بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 نيسان 2018 12:03ص موقف البيارتة من الثورة ضد السلطان عبد الحميد الثاني 1908 - 1909 لمروان فليفل

تسليط الضوء على مرحلة هامة من التاريخ العثماني

حجم الخط
معرفتي بالأستاذ باسم مروان فليفل تعود إلى عدّة سنوات، منذ أن نال شهادة الليسانس من كلّيّـة الحقوق والعلوم السياسيّـة في جامعة بيروت العربيّـة، وإذا به يصل بعد فترة وجيزة إلى كلّيّـة العلوم الإنسانيّـة – قسم التاريخ – في جامعة بيروت العربيّـة، وبعد أن قدّم نفسه، بحضور الزميل الأستاذ الدكتور محمّد علي القوزي، تبيّن لنا أنّه لا يرغب أن يكون محاميًـا أو قاضيًـا، بل يودّ أن نأخذ بيده ليكون مؤرِّخًـا.
ومن الأهمّيّـة بمكان القول، إنّ قسم التاريخ أُعجِب إعجابًـا واضحًـا بـهذا الشاب البيروتي – اللبنانيّ، والذي يعمل أساسًا في مكتبة الجامعة الأميركيّـة، ونال شهادة الحقوق من جامعة بيروت العربيّـة، ويودّ متابعة الدراسات العُليـا في التاريخ.
وبدون أدنى شكّ، فإنّ أحدًا لا يتّخذ مثل هذا القرار، إلاّ إذا كان فعلاً من العاشقين والمغرَمين لعِلم التاريخ. وبالفعل، فقد قام قسم التاريخ بتكليفه بموادّ في التاريخ وفي منهج البحث التاريخيّ لمدّة سنة هي السنة التأهيليّـة استنادًا إلى قرارات الجامعة، واستنادًا إلى القوانين والقرارات المرعيّـة الإجراء.
وبعد أن أمضى السنة التأهيليّـة بنجاح، وأمضى السنة التمهيديّـة لشهادة الماجستير في التاريخ بنجاح لافت ومميَّز، فقد تقدّم إلى قسم التاريخ يرغب بتسجيل رسالة علميّـة في التاريخ العثمانيّ، وبنتيجة مناقشات في عدّة جلسات عن موضوعات في التاريخ العثمانيّ، فقد تمّ الاتّفاق بيني وبينه على تسجيل موضوع رسالة الماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر بعنوان: «موقف البيارتـة من الثورة ضدّ السلطان عبد الحميد الثاني» 1908 – 1909
لقد تمّت مناقشة رسالة الطالب باسم مروان فليفل، ونال على الرسالة والمناقشة تقدير «ممتاز»، بعد أن أمضى المدّة المحدَّدة في البحث والمطالعة والتفتيش، وجمع الوثائق والمستندات والمعلومات من المصادر والمراجع التاريخيّـة.
هذا، وقد سعدتُ كثيرًا كمشرف على الرسالة، عندما علمتُ بأنّ مؤسّسة «دار نلسن» قد قرّرت طباعة هذه الرسالة كي تتحوَّل كتابًـا علميًّـا مهمًّـا، يسلّط الضوء على موضوع مهمّ من الموضوعات العثمانيّـة، لأنّ تاريخ الدولة العثمانيّـة ما يزال بحاجة إلى الكثير من البُحوث والدراسات والرسائل والأطروحات العلميّـة. وبـهذه المناسبة، لا يسعني إلاّ أن أتوجّه بالشكر الجزيل لمؤسّسة «دار نلسن» لتبنّيها نشر الدراسات التاريخيّة الجادّة، ومن بينها دراسة الأستاذ باسم مروان فليفل الذي أتمنّى له التوفيق والنجاح، لا سيّما وأنّه يتابع معي دراسته لنيل أطروحة الدكتوراه في التاريخ العثمانيّ أيضًـا، والتي سيناقشها – بإذن اللـه – قريبًـا.
لقد تناول الباحث الأستاذ باسم مروان فليفل في دراسته : «موقف البيارتة من الثورة ضدّ السلطان عبدالحميد الثاني (1908 – 1909)»، الكثير من الموضوعات المتعلّقة بدراسته، ومن بين هذه الموضوعات :
الفصل الأوَّل: أوضاع بيروت وأهلها خلال العهد الحميدي (1876 – 1909)؛
الفصل الثاني: أسباب الثورة ضدّ السلطان عبد الحميد الثاني وأسباب عزله عن العرش (1908 – 1909)؛
الفصل الثالث: موقف البيارتة من الحُكم العثمانيّ في عهد السلطان عبدالحميد الثاني  ومن خلعه 1909.
هذا، وقد أنهى الباحث دراسته المهمّـة بخاتمة واستنتاجات، توصّل من خلالـها إلى معلومات ونتائج غير مسبوقة تُنشَر للمرّة الأُولى، لا سيّما لجهة موقف البيارتـة من الدولة العثمانيّـة، ومن السلطان عبد الحميد الثاني، ومن الثورة ضده عام 1908، وحادثة خلعه عام 1909. كما ألحق الباحث بالدراسة ملاحق وثائقيّـة، فضلاً عن مصادر ومراجع الدراسة باللغتَين العربيّـة والأجنبيّـة.
والحقيقة، فإن الكتاب يوضح مدى الاحترام والود المتبادل بين السلطان عبد الحميد الثاني والبيارتة، وقد قامت بلدية بيروت بين أعوام (1876-1909) باتخاذ مبادرات وقرارات تتضمن تكريم السلطان عبد الحميد الثاني، ومن بينها إِقامة السبيل الحميدي (مكانه اليوم تمثال الرئيس رياض الصلح) وبرج الساعة الحميدية عند مدخل السراي الكبير، وإِقامة الحديقة الحميدية، والسوق الحميدي وسواه. كما شارك البيارتة خلال عقود طويلة بالدفاع والقتال في ساحات الحروب دفاعاً عن الدولة العثمانية، وقد أبدى البيارتة استياءهم من المؤامرات البريطانية والفرنسية والصهيونية والماسونية والدونمة وجماعة الاتحاد والترقي ضد الدولة العثمانية، ومن ثم في الثورة ضد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908، وفي حادثة خلعه عام 1909 حيث تأكد مشاركة اليهود في هذه المؤامرة، لأن السلطان عبد الحميد الثاني رفض إنشاء كانتون يهودي في فلسطين، ولم يوافق على الهجرة اليهودية والاستيطان اليهودي في المدن الفلسطينية لاسيما في القدس الشريف، وقال بحدة «القدس مقدسة مثل مكة المكرمة، ليذهب اليهود مع ملايينهم، لأن فلسطين ليست للبيع...».
لذلك، تآمرت القوى الصهيونية مع القوى المحلية والدولية وقرروا خلع السلطان عبد الحميد الثاني المعارض الأول للحركة الصهيونية وأهدافها، وحامي حمى القدس الشريف وفلسطين.
وبـهذه المناسبة، فإنّي لأرى بأنّ مؤسّسة «دار نلسن» قد أصابت في قرارها الذي اتّخذته لنشر دراسة الباحث باسم مروان فليفل الذي أتنبّأ له بمستقبل ناجح وزاهر كمؤرِّخ بيروتيّ ولبنانيّ وعربي في ميدان الدراسات التاريخيّـة ومن بينها الدراسات العثمانية.
بيروت المحروسة،
في 6/4/2018