بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أخبار دولية

9 أيلول 2019 12:36ص واشنطن وأنقرة تبدآن دوريات في سوريا.. وأردوغان غير راضٍ

جنود أميركيون بالقرب من آلية عسكرية تركية خلال الدوريات في المنطقة الآمنة (أ ف ب) جنود أميركيون بالقرب من آلية عسكرية تركية خلال الدوريات في المنطقة الآمنة (أ ف ب)
حجم الخط
باشرت أنقرة وواشنطن صباح امس أولى دورياتهما المشتركة في شمال سوريا قرب الحدود التركية في مناطق سيطرة الأكراد، تنفيذاً لاتفاق توصلتا إليه لإنشاء «منطقة أمنة» حال دون قيام تركيا بشن عملية عسكرية على هذه المنطقة. 

لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سارع الى توجه انتقاد حاد الى الولايات المتحدة، عندما اتهمها بأنها لا تقيم المنطقة الآمنة من أجل تركيا «بل من أجل الإرهابيين». 

وبعد تصاعد لهجة التهديدات التركية بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، تحركت الولايات المتحدة دبلوماسياً لحماية حلفائها في سوريا من عملية عسكرية. 

وإثر محادثات ثنائية مكثفة، توصلت واشنطن وأنقرة في السابع من آب إلى اتفاق على انشاء «منطقة آمنة» تفصل بين مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية أبرز مكونات قوات سوريا الديموقراطية، والحدود التركية، على أن يتم تنفيذه بشكل تدريجي. 

وتنفيذاً لأحد أبرز بنود الاتفاق، انطلقت  أولى الدوريات الأميركية التركية المشتركة في منطقة تل أبيض في ريف الرقة (شمال) الشمالي، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

 وأفاد المراسل أن ست آليات مدرعة تركية دخلت إلى الأراضي السورية لتنضم إلى المدرعات الأميركية، تزامناً مع تحليق مروحتين حربيتين في أجواء المنطقة.

 وبحسب مصور لفرانس برس، فإن سيارة اسعاف وشاحنة «بيك أب» صغيرة رافقتا المدرعات المشتركة التي توجهت شرقاً  وبعد حوالى ثلاث ساعات، انتهت الدوريات وعادت الآليات التركية أدراجها إلى تركيا، وفق مراسل فرانس برس في منطقة تل أبيض.

وقال الرئيس التركي امس في تشكيك واضح بجدوى الدوريات المشتركة التركية الأميركية «في كل خطوة نتخذها يتبين لنا أن ما نريده نحن مختلف تماما عما تريده الولايات المتحدة».

وأضاف في خطاب ألقاه ونقله التلفزيون الرسمي «إن حليفنا (الأميركي) يسعى الى إقامة منطقة آمنة ليس لنا بل للإرهابيين».

من جهته قال الكولونيل مايلز كاغينز المتحدث باسم قوات التحالف في سوريا بقيادة الولايات المتحدة «لقد أتاحت الدورية المشتركة للقوات التركية أن ترى بأم العين التقدم الذي سجل في مجال تدمير تحصينات قوات حماية الشعب الكردية والمناطق التي انسحب منها عناصر الحماية طوعا».

 وأضاف أن تسيير هذه الدورية يؤكد «الالتزام المتواصل للتحالف بالتجاوب مع القلق المشروع لتركيا في مجال الأمن، مع العلم أن هذا الأمر سيتيح للتحالف ولشركائه في قوات سوريا الديموقراطية البقاء مركزين على تحقيق الهزيمة النهائية» لتنظيم الدولة الاسلامية.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان «أن الدوريات المشتركة البرية والجوية ستتواصل خلال الأيام القليلة المقبلة» للإشراف على اقامة هذه المنطقة الآمنة.

 وقال رياض خميس الرئيس المشترك لمجلس تل أبيض العسكري التابع لقوات سوريا الديموقراطية، إن موعد الدوريات المقبلة غير واضح حتى الآن، مشيراً إلى أنها اقتصرت أمس على بضعة كيلومترات شرق تل أبيض.

 وأكد «نحن نطبق الاتفاق وليس لدينا مشكلة فيه طالما يبعد آلية الحرب من أرضنا وشعبنا».

 ودانت دمشق، التي كانت أعلنت سابقاً رفضها «القاطع» لإنشاء «منطقة آمنة»، الدوريات المشتركة. 

واعتبر مصدر في وزارة الخارجية، وفق ما نقل الاعلام الرسمي، إنها تشكل «عدواناً موصوفاً بكل معنى الكلمة». 

