمها في بروكسل عام 1964، والثانية في جامعة شيكاغو عام 1970.

6- انتخب عضواً في الهيئة الإدارية لجمعية متخرجي المقاصد ومسؤولاً عن نشاطاتها الثقافية، معززاً دورها في استقطاب المجتمع وفي إصدار وتحرير مجلة "المقاصد".

7- نشط في لجنة تحرير المغرب العربي إبان ثورة الجزائر، كما مثّل لبنان في مؤتمر الشباب الآسيوي الأفريقي في القاهرة أواخر الخمسينات.

8- واكب انطلاقة وتجدد النادي الثقافي العربي، عضواً نشطاً في إطلاق معرض الكتاب العربي.

9- كان له في أواسط الخمسينات نشاطه القومي العربي وفي إصدار مجلة "الحرية" ذات الطابع القومي في بداياتها، ثم تركها مع بدء عمله في دار الأيتام.

10- تمتد شبكة علاقاته الواسعة في العديد من الأقطار العربية، وما يزال يتابعها مع أصدقائه الكثر وفيهم من بلغ مراتب رئاسية وقيادية في الاقتصاد والفكر والأدب والسياسة والخدمة العامة، وقد وظف هذه الشبكة للخير والنفع العام والرعاية الاجتماعية.

11- عند إتمامه الخامسة والعشرين من عمره شاءت الصدفة أن يعيّن في مطلع العام 1961 مديراً عاماً لدار الأيتام الإسلامية، فكان أصغر المدراء العامين سناً.

12- عاصر أربعة رؤساء عمدة هم: المرحوم محمد علي بيهم، والمرحوم شريف سوبرة، والرئيس السابق الأستاذ فؤاد البزري والرئيس الحالي الأستاذ فاروق جبر، وعشرات الأعضاء متعاوناً معهم، حاملاً المسؤولية بشغف والتزام بأهداف وقيم المؤسسات.

13- أكرمه الله تعالى بنجاح واتساع دار الأيتام الإسلامية من مركزها الوحيد عام 1961 في طريق الجديدة إلى ما هي عليه اليوم منتشرة في المناطق اللبنانية، وقد واكب تمويل وبناء وتسيير 51 مجمعاً ومؤسسة ومركزاً ومبرة في 51 عاماً.

14- عمل بهمة وعزم على بلوغ مؤسسات الرعاية المكانة المرموقة بين مؤسسات العمل الأهلي في لبنان، المتمتعة بدور قيادي معترف به من الهيئات والتنظيمات العربية.

15- اختير بإجماع (650) مؤسسة وهيئة عربية رمزاً ورائداً للعمل الأهلي العربي مع الدكتور عبد الرخمن اليوسفي (رئيس وزراء المغرب)، الدكتورة عزيزة حسين (المرجع في الشؤون السكانية والإنمائية)، الدكتور عبد الرحمن السميط (مؤسس ورئيس لجنة مسلمي افريقيا)، والسيدة سميحة خليل (القطب البارز في العمل النضالي الفلسطيني من أجل فلسطين).

16- استمر محمد بركات متفرغاً للمسؤولية التي تحملها معتزاً وفخوراً بها 51 عاماً، أهم ما يضاء عليه في شخصيته أنه حمل وآمن بالرسالة الإنسانية والوطنية والخيرية، عاملاً بمهنية والتزام وبروح التطوع.

× محمد بركات المقاصدي بامتياز:

لقد تأثر محمد بركات خلال مسيرته بعدة مؤثرات منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- بأسرته الإسلامية المؤمنة، حيث كانت تقيم في منطقة رأس النبع.

2- بأساتذة المقاصد من الروضة إلى التعليم الثانوي.

3- بالأسواق التي قضى فيها مع والده حتى سن الخامسة والعشرين، لا سيما سوق سرسق بين أعوام (1952-1961).

4- بمجتمع دار الإيتام الإسلامية في الطريق الجديدة.

5- بالحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع البيروتي واللبناني والعربي.

وبالرغم من هذه المؤثرات غير أن محمد بركات ما يزال يتباهى بأنه مقاصدي بامتياز، بل مقاصدي من الألف إلى الياء، لأن ثقافته نمت وتوسعت مع مدارس وأساتذة المقاصد، لأنه قضى سنين طويلة في مدارس المقاصد: من الروضة إلى التعليم الثانوي.

لقد أشار إلى العمق العلمي والثقافي والاجتماعي الذي نهل منه العلوم والثقافة والوطنية والقومية: بأنها المقاصد وأساتذتها بالدرجة الأولى، ولقد أشار إلى بعض هؤلاء الأساتذة وفاءً وتقديراً منه إلى هؤلاء أصحاب الرسالة البررة:

1- الأستاذ محمد شبقلو.

2- الأستاذ خالد الأسطة من المربين والمعلمين الأفذاذ.

3- الأستاذ المربي الكبير رشاد العريس (بابا رشاد).

4- الأستاذ شفيق جدايل أستاذ مادة اللغة العربية.

5- الأستاذ محمد أبي شقرا أستاذ اللغة العربية الجليل، وهو الشاعر والأديب وواضع نشيد المقاصد "عهدنا بالمقاصد في ظلال المعاهد".

6- الأستاذ الموسيقار محمد فليفل صاحب الأناشيد الوطنية والعربية المرموقة.

7- الأستاذ سليم العويني أستاذ الجغرافيا الذي كان له الفضل بتعريف الطلاب المقاصديين إلى جغرافية لبنان ميدانياً.

8- أستاذ التربية البدنية الأستاذ عارف الحبال الأكثر شهرة في لبنان والعالم العربي.

9- الأستاذ تيسير قباني أستاذ الخط والحساب.

10- الأستاذ عبد الحفيظ طباره أستاذ مادة الحساب وكان يوصف بالأستاذ الحازم والصارم.

11- فضيلة الشيخ محمود الشميطلي العالِم المتميز.

12- أساتذة البعثة الأزهرية من مصر ومنهم فضيلة العلامة الشيخ فهيم أبو عبيه رئيس البعثة الأزهرية، وفضيلة الشيخ محمود طيرة، وفضيلة الشيخ محمد الشّهال وسواهم.

13- الشاعر الأستاذ عبد الحميد زيدان الذي أطلق نشيد "العلى للعرب" من تلحين الأخوين فليفل، وقد تلقى الجميع تهديداً من المندوب السامي الفرنسي بنفيهم إلى معتقل المية ومية، وقد رُحّل فعلاً الشاعر زيدان إلى مصر.

14- العلّامة الدكتور عمر فروخ.

15- العلّامة الدكتور زكي النقاش أستاذاً ثم ناظراً.

16- الأستاذ محي الدين الجميل.

17- الأستاذ محمد عباس أستاذ اللغة الفرنسية.

18- الأستاذ محمد جمال الدين أستاذ اللغة العربية.

19- الأستاذ المهندس محمد غزيري أستاذ الرياضيات، أستاذاً ثم وزيراً.

20- الأستاذ عادل باقر أستاذ اللغة الإنكليزية.

21- الأستاذ منير عيدو معلم الرسم.

22- الأستاذ محمد طبارة مسؤول المكتبة.

23- الأستاذ المهندس ابراهيم عبد العال أحد أهم كبار المهندسين في لبنان والعالم العربي وهو الذي ارتبط اسمه بمشروع نهر الليطاني.

24- الأستاذ فضل حركة من أبرز الأساتذة والنُّظّار.

25- الأستاذ مواهب فاخوري.

26- الأستاذ عمر عجم.

27- الأستاذ حسن اللادقي.

28- الأستاذ عبد الله المشنوق أستاذاً ثم مديراً ثم نائباً ووزيراً.

