بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 حزيران 2019 12:00ص رسالة من والد إلى ولده

حجم الخط
ان مرحلة المراهقة هي من أصعب المراحل في حياة الإنسان، وليس من الضروري أن تكون عسيرة وصعبة إذا اتخذنا موقف الجدّ والتوجيه السليم الذي يتسم بالهدوء والرويّة وحسن الفهم والإدراك.

ولي وطيد الأمل والثقة أن أرشدك إلى الطريق المستقيم وأن أفتح قلبك وعينيك على حقائق الحياة، وأترك لك المجال لذكائك والتصرّف الصحيح، لأن الزمان يتغيّر يا ولدي بشكل متسارع والعمر يمرُّ بسرعة، وهكذا كانت سنّة الحياة وتغيّر العصر، والويل كل الويل لمن لا يُدرك هذه الحقيقة وأهميتها ولا يسايرها.

اننا نستقبل كل يوم تغييراً جديداً، لا في معرفتنا عن الحياة من حولنا ولا في الاكتشافات والتطبيقات العلمية التي نعيش في نعمائها، بل في المواقف والمفاهيم الإنسانية والعلاقات البشرية وهي بالغة الخطورة، لأن سلاح الإنسان هو قدرته على التعلّم والتعليم.

في بنائك لحياتك يا ولدي وتقرير مصيرك، أتمنى أن تكون واعياً ومدركاً، فلا تقبل أن تساق بدون هدف وتخطيط سليم، لأن الله سبحانه وتعالى منحك عقلاً وأعطاك الحرية لخوض معركة الحياة وما فيها من حسنات وسيئات، وابتعد عن أولاد الشوارع والفاسدين وتجار المخدرات وأصحاب السوابق.

أتمنى يا ولدي أن لا تكون ضيق الأفق والفكر، وأعلم ان صياغة الأهداف علم وفن ولا يمكن أن تحل إلا بالمرونة حتى تصل إلى أهدافك بأقصر الطرق. واعلم ان الأهداف تسمو وتهبط، وان الطرق تستقيم وتلتوي، والمعين على ذلك ضمير حيّ ونيّة حسنة وأخلاق سامية. ولو سألتني عن أهم صفة في هذا العصر الذي نعيشه لقلت دون تردّد: انه عصر العمل والانتاج، لأن العمل الناجح مبعث الرضا والأمل، ولا تنسى أبداً انك تعيش في زمن العلم والثقافة والتكنولوجيا.

وليكن يا ولدي إيمانك بالله عميق، لأنه دعامة كل خير، وجوهر الخلق ومعيار النجاح والتوفيق. وكن محبّاً لوطنك والبيئة التي تعيش فيها، واعلم علم اليقين ان حياتك ملك لك، وما أردت أن أفرض عليك تفكيري ونمط حياتي، ولكن أضع خبرتي تحت تصرّفك، لتختار ما يلائم تفكيرك في حياتك، وكن نافذ الذكاء، متوقّد الذهن، قوي الحجّة.

وصيتي لك يا ولدي أن تؤمن بلبنان والعروبة والإنسانية وأن تحافظ على العائلة وأخوتك والأحفاد، وليقترن إيمانك بالعقل وما وصل إليه من معرفة وعلم وإبداع، وانطلق بعقلك السليم إلى المزيد من المعرفة والتطوّر. وفّقك الله ومتّعك الله بالصحة والسعادة وجنّبك مزالق الحياة وأخطارها.



د. فؤاد الحركة