بيروت - لبنان

اخر الأخبار

بوابة العالم

11 شباط 2020 11:16ص "أوبن ديموقراسي" تكشف "خبايا" تحالف إيران والصدر في العراق

المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي ومقتدى الصدر خلال إحياء مراسم عاشوراء في طهران في العام 2019. المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي ومقتدى الصدر خلال إحياء مراسم عاشوراء في طهران في العام 2019.
حجم الخط

في تشرين الأول من العام 2019، اندلعت "الاحتجاجات العراقية" أو "ثورة أكتوبر" احتجاجًا على الظروف المعيشية السيئة، وارتفاع معدلات البطالة، والفساد، والطائفية، والعديد من حالات الفشل الأخرى للنظام السياسي العراقي بعد العام 2003. كان مقتدى الصدر، حينها، مترددًا جدًا في الانضمام إلى الاحتجاجات لأسباب عدة. وللمرة الأولى، فشلت الحركة الصدرية في الاضطلاع بدور قيادي في الاحتجاجات الرافضة لمحاولة أي شخصية دينية أو سياسية تنتمي إلى الطبقة السياسية العرقية- الطائفية للاستفادة من الحركة الاحتجاجية بحيث يضطلعوا في أي دور في المرحلة الانتقالية. ومع أن الشعارات التي ترفعها الثورة لا تتوافق مع نهج الصدر ولا مع البرنامج الإيراني الذي لم يتردّد في اتهام الحراك بالعمالة، إلا أن الحركة الصدرية، في نهاية المطاف، اخترقت الانتفاضة تحت مبرّر أنها كانت تقدّم المساعدات والحماية للمتظاهرين ضد الميليشيات الموالية لإيران. في المقابل، ظلّ العديد من الناشطين العراقيين صريحين بشأن شكوكهم في تورّط التيار الصدري، وكان هناك اختلاف في الآراء حول شرعية مُشاركة الصدر في حركة الاحتجاج، خصوصًا وأن الحركة الصدرية كانت تتمثّل بوزراء ونواب في كل حكومة عراقية بعد العام 2003 تقريبًا.

بعد كل هذا، لم يدم الوجود الصدري في الاحتجاجات العراقية لفترة طويلة، وأعادت كل من إيران ومقتدى الصدر تأسيس علاقاتهما على أساس مصلحة مشتركة واحدة: العدو الأميركي.

إن اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني 2020، قطع أقوى يد لإيران في الساحة العراقية (سليماني كان عمليًا هو الذي يُدير المصالح الإيرانية في العراق، تُساعده في ذلك شخصيات تابعة لقمّ، كان أبرزهم المهندس). هذا الفراغ في السلطة داخل الجبهة الإيرانية المؤثرة في العراق، كان فرصة للصدر ليصبح رجل إيران الجديد (لاقناع القيادة الإيرانية أنه هو الأقدر على أن يُمثّلهم فعلًا في الشارع وفي المؤسسات العراقية، رفع الصدر وتيرة تهديداته للولايات المتحدة الأميركية ومطالبتها بالخروج من العراق، كما نقل البندقية من الكتف المحسوب على الحراك الشعبي إلى الكتف الآخر المعادي له).

خطاب مناهض للولايات المتحدة

كان الخطاب المناهض للولايات المتحدة الذي قدّمته الاحتجاجات وتصويت البرلمان العراقي الداعي إلى انسحاب القوات الأميركية من العراق، محاولة من جانب إيران وحلفائها في الحكومة العراقية للتغلّب على حركة الاحتجاج، لأنها استهدفتها مباشرة. وسمحت الصدامات العسكرية والتهديدات السياسية بين الولايات المتحدة وإيران بتحوّل الأخبار حول العراق من انتفاضة شبابية في دولة مزّقتها الحرب إلى ملعب لحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران. لم يكن الصدر قد دخل في شراكة كاملة مع إيران عندما قادت "الميليشيات" الموالية لإيران احتجاجًا على السفارة الأميركية في بغداد، وعندما صوّت البرلمان العراقي على الانسحاب العسكري الأميركي بعد الضغوط الإيرانية. ومع ذلك، فإن أول قبول علني رسمي لدخول الصدر ضمن شبكة النفوذ الإيراني في العراق، كان عندما قاد مسيرة معادية للولايات المتحدة، والتي صوّرتها وسائل إعلام غربية عديدة على أنها احتجاج نظّمه المواطنون العراقيون العاديون الذين كانوا يحتجّون على النظام السياسي الفاسد منذ تشرين الأول 2019.

وقد أدى الاحتجاج المناهض للولايات المتحدة بقيادة الصدر إلى زيادة تعقيد موقف الاحتجاجات العراقية في نظر الغرب وخاصة الإعلام الأميركي. ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي يشهد تقدمًا تدريجيًا في التمييز بين الاحتجاجات العراقية ضدّ الفساد والطائفية، وبين التحالف الصدري-الإيراني ضدّ حركة الاحتجاجات العراقية.

التحالف الصدري-الإيراني ضدّ الثورة

ادعى الصدريون أن الاحتجاجات العراقية انخفضت أعدادها وتفتقر إلى الدعم والحماية، وهو ما ظهر جليًا بعدما ارتكبت "الميليشيات" المُوالية لإيران مذابح دموية ضدّ المتظاهرين المُسالمين في بغداد والناصرية والبصرة والنجف، بعد انسحاب التيار الصدري. كان الأمر كما لو أن "الميليشيات"، اعتبرت انسحاب التيار الصدري ضوءًا أخضرًا لمهاجمة المُحتجّين. ومع ذلك، فإن انسحاب التيار الصدري، أزال أي لبس وتردّد داخل صفوف التحرّك الشعبي فيما يتعلّق بصراعها مع النظام الفاسد والطائفي، وأدى العنف المرتكب ضد المتظاهرين إلى عودة العائلات والطلاب إلى الشوارع، وإحياء الانتفاضة.

نجحت حركة الاحتجاج العراقية في تأمين استقالة الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي تولّى منصبه سياسي آخر متّهم بالفساد هو محمد توفيق علاوي، الأمر الذي أدى إلى حركة احتجاجية تُعتبر هي الأقوى منذ احتجاجات العام 2003 الرافضة للتدخّل الايراني في الشؤون العراقية. وبدأ مقتدى الصدر يستخدم أفراد منظمة "القبعات الزرقاء" التابعة له، والذين لعبوا في بداية الاحتجاجات دور الداعم والمدافع عن المتظاهرين السلميين، لإخلاء خيم المتظاهرين المدنيين عبر العنف والتخويف. وهذا التبدّل في الموقف من قبل الصدريين هو نهج تمّ تبنيه من قبل القائد المعروف بتغيير مواقفه السياسية بسهولة وسرعة.

وبناء على ما تقدّم، يُمكن أن نقول إن هذه ليست مجرد انتفاضة ضدّ الطبقة السياسية والميليشيات والتدخلات الإقليمية، ولكنها أيضًا انتفاضة لكشف وفضح جميع الشخصيات العامة التي تحاول ركوب موجة أي زخم شعبي.

(بتصرّف عن " اوبن ديموقراسي ")

ترجمة نغم أسعد- اللواء