أعلنت تركيا امس «استكمال» الاستعدادات لشن عملية عسكرية في شمال سوريا لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد أنه لم يتخل عن الأكراد بعد تصريحات أوحت بخلاف ذلك في حين اشار الاكراد الى امكانية البحث مع النظام أو الجانب الروسي لسد الفراغ وصد الهجوم التركي المحتمل.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن «كافة الاستعدادات استكملت لشن عملية».
وقال مسؤولون أتراك امس ان الجيش التركي قصف الحدود السورية-العراقية ليل الاثنين لمنع القوات الكردية من استخدام الطريق لتعزيز شمال شرق سوريا .
ولا تزال تفاصيل الضربة، التي كانت عملية مشتركة بين جهاز المخابرات التركي والجيش، غير واضحة. ووصفها أحد المسؤولين بأنها ضربة جوية بينما قال الآخر إن الموقع ”أصبح غير قابل للاستخدام بوسائل متعددة".
ونُشرت وزارة الدفاع التركية مدافع هاورتز خلف سواتر على الأرض على الجانب التركي من الحدود وكانت موجهة صوب سوريا.
وعلى بعد نحو 60 كيلومترا غربا، جرى أيضا نشر العديد من راجمات الصواريخ متعددة الفوهات على متن شاحنتين وخلف سواتر قرب مدينة سروج التركية المواجهة لمدينة عين العرب (كوباني) السورية على الحدود.
وهناك تمركز للمدفعية في المنطقة حيث جرى أيضا رصد تجول جنود، سيرا على الأقدام، في محيط معسكر قريب.
وفي الوقت نفسه نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يكون الانسحاب بمثابة تخل عن الأكراد مشيدا بتركيا كشريك تجاري وحليف في حلف الأطلسي في تخفيف لنبرته بعد ساعات من تهديده الاقتصاد التركي إذا أقدمت أنقرة على شيء في سوريا يعتبره ”متجاوزا للحدود".
وشارك في الانتقادات زعماء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومن مجلسي الكونغرس ومن بينهم السناتور الجمهوري ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.
وقال ترامب على تويتر ”أكرر ما أكدته من قبل، أنه إذا فعلت تركيا أي شيء أعتبره بحكمتي البالغة التي لا تضاهى متجاوزا للحدود فسأدمر الاقتصاد التركي وأمحوه تماما (لقد فعلت ذلك من قبل)".
وقوبلت تعليقات ترامب، التي تكررت بصيغة معدلة بشكل طفيف امس، برد فعل غاضب في تركيا حتى من ساسة منتمين لأحزاب معارضة مثل زعيمة حزب الخير ميرال أكشينار التي قالت إنه يجب تنحية السياسات المحلية جانبا في مثل هذا اليوم.
وقالت أكشينار لأعضاء البرلمان المنتمين لحزبها، في كلمة داخل مقر البرلمان، ”تهديد اقتصاد تركيا كارثة دبلوماسية... اليوم يوجد حزب واحد فقط وهو علمنا (التركي) الأحمر".
وأضافت ”أفضل رد على هذه الوقاحة هي الذهاب إلى شرقي الفرات وقطع ممر الإرهاب".
غير أن ترامب كتب في تغريدة على تويتر قائلا ”ينسى الكثيرون بسهولة أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة. في حقيقة الأمر هم يقومون بتصنيع الإطار الهيكلي الفولاذي للمقاتلة الاميركية إف-35.
وردّ نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي على تهديد ترامب امس، محذّراً من أن «تركيا ليست دولة تتحرّك بناء على التهديدات».
ونددت أنقرة مراراً بالدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا نظراً لعلاقاتها مع حزب العمال الكردستاني المحظور الذي خاض تمرّداً داميًا ضد الدولة التركية منذ العام 1984.
وجاء في تغريدة لوزارة الدفاع التركية «استُكملت جميع التحضيرات لتنفيذ عملية».
أما الحكومة السورية فرأت في التطورات الأخيرة فرصة لدعوة الأكراد للعودة «إلى الوطن».
فيما يتعلق بالأكراد قال ترامب إن ”مقاتليهم الرائعين" مستمرون في تلقي مساعدة أميركية بالتمويل والسلاح.
ونددت القوات التي يقودها أكراد، وكانت أهم شريك لواشنطن في قتال تنظيم داعش، بالتحول الكبير المفاجئ في السياسة الاميركية وقالت إنه مَثّل لها ”طعنا بالظهر".
وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية ”لا تزال الحشود التركية على الحدود مستمرة.
ولدينا بعض المعلومات التي تشير إلى أن الدولة التركية جلبت بعض فصائل (المعارضة) من الجيش الحر من جرابلس وإعزاز وعفرين إلى الحدود.
