تآمر عليّ الصبحُ واللّيلُ معاً..تحت ظلال الزيزفون الذي لا ينبت إلّا في الحكايا القديمة، تجلّى ظلّي مهجوراً وحيداً كصعق البرقِ لمّا يهصرهُ السحابُ الأسود.. في يوسف أقاويلُ الغدرِ التي بيّتوها له.. فتسلّلوا إليه من دلفتي السَّبَطِ وأردوه وحيداً.. ذنبه أنّه رأى الكواكبَ والشمسَ والقمرَ له ساجدين.. فكالوا له الويلَ وكانَ جسورا.. تآمرَ عليَّ الصبحُ والقمرُ والفصولُ بتعاقبِها.. ولم يقرّ الشجرُ ببوحي وكأنّني أفلتُّ من قبضةِ تاريخٍ لم يلفظه الكونُ يوماً.. فشقَّ الغسقُ في كبد الفضاءِ جرحاً كلون البرتقال وكطعمِ البينِ الكامد.. يا يوسف.. إن شحَّ يوماً قنديلُ الحكايا على عتبة البيوت الحجريّة القرميديّة الجارفة للزمن.. ستجدُ حكايتك في مرآة الذين حولك يحوّقون أهواءهم عليكَ بدائرةٍ من رماد... وسيجدون ذواتهم في روحك السامقة السقيمة.. كلّ ما في طيّات الحكاية من خيرٍ ومن شرٍّ يملكه الجميع بما فيهم نحن... وما الأرواح إلإنسانيّة إلّا انعكاسات المرايا الضالّة عن الحقيقة والسراب...
يا يوسف.. في أجواقٍ مجنّحةٍ للغيمِ تضمّها في قبضِ الريحِ تلابيبُ الفضاء.. يسكنُ وجعي.. تصرّمت الآمادُ من حرقةِ الصبر وابيضَّ مفرُقها شيباً.. وما زلتُ كما أنا... أكيلُ الحنينَ من نسيجِ ولهي... ما زلتُ شاعرةً في طريقٍ مجدبةٍ من الحب الذي ولّى وجهه عنّي..
هو لمْ يفتحْ ساعدهُ الأسمرَ للرّيحْ...
لم يكتوِ بالجمرِ على شفَةِ الغسقِ الغاربْ...
لم يلوِ رقابَ الأطيارِ على الأفنانِ تصيحْ...
لبسَ الأطمارَ بلا شجنٍ..
حشدَ الأقمارَ جراراً من الخمرِ الخائبْ..
*********
يا يوسفَ إنَّ الرّيحَ مضتْ..
ذَرَأَتْنا من قبضِ اليأسِ الحاشدْ..
سجدَ الكونُ الجاثي لك حبّاً..
لي من قحطِ الطلِّ الطيرُ الشاردْ..
ما بي أسلو العيشَ الباقي لي..
بين الجدرانِ نداءاتٌ لم ترجعْ..
لمْ يبتغِ ودّي إلّا... الحاقدُ والحاسدْ...
يا يوسف..
نسرين بلوط