أوضح محمد بركات إلى هؤلاء الأساتذة البررة وفاءً وتقديراً وتكريماً لجهودهم، وتأريخاً لأسمائهم وأعمالهم ورسالتهم المقاصدية "كي لا ننسى"، من كان له فضل كبير على جيل مقاصدي كبير خلال القرن العشرين.

من خلال أساتذة المقاصد في علومهم وتخصصاتهم المتنوعة ندرك لماذا تميز محمد بركات في حياته العلمية والعملية، لأنه سلك طريق المقاصد، طريق العلم والأخلاق والوطنية والعروبة والقومية.

لقد زرع أساتذة المقاصد في محمد بركات وعشرات الآلاف من الطلاب البيارتة واللبنانيين بالإضافة إلى العلم الرصين والصحيح، زرعوا فيهم المبادئ والثوابت والقيم العليا والأخلاق وحب الوطن الصغير وحب الوطن العربي الكبير.

محمد بركات: لك منّا كل التقدير والاحترام لانتمائك وإخلاصك ووفائك للمقاصد، ولأساتذة المقاصد البررة من أهل العطاء.

× المناصب الاجتماعية والرعائية والإنسانية:

1- أمين عام رابطة المياتم ودور الإيواء والتدريب المهني والتقني.

2- أحد مؤسسي جميعة تنظيم الأسرة، ورئيس لجنة الإعلام فيها.

3- أمين عام ملتقى الهيئات الإنسانية غير الحكومية في لبنان.

4- استشاري مشارك في مؤتمر وزراء الشؤون العرب لعدة دورات.

5- رئيس الاتحاد اللبناني لرعاية الطفل.

6- عضو الهيئة الوطنية لشؤون التغذية والغذاء.

7- عضو مجلس عمدة أزهر لبنان.

8- رئيس المجلس الوطني للخدمة الاجتماعية.

9- عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى لسنوات طويلة.

10- أمين الاتحاد العربي للاختصاصيين الاجتماعيين.

11- مؤسس وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية للمواطنة.

12- عضو الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين.

13- عضو اللجنة الوطنية للسكان.

14- عضو الاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية الصم.

15- عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي.

16- أمين عام مؤتمر الخير العربي.

17- أمين عام الملتقى العربي لكبار السن.

18- عضو منتخب في مجلس أمناء الشبكة العربية للتنظيمات الأهلية.

19- نال العديد من شهادات وميداليات من اتحادات وهيئات محلية وعربية.

× أوسمة وشهادات التكريم:

1- وسام الأرز الوطني من رتبة فارس عام 1972 الذي قلّده إياه الرئيس صائب سلام في عهد الرئيس سليمان فرنجية (1970-1976) عام 1967.

2- وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط عام 1982 الذي قلّده إياه الرئيس شفيق الوزان في عهد الرئيس الياس سركيس (1976-1982).

3- وسام الاستحقاق الفضي عام 2003 الذي قلّده إياه الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود (1998-2007).

4- وسام الاستحقاق المذهب الذي قلّده إياه الرئيس نجيب ميقاتي في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان (2008-2014).

5- إقامة الرئيس رفيق الحريري حفلاً مركزياً في السراي الكبير تكريماً للأستاذ محمد بركات وكان لي كلمة في هذا الحفل التكريمي.

6- أقامت مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان – دار الأيتام الإسلامية حفلاً تكريمياً مركزياً ضخماً للأستاذ محمد بركات بعنوان "51 سنة على مسار الازدهار" وذلك يوم الجمعة في 5 تشرين الأول عام 2012 في قصر الأونيسكو، بحضور شخصيات رسمية واجتماعية لبنانية وعربية.

7- أطلقت عمدة مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان- دار الأيتام الإسلامية ومديرها العام معالي الدكتور خالد قباني اسم "مجمع بركات" على مركزها الرئيسي في منطقة الطريق الجديدة وذلك في 12 كانون الأول عام 2013 تكريماً وتقديراً على جهوده وتضحياته في انطلاقة المؤسسة خلال (51) سنة.

