بعد 70 عامًا من تحويلها إلى متحف، وعلى وقع الجدل والأخذ والردّ، وانقسام الرأي العام ما بين مؤيّد ومعارض، خطت تركيا أمس نحو تشريع أبواب "آيا صوفيا" مجددًا أمام المصلّين، إذ صدحت مآذن المعلم التاريخيّ منذرة بعودته وقفًا إسلاميًا باعتباره مسجدًا.
هذه الخطوة التي وضعت تركيا في وجه انتقادات دوليّة واسعة، وصفها الرئيس رجب طيب أردوغان بـ "بعث جديد قد تأخّر"، و"بشارة نحو عودة الحرية للمسجد الأقصى المبارك".
أردوغان، أضاف عبر تويتر، مساء أمس الجمعة، أنّ "إحياء آيا صوفيا هو بداية جديدة للمسلمين في أنحاء العالم كافة، من أجل الخروج من العصور المُظلمة.. وسلام مُرسل من أعماق قلوبنا إلى المدن كافة التي ترمز لحضارتنا، بدءًا من بخارى وصولا إلى الأندلس".
الرئيس التركيّ رأى في القرار أيضًا "أفضل ردّ على الهجمات الشنيعة التي تستهدف قيمنا الرمزيّة في أنحاء المناطق الإسلامية كافة"، مشيرًا إلى أنّ الإقدام على هذه الخطوة يؤكد أنّ تركيا "فاعل وليست مفعولًا به في هذا الزمان والمكان".
أمّا في خطابه الأوّل في أعقاب القرار، فدعا أردوغان، إلى احترام قرار تحويل "آيا صوفيا" في إسطنبول إلى مسجد، مضيفًا أنّه "مثل جميع مساجدنا، ستكون أبوابه مفتوحة للجميع، مسلمين أو غير مسلمين"، موضحًا أنّ القرار "اتخذته السلطات القضائيّة والتنفيذيّة في البلاد"، في إشارة إلى حكم المحكمة الإداريّة العليا بإلغاء المرسوم الحكوميّ الصادر في عام 1934 بتحويل "آيا صوفيا" إلى متحف.
لم يكد الحكم القضائيّ التركيّ يصدر، حتى تتالت ردود الفعل الدوليّة الرافضة للقرار، إذ أعربت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) عن "أسفها الشديد" لتحويل الموقع المُدرج في قائمة التراث العالميّ إلى مسجد من "دون أيّ حوار مُسبق" لها.
أمّا ردّ فعل الكنيسة الأرثوذكسية الروسيّة، فجاء معبّرًا عن الأسف لعدم إصغاء القضاء التركيّ إلى "مخاوف ملايين المسيحيين"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الروسيّة "إنترفاكس" عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا.
من جهتها، اعتبرت الحكومة اليونانيّة أنّ قرار القضاء التركيّ، "استفزاز للعالم المتحضّر"، وفق تعبير وزيرة الثقافة لينا مندوني، قائلة في بيان إنّ النزعة "القوميّة التي يبديها الرئيس أردوغان تعيد بلاده ستة قرون إلى الوراء".
كذلك، لم تغب واشنطن عن هذا التطوّر، إذ قالت وزارة الخارجيّة الأميركيّة بأنّ الولايات المتحدة تشعر "بخيبة أمل"، إلّا أنّها أضافت أنّنا "مدركون لحقيقة أنّ الحكومة التركيّة ستلتزم بإتاحة آيا صوفيا لجميع الزائرين، ونتطلع لسماع خطط أنقرة بشأن إشرافها المستمر على آيا صوفيا، بما يضمن إمكانيّة أن يزور الجميع المكان من دون عائق".
إلى فرنسا، التي أسفت
بدورها، على لسان وزير خارجيّتها جان إيف لودريان لـ
"قرار مجلس الدولة التركيّ تعديل وضع متحف آيا صوفيا، ولمرسوم الرئيس أردوغان
بوضعه تحت سلطة مديريّة الشؤون الدينيّة. هذان القراران يشكّكان في أحد أكثر الإجراءات
رمزيّة لتركيا العصريّة والعلمانيّة"، وفق الوزير الفرنسيّ الذي شدّد قائلًا
بـ "وجوب الحفاظ على سلامة هذه الجوهرة الدينيّة والمعماريّة والتاريخيّة".
إعداد: اللواء