وهذه التحركات تدل على هجوم وشيك، ونحن نتوقع حدوث هجوم في وقت قريب".
وأضاف بالي ”طبعا ثمة تحضيرات لنا على طول الحدود مع الدولة التركية، وقواتنا في حالة الجاهزية".
وقال بدران جيا كرد، المسؤول بقوات سوريا الديمقراطية، إن السلطات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا ربما تبدأ محادثات مع دمشق وموسكو إذا ما انسحبت القوات الاميركية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.
وأضاف جيا كرد ”ممكن وقتها نتناقش مع دمشق أو الجانب الروسي لسد الفراغ وصد الهجوم التركي فهذا الأمر يمكن أن يتطور أو يحصل لقاءات أو تواصل في حال حصل فراغ في المنطقة من قبل التحالف الدولي وفي حال أصرت الدولة التركية على استغلال الفراغ للهجوم".
وأكدت سوريا أنها ستدافع عن نفسها ضد أي هجوم تركي.
ودعت الحكومة السورية الأكراد لـ»العودة إلى الوطن»، على وقع تهديد أنقرة بشنّ هجوم وشيك ضد مناطق سيطرتهم في شمال سوريا، وسحب واشنطن، داعمتهم الرئيسية، لقواتها من المنطقة الحدودية مع تركيا.
وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد في تصريحات لصحيفة الوطن، المقربة من دمشق، نشرتها الثلاثاء متوجهاً للأكراد «ننصح من ضلّ الطريق أن يعود إلى الوطن لأن الوطن هو مصيره النهائي».
وأضاف «نقول لهؤلاء إنهم خسروا كل شيء ويجب ألا يخسروا أنفسهم، في النهاية الوطن يرحب بكل أبنائه ونحن نريد أن نحل كل المشاكل السورية بطريقة إيجابية وبطريقة بعيدة عن العنف، لكن بطريقة تحافظ على كل ذرة تراب من أرض سوريا».
بدورها قالت روسيا، إنها لم تُبلغ مسبقا سواء من الولايات المتحدة أو روسيا بأي ترتيبات توصلتا إليها بشأن خطط لسحب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا، مضيفة أنها تتابع الوضع ”عن كثب شديد".
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث الوضع في شمال شرق سوريا مع نظيره التركي عبر الهاتف وسط حالة من التوتر بشأن أنباء عن عملية عسكرية تركية محتملة هناك.
ولم ينشر بيان الخارجية الروسية إلى أي تفاصيل للاتصال الهاتفي بشأن شمال شرق سوريا لكنه قال إن الوزيرين اتفقا على مواصلة الحوار الوثيق.
كما عبرت إيران، وهي حليف آخر للأسد، عن معارضتها لأي عملية عسكرية تركية في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان ”حدوث ذلك لن ينهي المخاوف الأمنية التركية كما سيؤدي إلى ضرر مادي وبشري واسع النطاق".
وذكرت وكالات الانباء نقلا عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله ان الرئيس فلاديمير بوتين ومجلس الأمن الروسي شددا في اجتماع «على أهمية تجنب أي عمل من شأنه أن يقوض التسوية السلمية» للنزاع في سوريا.
وقال بيسكوف إن روسيا التي تتابع التطورات «باهتمام شديد» لم يتم إبلاغها مسبقا بالانسحاب الأميركي، لكنه اعرب عن شكوكه ازاء أن يحصل الانسحاب فعليا.
وعبرت ألمانيا وبريطانيا عن قلقهما من خطط تركيا للتحرك العسكري.
وقالت أولريكه ديمر المتحدثة باسم الحكومة الألمانية إن أي تدخل عسكري ”ستكون له عواقب أمنية وسياسية وإنسانية دامية".
أكد رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب «ضرورة الحفاظ على قوات سوريا الديموقراطية» معربا عن القلق بسبب تهديدات تركيا بشن هجوم على شمال شرق سوريا.
وقال أمام الجمعية الوطنية «المعركة ضد داعش لم تنته مع القضاء على المنطقة التي كان يسيطر عليها هذا التنظيم الارهابي وهي مستمرة الى جانب قوات سوريا الديموقراطية».
وأعربت بريطانيا عن «قلقها البالغ» إزاء خطة تركيا شن عملية تستهدف المسلحين الأكراد في شمال سوريا وأبلغت أنقرة بأنها لن تدعم خطوتها.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن مسألة سحب القوات تعود لواشنطن.
لكنه أضاف أن لندن «كانت واضحة باستمرار مع تركيا بشأن تجنب تحرك عسكري أحادي لأن من شأنه زعزعة استقرار المنطقة» ويهدد جهود دحر تنظيم داعش.
(ا.ف.ب-رويترز)