8- دكتوراه من جامعة المقاصد تكريماً وتقديراً لجهوده الوطنية والإنسانية والخيرية والعلمية.

× مؤلفاته ومقالاته ومشاركاته العلمية:

1- كل ما كتبه وأصدره محمد بركات على مدى سنوات عمله محفوظ جيداً لتستفيد منه الأجيال القادمة وذلك في المدونة التي أصدرها في آذار 2012 والتي تعتبر بجزأيها من أهم ما حققه "خمسون سنة من التطور في مأسسة العمل الإنساني الخيري، وقائع وثوابت ودروس

مستفادة من الحاضر للمستقبل"، وكذلك المجلدات الثلاثة التي تتضمن أبحاثه التي قدمها في مؤتمرات وندوات وعددها مائة بحث وبحث.

2- أهم ما يعتز به محمد بركات هو "الثوابت العشرة" التي استمدها من الرعاية، ثم صاغها من تاريخ وحاضر المؤسسات وتابع تطبيقها والالتزام بها، وبمجرد التعمق بهذه الثوابت، يظهر بأنها حصيلة تطور مؤسسات الرعاية ورسوخ مكانتها في المجتمع.

3- مؤلف كتاب "الإدارة ومهماتها في المؤسسات الاجتماعية"، ضمن سلسلة منشورات مصلحة الإنعاش الاجتماعي ومنظمة اليونيسف عام 1969.

4- كتاب "محمد بركات –سنوات التحدي" الصادر عام 2020، وهذا الكتاب يتناول فيه جوانب من تجربته العملية والحياتية، وهو يؤرخ بإيجاز تجربته في الرعاية الاجتماعية في لبنان والعالم العربي والإسلامي لنصف قرن ويزيد، وسيتبعه بإذن الله إصداران آخران حول ما تراكم عند محمد بركات من مذكرات وشهادات عن التحولات السياسية والاجتماعية في النصف الثاني من القرن العشرين

5- منظم 53 ندوة ومؤتمراً وطنياً وعربياً في الرعاية والعمل التطوعي ما بين عامي 1962 و2011 وستة مؤتمرات تخطيطية لتطوير مؤسسات الرعاية آخرها خطة الأعوام 2011/2020.

6- باحث ومشارك في مؤتمرات وملتقيات عربية ودولية متخصصة منها: الندوة السكانية في الأزهر الشريف، المؤتمر العالمي للسكان في القاهرة، قمة التنمية الاجتماعية في كوبنهاغن، مؤتمر مركز الدراسات العربية والاستراتيجية في أبو ظبي وغيرها.

7- كتب عشرات الأبحاث والموضوعات التي وضع فيها من خبرته في الإدارة الاجتماعية والتخطيط التواصلي مع الرأي العام، وعن مفاهيم الخير المعاصر والرعاية الأسرية المجتمعية والمؤسسية.

8- مبتدع أوسع الوسائط الخيرية انتشاراً ومنها: الملصق الرعائي، الإمساكية المصورة، اللوحة الشارعية، الزينة المنيرة، الفيلم الوثائقي عن المؤسسات الأهلية، الإنشادية الهادفة، الموسم الخيري، فرح العيد، الشعار السنوي، مجسم في الساحات العامة.

× من أقوال محمد بركات:

من أقوال الأستاذ محمد بركات الكثير من الحِكم والعِبر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- "الكثير الذي تحقق جاء برضا الله وبثقة المجتمع وبتجاوب عمدة المؤسسات التي هي مصدر القرارات واعتماد الخطط والموازنات، كما أن نهوض المؤسسات مدين للعاملين المخلصين الذين حملوا المسؤولية في أصعب الظروف وأصعبها بكل شجاعة وتعاون".

