صار مايك بومبيو أمس أول وزير خارجية أميركي يزور هضبة الجولان السوري المحتلة ومستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، مكرّساً خلال زيارته الاستفزازية من جهة والوداعية من جهة أخرى إلى الشرق الأوسط إرث ارئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ودعمه الثابت لإسرائيل.
ووصل بومبيو إلى المنطقة الواقعة على الحدود السورية الإسرائيلية برفقة نظيره الإسرائيلي غابي اشكينازي، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وكان التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال في مؤتمر صحفي مشترك عقده بالقدس عقب اللقاء: «اليوم سأحظى بفرصة لزيارة مرتفعات الجولان».
وندّدت دمشق بـ«الخطوة الاستفزازية» ووصفتها بـ«الاجرامية».
وقال بومبيو خلال زيارته، «لا يمكن الوقوف هنا والتحديق عبر الحدود وإنكار أمر أساسي يكمن في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترف بأن هذا جزء من إسرائيل (...) وهو ما رفضه الرؤساء (الأميركيون) السابقون».
وأضاف:«تخيلوا مع سيطرة الأسد (الرئيس السوري)، على هذا المكان، الخطر الذي يلحق الضرر بالغرب وبإسرائيل».
من جانبه، أشاد أشكينازي باعتراف بومبيو، وقال إن سبب ذلك معرفته بـ «الحقائق» خاصة وأنه شغل في السابق منصب رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن «مصدر مسؤول» في وزارة الخارجية أنّ بلاده «تدين بأشد العبارات» الزيارة إلى «المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل»، واصفاً ذلك بأنّه «خطوة استفزازية قبيل انتهاء ولاية إدارة» الرئيس الأميركي «وانتهاك سافر لسيادة» سوريا.
واضاف أنّ «مثل هذه الزيارات الإجرامية هي التي تشجع على استمرار (إسرائيل) في نهجها العدواني الخطير».
من جهتها اعتبرت جامعة الدول العربية أن زيارة بومبيو، إلى مستوطنات الجولان السوري المحتل تناقض الشرعية الدولية، وتشجع الحكومة الإسرائيلية على المضي في مشروع الاستيطان غير القانوني.
وأدان الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في بيان، زيارة بومبيو إلى الجولان السوري وكذلك الضفة الغربية، مؤكدا أن ذلك يشكل العقبة الأكبر في طريق إحلال سلام بالمنطقة.
وسبق ذلك أن زار بومبيو أيضا مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية المحتلة مثيرا استياء الفلسطينيين.
فقد زار ظهر أمس مصنعا للنبيذ في مستوطنة «بساغوت» الإسرائيلية بالقرب من مدينة رام الله، ليصير أول وزير خارجية أميركي يزور مستوطنة إسرائيلية ويعلن الاعتراف بمنتجات المستوطنات في الضفة الغربية على أنّها منتجات إسرائيلية.
ولا يمكن التكهن بما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ستعود عن القرارات التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب في ما يتعلق بالمستوطنات، أو غيرها من المواقف الداعمة لإسرائيل. ودانت الرئاسة الفلسطينية «بشدة» زيارة بيومبيو إلى المستوطنة المقامة على أراضي مدينة البيرة الفلسطينية، والإعلان الأميركي باعتبار صادرات مستوطنات الضفة الغربية على أنها «صناعة إسرائيلية».
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان «هذه الخطوة الأميركية لن تضفي الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية التي ستزول عاجلا أم آجلا»، مطالبا «المجتمع الدولي وتحديدا مجلس الأمن، بتحمل مسؤولياته».
وتندرج زيارة بومبيو إلى إسرائيل ضمن جولة أوروبية وشرق أوسطية قادته إلى باريس وتركيا وجورجيا، في ما يمكن أن يعتبر جولته الأخيرة وهو في منصبه.
ولن يجتمع وزير الخارجية الأميركي بأي من القادة الفلسطينيين، الذين رفضوا بشدة موقف ترامب من الصراع المستمر منذ عقود، بما في ذلك اعتراف واشنطن بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وأعلن بومبيو أمس أن الولايات المتحدة ستصنف الصادرات الإسرائيلية من مستوطنات الضفة الغربية المحتلة على أنها إسرائيلية.
وقال في بيان «سيطلب من جميع المنتجين داخل المناطق التي تمارس فيها إسرائيل سلطات ذات صلة (...) وسم البضائع باسم «إسرائيل» أو «منتج إسرائيلي»، أو «صنع في إسرائيل»، وذلك عند التصدير للولايات المتحدة».
وأكد وزير الخارجية الأميركي أن التعليمات الجديدة تنطبق و«بشكل أساسي» على المنطقة المصنفة (ج)، وهي جزء من الضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل بالكامل وتسكنها غالبية من المستوطنين. وأطلق مصنع انتاج النبيذ في مستوطنة بساغوت اسم «بومبيو» على أحد منتجاته.
واستنكر الفلسطينيون بغضب الزيارة لمصنع بساغوت.
وكان عشرات الفلسطينيين تظاهروا الأربعاء، وبعضهم حمل العلم الفلسطيني في مقابل مستوطنة بساغوت، وألقوا الحجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يتمركزون عند مدخل المستوطنة، كما أشعلوا الإطارات.
وقبل عام تحديداً، صرّح بومبيو بأنّ الولايات المتحدة لا تعتبر المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير قانونية.
ووصف مايك بومبيو حركة «بي دي إس» (حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات) بأنها «سرطان» و»معادية للسامية».
وقال إنّ واشنطن ستتخذ خطوات على الفور لتحديد المنظمات التي تشارك في «سلوك المقاطعة البغيض وسحب دعم الحكومة الأميركية لمثل هذه الجماعات».
ورفضت حركة المقاطعة إعلان بومبيو.
وقالت في بيان أمس «نرفض وبشكلٍ مبدئي ومتّسق جميع أشكال العنصرية، بما في ذلك العنصرية ضد اليهود».
وأكدت أن «تحالف ترامب-نتانياهو المتطرف في عنصريته وعدائه للشعب الفلسطيني يخلط عمدًا بين رفض نظام الاحتلال والاستعمار و(الفصل العنصري ...) الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين والدعوة لمقاطعته من جهة والعنصرية المعادية لليهود كيهود من جهة أخرى».
ورأت أن ذلك بهدف إلى إسكات الدعوات المناصرة للحقوق الفلسطينية بموجب القانون الدولي. وأضافت «دانت عشرات المنظّمات اليهودية التقدمية، وكذلك مئات المثقفين اليهود البارزين عالمياً، هذا التعريف الزائف والمخادع لمعاداة السامية».
(أ ف ب)