وكانت دمشق حملت سابقاً الأكراد، الذين تدين تحالفهم مع واشنطن، المسؤولية متهمة إياهم بأنهم «أداة ... للمشروع العدواني التركي الأميركي».

 وتعهدت قوات سوريا الديموقراطية بدورها في وقت سابق ببذل كافة الجهود اللازمة لإنجاح الاتفاق وعمدت إلى تدمير تحصينات عسكرية في المنطقة الحدودية. كما بدأت الإدارة الذاتية الكردية قبل عشرة أيام بسحب مجموعات من الوحدات الكردية من المنطقة الحدودية في محيط بلدتي تل أبيض ورأس العين، فضلاً عن الأسلحة الثقيلة.

 وبدلاً من الوحدات الكردية، أنشأت الإدارة الذاتية مجالس عسكرية محلية قوامها مقاتلون محليون مهمتهم حماية مناطقهم. وتعد الوحدات الكردية، التي تصنفها أنقرة منظمة «إرهابية»، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، الشريك الرئيسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية. 

وطالما شكل هذا التحالف بين واشنطن والأكراد مصدر قلق لأنقرة إذ إنها تعتبر الوحدات الكردية إمتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود.

 مع توسّع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال وشمال شرق البلاد، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.

 وصعدت أنقرة تهديداتها أكثر خلال الصيف. وللحؤول دون تنفيذها، خاضت واشنطن محادثات مكثفة معها إلى أن تم التوصل إلى اتفاق «المنطقة الأمنة». وتنفيذاً لبنود الاتفاق، تم الشهر الماضي إنشاء «مركز العمليات المشترك» التركي الأميركي لتنسيق كيفية إقامة «المنطقة الأمنة».

 إلا أنه لم يتم كشف تفاصيل حول الإطار الزمني للاتفاق وحجم المنطقة رغم إشارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الى أن نظيره الأميركي دونالد ترامب وعده بأنها ستكون بعرض 32 كيلومتراً. 

وأفادت قوات سوريا الديموقراطية بدورها أن عمق المنطقة التي وافقت عليها يصل إلى «خمسة كيلومترات»، ولكن سيراوح في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض «بين تسعة (كيلومترات) و14 كيلومتراً». 

والمنطقة الممتدة من تل أبيض حتى رأس العين هي ذات غالبية عربية، على عكس الجزء الأكبر من المناطق السورية الحدودية مع تركيا التي هي ذات غالبية كردية. 

وحذرت تركيا مراراً من أي تأخير يطاول تنفيذ الاتفاق، الذي يرى مراقبون أن أحد أهداف أنقرة منه هو ضمان مناطق جديدة في سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها. وتستضيف تركيا 3،6 ملايين لاجىء سوري.

وأكد رئيس هيئة الأركان العامة التركية يشار غولر أمس الاول لنظيره الأميركي جوزيف دانفورد، وفق بيان لوزارة الدفاع التركية أنه يجب إنشاء المنطقة الآمنة «من دون إضاعة الوقت». 

وهذه ليست المرة الأولى التي تتوصل فيها أنقرة وواشنطن الى اتفاق مماثل يحول دون عملية عسكرية تركية.

وعبرت مركبات عسكرية تركية مسلحة إلى داخل سوريا وتحركت باتجاه الجنوب الغربي مع مركبات أمريكية لبدء دوريات مشتركة بهدف إقامة «منطقة آمنة» في منطقة على الحدود يخضع أغلبها لسيطرة قوات كردية.

وانضمت مركبات ترفع العلم التركي إلى أخرى في سوريا ترفع العلم الأمريكي على بعد قرابة 15 كيلومترا إلى الشرق من بلدة أقجة قلعة الحدودية التركية بالقرب من تل أبيض في سوريا.

وشوهدت طائرتان هليكوبتر عسكريتان وهما تحلقان فوق المنطقة.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في مقابلة مع (سي.إن.إن ترك) أمس «موقعنا الجغرافي ميزة.. لكن هناك عيوبا فيما يتعلق بالهجرة والإرهاب».

وتابع قائلا «تمكن القوات الأمريكية من تنفيذ دوريات في شرق الفرات مع قواتنا وتمكنها من الدخول بقواتها ووجود نقاط مراقبة (تركية) في إدلب (بشمال غرب سوريا).. كل ذلك بفضل الخطوات التي اتخذتها تركيا».

(أ ف ب-رويترز)