2- "إن نجاح دار الأيتام في جانب مهم من مضامينه عائد لمشاركة المرأة، وقد احتاج ذلك إلى جهود متنامية وإلى مثابرة حتى أمكن ترسيخ دورها ومكانتها".

3- "في حاضرنا الكثير مما نفتخر به ونعتز، وعلينا أن نكتشف ما يزخر به المجتمع من الإشراقات للإنطلاق نحو النهوض، الذي أوله امتلاك رؤية وصوغها في خطة وتنظيم وآلية تنفيذ".

4- "إنني مقتنع بالشعب الذي أنتمي إليه بكل فخر، وأنا منشدّ إلى وطني الذي ما بدلته ولا فكرت في غيره، لقد استهوتني الحياة مع الناس وبينهم مستمتعاً بانتمائي إلى لبنان".

5- "لقد تصديت لمشكلات صعبة كان حل بعضها، في نظر البعض، مستحيلاً، ولكنني آثرت المواجهة كيفما هي السبل سهلة أو معقدة، وبذلك تحققت نجاحات كثيرة خففت من ويلات الفقر والتخلف والتفكك والإعاقة، وركزت اهتماماتي على تطوير مؤسسات الرعاية، ببث الأفكار الجديدة والمبادرات الجريئة".

6- "كان دخولي إلى دار الأيتام مصادفة، أما كيف تحولت المصادفة إلى عمل مستمر ومستقر لأكثر من نصف قرن، فالجواب عليه أنني أحببت العمل، ووجدت نفسي فيه، لدرجة الاقتناع وكأنه يفتش عني، وكأنني كنت أحلم به. وهكذا نشأت علاقة عشق بيني وبين هذا العمل".

7- "إن تاريخ دار الأيتام هو تاريخ الخير وسجلاتها هي سجلات الخيرين".

8- "سيبقى العصر الذهبي لدار الأيتام آت في المستقبل".

9- "دار الأيتام حركة مستمرة لصد الفقر والبؤس والتخلف، في السلم كما في الظروف الصعبة".

10- "دار الأيتام للخير والرعاية والتنمية والمشاركة".

11- "دار الأيتام تعمل في الحاضر وللمستقبل على قواعد العلم والنهوض والاستقرار".

12- "الإحسان ارتقاءٌ بمن يحسن إليهم".

13- بعد كل ما أتم وأنجز يقول الأستاذ بركات: "تبقى المؤسسة الأكبر التي تتوج جهدي وجهادي هي مؤسسة معنية، أتطلع أن تنشأ بمشيئة الله في فترة حياتي، إذ ستمتلئ نفسي بالتقدير والتكريم والرضى عندما أرى مؤسسات الرعاية الاجتماعية تتابع انطلاقها وبدوني لتكون أهم وأكبر وأحسن.

هذا ليس تحدياً لأحد، لأنه تحدٍ لي وأنا أسأل الله الذي منّ عليّ بالتوفيق والنجاح، أن تستمر مؤسسات الرعاية منظمة اجتماعية ومجموعة خيرية وإنسانية على مساحة هذا الوطن تنفذ خطة تطبقها بأحدث الأساليب لتوفير حاجات المجتمع، وأنا أشارك هذا الوقت متعة رؤية الإنجاز الكبير، وقد أصبح فيه محمدات ومحمدون كلهم فيهم البركة والبركات".

14- "وأخيراً، فقد حملت دار الأيتام ثقافة المشاركة والعمل الخيري والتنمية من ضمن رسالتها الإنسانية، وقد كان لمحمد بركات الدور في ذلك بتجاوزه المعايير الموصوفة لعمل المدير عبر إبداعاته في الرعاية والعلم والفن، وتنوع نشاطاته، وهو الذي يردد دوماً بأن "الأفعال يجب أن تسبق الأقوال"، بدليل أنه لم يكن ليعلن عن أي مشروع جديد أو خدمة مستحدثة قبل وضعهما موضع التنفيذ أو قبل مباشرة العمل الفعلي. ومنذ بدايات عمله كان يجيب على تساؤل البعض، إلى أين دار الأيتام؟ قائلاً: أنها تسير نحو مزيد من التطور.

