بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيلول 2020 12:00ص ستندمون حين لا ينفع الندم

حجم الخط
هل للمتسلطين على شؤون هذه البلاد والعباد في لبنان، من المسؤولين والسياسيين والأحزاب، أن يقولوا لنا ماذا ينتظرون قبل أن تقع ا لواقعة ويضيع الوطن، ولكي لا نصل إلى اللحظة المؤلمة التي سيضر الجميع فيها مواجهة الحقيقة المرة والصعبة والاستسلام فعلاً لخسارة الوطن وعندها يُمكن القول مرّة أخيرة: تصبحون على وطن.

البلد ينهار وينزف، مدينة بيروت العريقة بتاريخها وحضارتها وبنيانها مدمرة، مرفأ ما يكاد يعمل بما تيسر بعد أن أصابه ما أصابه من جرّاء ذلك الانفجار ذلك الانفجار المروّع، أما مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت يكاد يقتصر نشاطه وحركته هذه الأيام على مغادرة عدد كبير من اللبنانيين جلّهم من الشباب والشابات أصحاب الشهادات والكفاءات والخبرات في مختلف الحقول والميادين، وهم يهاجرون أفراداً وجماعات إلى مختلف دول العالم هرباً من الواقع المؤلم والمستقبل المظلم في وطنهم الذي لم يترك لهم بارقة أمل تلوح في الأفق لضمان مستقبلهم جميعاً.

أم السياحة في بلد السياحة والاصطياف، فحدث عنها ولا حرج، وهي تكاد شبه معدومة، إن لم نقل أنها مشلولة بالمطلق على مدى أشهر كانت لسنوات خلت تضج بالسياح والمغتربين اللبنانيين والوافدين إلى هذا البلد من كل حدب وصوب منن محبيه وزواره. فالمطاعم لا تزال تنتظر روادها، وقد يطول الانتظار باستنثاء قلة من قاصديها فقط.

فيما القطاع الفندقي بدوره يتحسر على أيام مرّت وينتظر النزلاء والسيّاح وقد طال انتظاره أيضاً، الأمر نفسه ينطبق على المنتجعات السياحية والشقق المفروشة بالتأكيد، أما إدارات الدولة فهي مترهلة وشبه مشلولة، ومشهد الركام والحطام المحيط بست الدنيا بيروت وحده يفرض نفسه على المكان وسط الألم والحزن الذي يعتصر قلوب الجميع من محبي لبنان وعاصمته بيروت، زد على ذلك الحرائق التي اندلعت بعد أسابيع من انفجار المرفأ في المكان عينه كما في أماكن أخري من وسط المدينة دون أن يعرف السبب والمسبب للك، ودون الحصول على أي جواب حتى الآن يشفي غليل المتسائلين.

تلك الصورة القاتمة تجعلنا أيضاً نتساءل عن الفائدة من المناكفات السياسية والحزبية التي يتابعها اللبنانيون على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة وقد شهدنا ما حدث في محيط ميرنا الشالوجي خلال الأيام الماضية وقبل ذلك في خلدة، إضافة إلى مناطق أخرى عديدة والآتي أعظم إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً..

بالإضافة إلى كل ذلك، فا ن القطاع الاقتصادي في البلد شبه منهار، والقطاع المصرفي أيضاً، قد فقد سمعته وثقة المودعين به، بعد ان ضاعت كل مدهرات النّاس فيه وباتوا يفتشون عن أموالهم ومدخراتهم كمن يفتش وينقب عن ابرة في أعماق البحار.

أما الاقتصاديون ورجال الأعمال والمصرفيون وكبار التجار لا يهم لهم الا جمع المزيد من الأموال والثروات ولا فرق عندهم بين الحرام والحلال وهو بالتأكيد أبعد ما يكون عن الحلال.

وبالنسبة للفساد فقد ضرب أطنابه في الوزارات والإدارات الرسمية والقضاء بحيث بات لا رقيب ولا حسيب هناك، فيما المؤسسات الرقابية في الدولة شبه غائية عن تحمل مسؤولياتها وعملها يقتصر على القليل القليل.

وإذا كان فيروس كورونا قد بات يُهدّد كل بيت وعائلة وشخص في لبنان، فإنه غزا السجون أيضاً، وما حصل في سجن روميه ويحصل الآن هو خير دليلس على مدى الخطر المحدق بالناس جميعاً.

أضف إلى كل ذلك موجة الغلاء الفاحش والجوع الذي بات يطرق أبواب اللبنانيين من دونب استثناء وهو شاهد عيان على التردي الاقتصادي والاجتماعي في البلد، كما وأن البطالة في لبنان قد ازدادت نتيجة صرف عدد كبير من الموظفين والعمال والمستخدمين لدى المؤسسات والشركات دون رحمة أو تمييز.

وفي آخر المطاف، نترك للسياسيين والمسؤولين في هذا البلد مساحة للقول لهم بكل تجرد ان ما اقترفت أيديهم بحق الوطن واللبنانيين جميعاً سوف يدفعون ثمنه قريباً بعد ان ماتت ضمائرهم، أو تركوها في تلك الأماكن التي م ا زالوا يقصدونها للسياح والاستجمام وهمهم الوحيد تكديس الثروات وتهريب المليارات من الأموال بما فيها أموال اللبنانيين والمودعين إلى الخارج، وهم يرفضون كما المصارف أيضاً إعادة جزء يسير من هذه الاموال إلى البلد لإنعاش الاقتصاد اللبناني من جديد ولو بالحد الأدنى، فمهما طال الزمن وطالت الأيام لا بدّ انه سيأتي يوم قريب تحاسبون فيه وتقفون وجها لوجه أمام اللبنانيين الذين خافوا ذرعاً بكم وبمماساتكم ومهاتراتكم وتشنجاتكم وعندها ستندمون احين لن ينفع الندم.