تمر نوبل في خاطري. صوتها هذا العام كان خافتا رغم أن صاحبها اخترع الديناميت. فالقتل ليس بالضرورة أن يُحدث جلبةً أو يثير دخاناً من حوله. الفيروس مثل كورونا المستجد أشد فتكاً من البارود وأكثر حشمة. على الأقل صوته ليس عورة. ولأن المعركة اليوم هي مع هذا الشبح العالق بين رئة العالم وضميره، مرّ نوبل كالكرام على خيمة البشرية. أما عندنا نحن العرب، فلا أرى أن شيئاً قد تغيّر. فقد تعودنا أن يمر علينا كذلك.
ولكل شعب من دهره ما تعوّد على تقدير حكمة المتنبّي. وأسأل من لا يزال يؤمن بالسؤال: أليس هناك عربيٌ اليوم يمكنه أن يفيد الإنسانية بشيء؟ أليس بيننا شخص (رجل كان أم امرأة) يقول للبشرية هاكم خذوا كتابيَ؟ أليس ثمة أفكار عربية أو مخترعات عربية أو حتى أحلام عربية تنشر أجنحتها في سماء هذا العالم؟ ألهذا الحد أصبحت أجنحتنا مهيضة وأصبحنا بذلك عالةً على العالم؟ وأسأل نفسي أيضاً وكل من يصبر معي على أوجاع الأسئلة: أي جوائز عسانا نستحق اليوم؟ جوائز الموت ربما؟ أم جوائز الأرض المحروقة؟ أم جوائز الدويلات المعطوبة؟ ما هو نوبل العربيّ الذي نتأمّل فيه بعد؟ حتى وقت قريب كنا نعتقد أن قلوبنا لا تزال مطويةً على صفحة واحدة، فاذا بها شتّى بأكثر مما يحتمل الدم الواحد. وحتى وقت قريب كنا نتصور بأننا نتكلم بلسان مشترك مبين، فاذا بنا في بابل عربي مبين لا أحد منا يفهم الآخر أو يثق به.
لقد أخطأنا في فهم أشياء كثيرة تشبثنا بها عن جهل وعن تعصب. ولا شيء في الأفق يشي بأننا على سبيل الخروج من هذا النفق الذي يودي بنا إلى التهلكة. ماذا يعني أن تكون عربياً اليوم؟ أي فصاحة بعدُ تليق بنا وأيّ بيان نطلع به على العالم؟