«حظٌ سيئ، ومؤامرة موصوفة»..
عبارة تُلازم البعض في نادي الأنصار بعد كل قمة يخوضها الفريق وتنتهي بخسارته، وبعد كل إخفاق أو نكسة يتسبب بها حكم! هذا «الحظ السيئ»، وذلك الشعور الدائم بـ«الظلم المُسبَق التنبؤ»، يضع الأنصار كـ«كيان» تحت ضغوط هائلة لا قدرة لأحد على تحملها! كل مباراة يدخلها الفريق على أرض الملعب تختزن تاريخاً مجيداً وثقيلاً وأرقاماً قياسية يصعب تحطيمها في عقود.
أرقامٌ تُشكل عبئاً على من لا يستوعبها أو حتى يتذوق طعمها من لاعبين نشأ بمعظمهم خارج النادي، وجاءت بهم «أموال» نبيل بدر الى الأنصار مؤخراً.. تطبيقاً لما أسموه «إحتراف»! لو كان في لبنان «إحتراف» حقيقي، وولاء للقميص، من دون فحص دم، لكان الكلام عن «ولاد الحي» قديماً و«دقة قديمة»، لكن بما أننا في لبنان، و«حارتنا ضيقة ومنعرف بعض»، فإن هذه العوامل الوجدانية تلعب دوراً مؤثراً في مسيرة الأندية اللبنانية. باختصار، كل شيء يؤثر على الاتحاد والحكام والأندية واللاعبين في لبنان، من الأوضاع الاقتصادية الصعبة الى صراعات الإقليم في السياسة والأمن! مرفوضٌ أن يتكىء الأنصار دوماً على نظرية المؤامرة لتبرير إخفاقاته، ليس بسبب انعدام الدلائل لوجودها، بل لأنه ارتضى لنفسه أن يكون جزءاً من اللعبة.
نبيل بدر، ومعه تميم سليمان وأسعد صقال، يستثمرون، ويدفعون الأموال بشعف وشوق بحثاً عن تحقيق الألقاب في أرضية سيئة، وفي زمن تغيّرت فيه قواعد اللعبة، مع وجود طبقة رياضية بنَفَسٍ سياسي «فاقع» تتحكم بزمام الأمور. ليس فقط الطبقة الرياضية، بل حتى البيئة التي تدور في فلكها كرة القدم، لا تنحاز بمعظمها الى استعادة الأنصار سابق عهده، إذ يُنظَر إليه على أنه من «مُخلفات العهد البائد»، وأن زعامته للكرة اللبنانية هي موضع تشكيك دائم! شاء الأنصار أم أبى، رَفَضَ أو نفى، تخلص أو تَمَلص، فهو سيُحسَب دائما ضمن الضفة المناوئة للبيئة الحاضنة لكرة القدم اللبنانية! انها السياسة، وتأثيرها! كل من يدور في فلك الأنصار، يُقدِر عالياً ما يقوم به نبيل بدر من استثمار وضخ أموال في كرة القدم، لكن، وفي الوقت نفسه، لا يمكن لبدر بدوره أن يتكىء فقط على نظرية المؤامرة مع كل هزيمة، من دون محاسبة نفسه أولاً. فالنقد الذاتي ليس خيانة لنفسك..
الخيانة هي أن تُزيّن القُبح، وتُصفق للأخطاء، وتتعامل مع ناديك كـ«مرفق خاص». لا يُمكن أن تَمضي وحيداً في قيادة الأنصار، من دون الاستعانة بـ«أهل الاختصاص» والأوفياء من أبناء النادي، ولا يجوز أن تختصر دور اللجنة الفنية بشخصك الكريم، وهي المُناط بها حصراً - مع المدرب - مناقشة متطلبات الفريق، وحاجاته المحلية والأجنبية حتى تُحقق الألقاب في لبنان، عليك تجاوز كل الظروف السالفة. عليك إجادة اللعب داخل الملعب بقدر ما عليك أن تكون «لعيّب» خارجه، وأن توفر الظروف المناسبة، بإجادة التكيّف مع البيئة والناس، وأن تشعر أن اتحاد كرة القدم هو الأب الصالح لجميع أبنائه، وأن تُبعد الفريق عن الضغوط، وتحاسب اللاعبين مهما علا شأنهم، وقبل هذا كله، أن تحمي المدرب وتجدد الثقة به.
منذ بداية البطولة، عانى نزار محروس من مسألتين. أولا: عدم اكتمال الفريق بالكامل. ثانيا: الضغوط بضرورة احراز الالقاب بعد التعاقد مع معتوق. وجد نفسه متأخراً أمام معضلة «الساتر الدفاعي» في الوسط، فعمل على حلها ونجح بالثنائي طالب وحيدر، قبل أن يُخذَل بانقطاع النفس التهديفي نهائيا عن ترسانته الهجومية أمام العهد والنجمة. هي تفاصيل فنية صغيرة جداً، لكنها مؤثرة. يحتاج الأنصار اليوم الى مكاشفة ومصارحة بين الإدارة والمدرب، واستعادة ثقة اللاعبين بأنفسهم، وضرورة التحرر من ضغط الجمهور المُطالب بدوره بالصبر ثم الصبر..!
حسن الختام:
بدا واضحاً أن الأنصار كان كتاباً مفتوحاً لـ«عظيمة».. عكس ما كان خصمه المحروس.. والحظ عادة يُكافىء المجتهدين!