تتنوّع أعمال الفنان «فرهاد اهرانيا» (Farhad Ahrarnia) لتشمل عدة ثقافات ترتبط بالبيئة أو المكان، وربما تمتد الى فكرة الايديولوجيات المرتبطة بالعديد من الأفكار التي يعالجها بالفن البصري المتأثر بالهوية الإنسانية أو لا، إذ تتضح اللغة البصرية في أعماله من خلال الأشكال التي يحرّرها في فضاءات لوحاته التي تختلط مع ألوان تضفي على الأحاسيس الكثير من المشاعر، المتعاطفة مع أشكال تتصف بتغيّرات طفيفة تميل الى الابتكار الفني في الرؤية والحركة المندمجة ضمن التغييرات أو المفارقات بين شكل وشكل، ليوحي بتعدّد الثقافات واختلاف الشعوب وتوحّدها ضمن فكرة العولمة المفتوحة بصريا على الكثير من المفاهيم العامة والخاصة، وفق استراتيجية تعبيرية هي للإيحاء بالغموض الإنساني وآليات هويته الفردية، لينقلنا الى الإنسانية عامة من خلال هويته الفنية التي تؤدّي الى تحقيق المفهوم غير المحدود تشكيليا أي من الممكن تطويرها لتنفتح اللوحة الى اللامحدود من الألوان والأشكال القابعة تحت ضغوطات الريشة بمعنى تقارب المفاهيم الإنسانية بين الفن والحياة من خلال اللغة البصرية التي يرسمها «فرهاد اهرانيا» لتحرير الهويات من الايديولوجيات كافة من خلال الشكل واللون والغموض الفني.
تتميّز أعمال «فرهاد اهرانيا» بالتنوّع الفني والتشارك الغربي والشرقي، ليدمج الافتراض مع الواقع من نظرة استشراقية حديثة دون أن يترك الشكل الهندسي جانبا، بل يدفع بالأشكال الى نحو الاختلاف، وبديناميكية تتضاد من خلالها المفاهيم الأخرى، وان لامس في جوانب عديدة عدة أساليب تمسّك بها، ليوحي بتعدّد الثقافات والشعوب، وما تحمله كل منها من جماليات ما هي إلا التماسك الاجتماعي في كل منها، وبتوظيف ينصهر الجزء بالكل من خلاله، فتتكوّن رؤية فنية حسية يصعب فهمها لأنها تتفاوت تبعا للأجزاء المتداخلة مع بعضها البعض بأسلوب مرن ودقيق، ليحقق عدّة مستويات بصرية، وكأنه يشير الى المستويات الإنسانية التي يجب أن تندمج مع بعضها لتتألف النفوس، كما ألوانه الباردة أكثر من الحارة والهادئة في الكثير منها. فهل يحاول الاستنكار لإبعاد الفروقات السلبية عن الإيجابية، ويعطي الدهشة مكانة تعبيرية كتلتها الهندسية معقدة؟
ايديولوجيات فنية ترمز للتنوّع الفني وأشكاله الديناميكية وفق تجمعات ذات توسّعات بالخطوط تنطوي كل منها على معنى مختلف! ان بصريا أو فنيا أو اجتماعيا أو حتى بنظم هي نوع من التضامن الإنساني الذي يبرز في أعماله، وان أعطاها المنحى التبادلي في المضمون والأسلوب بمعنى ما بين المضمون والأسلوب والإشارات الرمزية بين الغرب والشرق والمعاني المشتركة بينهما، وأبرزها الفن والموسيقى أو الإيقاعات البصرية التي تمثل كل إنسان، ومدى تذوّقه للجمال في مختلف الأماكن، وعند أكثر الأعراق وحتى ضمن تبادل القديم والجديد أو الدمج بينهما، وبمعنى آخر أيضا تبادل الأجيال ضمن العلاقات الزمنية وفوارقها حتى بالفن دون انحلال بالقيم الجمالية التي يحافظ عليها «فرهاد اهرانيا» ليثير الجماليات ويضعها إنسانيا موقع التلاحم بعيداً عن التناحر والتوترات البصرية الأكثر تطرفا من حيث الألوان، ليعطي الزمن المعاصر عدة اتجاهات أسلوبية في الخطوط والرؤى أي الابتعاد عن الخطوط المفككة التي تشير الى التلاحم الاجتماعي الذي يسعى إليه في لوحاته، ليضع رسوماته في عالم فني لا يتم فصله عن بعضه البعض، وان تنافرت الألوان أحيانا أو الأشكال، لهذا نجد ان أعماله في غالبها هي مصطلحات للغة البصرية التي يعتمدها كرسالة يوجهها للعالم، لتكون للإنسانية نموذجا أو إشارات أكثر جدلية في عالم الفن. فهل من نهضة إنسانية يسعى لإظهارها «فرهاد اهرانيا» في أعماله؟
الفنان «فرهاد اهرانيا» (Farhad Ahrarnia) غاليري جانين ربيز (Galerie Janine Rubeiz).
dohamol@hotmail.com