كتب وروّج لشعار "سيبقى العصر الذهبي لدار الأيتام آتياً في المستقبل". وعند سؤال بركات عما تحقق خلال عمله لدار الأيتام، يجيب بأنه حتى الآن تحقق الكثير، ولكن ما يمكن تحقيقه أكثر".

× محمد بركات وتحدي الصعاب

وبعد، فإن رائد العمل الخيري في بيروت المحروسة ولبنان، يتميز بالتحدي الدائم لكل من هو شاق وصعب، فهو رجل التحديات من أجل النهوض بالمجتمع وبالتحديد النهوض بدار الأيتام الإسلامية.

في كتابه الجديد "محمد بركات سنوات التحدي" يقول في مواجهته عن التحديات التي واجهته خلال (51) سنة (1960- 2011):

عشتُ معظم سنوات حياتي وأنا أبادر إلى التّحدي إثباتاً لقناعاتي، أو أواجه التّحدّي دفاعاً عنها.

شاركت في مقتبل العمر في خوض غمار إدخال المتخرّجات في جمعيّة مُتخرجي المقاصد الإسلاميّة.

أوّل نشاطاتي العامّة، كان انتمائي إلى الجيل المؤسّس لحركة القوميّين العرب. وفيها تكوّنتْ لي صداقات مع أرقى شخصيّات المجتمع العربيّ، فسافرتُ وكنتُ ألتقي برفاق لي من القوميّين العرب.

دخلتُ عالم دار الأيتام في سن الخامسة والعشرين، وتحدّيتُ مقولة المدير المصريّ السّابق اسماعيل سلام: "الله، هم العمدة جايبين حتّة عيل صغير عشان يدير المؤسّسة دي!".

آمنتُ بأهميّة مشاركة المرأة في نهوض دار الأيتام في ظلّ سيطرة ذكوريّة كاملة في حينه، وبذلتُ جهوداً فائقة من المثابرة والإلحاج حتّى تزايد وجود المرأة ونمت جذورها وقويت في تربة العمل، وربحتُ التّحدّي بعد مشاركة المرأة، وقيامها بالأدوار الناجحة في كلّ مجالات العمل، ما ساهم في ازدياد وتيرة نهوض دار الأيتام، واحتلالها أرفع المراكز.

ربحتُ التّحدّي، عندما كانت دار الأيتام خالية من المزروعات والأزهار، ومقتصرة على الأشجار الشّوكيّة. وتركتُها والحدائق تملأ أرجاء مؤسّسات الرّعاية، وتضفي عليها البهجة والجمال، وفيها أكثر من أربعة آلاف شجرة من أشجار لبنان، معظمها من الأشجار الدّائمة الاخضرار.

ربحتُ التّحدّي، عندما غيّرتُ مفهوم العمل الرّعائيّ ومؤسّساته العاملة من مفهوم "المَسْكنة" إلى مفهوم "الأنسنة"، وذلك عبر اعتماد منهج الإسعاد، واستبعاد أجواء البؤس والحزن الظّاهرة في الملابس الدّاكنة الموحّدة، ولون المباني القاتم، ومسح الطّابع الجنائزيّ عن أطفال الدّار. وشتّان ما بين خروج الأطفال في الجنائز وبين خروجهم في المواكب الرّمضانيّة الفَرِحة.

ربحتُ التّحدّي، بعد اتّصالات طويلة ومُضنية مع العديد من الأطراف، عبر مساواة أولاد دار الأيتام بأولاد سائر النّاس من خلال خطوة تربوية بامتياز، تتلخص بإرسال أولاد دار الأيتام إلى المدارس العاديّة بدل إبقائهم منعزلين داخل جدران المياتم. وبهذا الدمج بين أطفال الدّار وأطفال المدارس التي قصدوها، أصبح اليتيم صاحب امتداد، لا صاحب حضور متقوقع في الدّار.

وربحتُ التّحدّي، حين تمكّنتُ من إدخال تغذية الأطفال باللّحوم إلى جانب الحليب والحبوب والخضروات.

وربحتُ التّحدّي، عبر تحويل الملاجئ التي كانت تشبه قلاع العصور القديمة، القابعة خلف أسوار يعلوها شريط شائك ونباتات ذات أشواك، لتحجب عمّن فيها من الأطفال والمشرفات الدّاخليّات كلّ رؤية إلى الخارج، وكأنّهم أسرى. فأطلقتُ سياسة البواب والسّجلّات المفتوحة التي تتيح للمتبرّعين والدّاعمين الإطّلاع على شؤون الدّار وعملها ونشاطاتها ونفقاتها.

ربحتُ التّحدّي، حين غيّرتُ النّظرة إلى المطبوعات الملوّنة المصوّرة على أنّها بذخ غير مجدٍ، وصرف أموالٍ في غير محلّها. فأصبحت الوسائط الإعلاميّة التي ابتدعتُها معتمدة ومُقلّدة في لبنان والوطن العربيّ.

ربحتُ التّحدّي، حين دمّرتِ الطّائرات الإسرائيلية ما كان قد تمّ إنجازه في صرح مجمّع إنماء القدرات الإنسانيّة في عرمون عام 1982. وقفتُ حينها على تلال المنطقة وأنا أردّد بأعلى صوتي في وجه طائرات العدوّ وعربدته: "بمستطاع العين أن تقاوم المخرز! سنعيد بناء الصّرح مهما كلّف الأمر!" أشهرتُ التّحدّي حتّى النّهاية...

ربحتُ التّحدّي، حين تمكنتُ في خلال اثنتي عشرة ساعة فقط من إنجاز العمليّة الأوّليّة لتوسيع دار الأيتام بمساحة تبلغ حوالي أربعة آلاف متر مربّع إضافيّة. كان ذلك عبر تأمين جرّافة بدأتْ بحفر التّلّة الرّمليّة خلف المركز الرّئيسيّ لدار الأيتام في الطريق الجديدة، وذلك بالتّزامن مع إقناع المتعهّد المُكلّف بشقّ أوتوستراد بشارة الخوري من إفراغ حمولة مئة وخمسين شاحنة من الركام الحجريّ النّاتج عن مشروعه، في المكان حيث تعمل الجرّافة. وكنّا سعداء بإنجاز العمل في وقت قياسيّ؛ وسُرَّ المتعّهد بالفرصة السّانحة إذ وجد مكاناً قريباً لرمي الرّكام.

ربحتُ التّحدّي، حين استلمتُ إدارة مبانٍ قديمة صُبغت جدرانها باللّون الفحميّ خشية أن يلوّثها أطفال الميتم، فتركتها زاهيةَ الألوان مُشرقة. واستعفيتُ من عملي في المؤسّسات بعد أن زرعتُ، بحمد الله وتوفيقه، إحدى وستّين منشأة ومؤسسة ومركزاً، زاهية مزدهرة منتشرة في أرجاء لبنان، ضمن منظومة طوعيّة وطنيّة ذات مهامّ خيريّة إنسانيّة رعائيّة وخدمات متعدّدة ومتخصّصة، تشارك في نهوض المجتمع وتنميته. وقد تجاوزتْ قيمة ممتلكاتها العقاريّة اليوم مائة وخمسين مليون دولار، وقاربتْ مساحة عقاراتها المليون متر مربّع.

محمد بركات: لكم من المجتمع البيروتي واللبناني والعربي كل التقدير والاحترام والودّ والوفاء والإخلاص.