مرّت على الحراك الشعبي بوجه السلطة عشرون يوماً ونيّف، نتجت عنها استقالة حكومة الحريري، ولم تتمّ استشارة النواب لتكليف رئيس وزراء جديد مهمته الأولى تأليف حكومة جديدة تسعى للحصول على ثقة مجلس النواب وتباشر عملها.
من الواضح أنّ التأخير في الاستشارة هو رهن المفاوضات مع الكتل والأحزاب حتى تضمن الحكومة الجديدة ثقة المجلس، لكنّ المشكلة بين مطالب الجماهير والعُرف السائد في تشكيل الحكومة هي أنّ المتظاهرين لا يثقون بمجلس النواب ولا بالوزراء السابقين دون استثناء، وعليه سوف يكون من الصعب فض الاعتصامات، إلاّ إذا تمّ تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة جديدة من أصحاب الكفاءات غير الحزبيين وغير المنتسبين لكتل بعينها.
في خطابكم بمناسبة مرور ثلاث سنوات على توليكم الرئاسة، نوّهتم إلى أهمية حكومة مؤلّفة من اختصاصيين. من هنا يأتي دوركم التاريخي اليوم في الطلب من النوّاب تسمية رئيس للوزراء، لا ينتمي إلى أي حزب أو تكتل. وإذا رفض النوّاب العمل بهذا الطلب فإنّ الجماهير ستؤيّدكم بالضغظ والاعتصام والاحتجاج السلمي إلى أن يتأمّن طلبكم وطلبهم.
عندها يتمّ تكليف رئيس نزيه السمعة ومتحرّر من ضغوظ الأحزاب والتكتلات يستطيع تسمية وزراء اختصاصيين كلٌّ في مجال مهام وزارته أو وزاراته، ويطلب من النواب إعطائه الثقة للحكومة، والتي لا قدرة لهم على عدم إعطائها تحت ضغط الجماهير.
من المسلّم به أنّ تكليف الحريري أو أي شخصية حزبية أو سياسية أخرى سوف يقابله توزير وزراء حزبيين أو محسوبين على الأحزاب والتكتلات. وإنّ فتح هذا الباب سوف يفتح شهية معظمهم، فنعود إلى المحاصصة، وبالتالي إلى الفساد وإلى عدم الإنجاز وعدم إيجاد الحلول الناجمة للمشكلات الإقتصادية والمالية التي أدّت إلى الإنتفاضة.
دوركم يا فخامة الرئيس هو دور تاريخي في تقويم الاعوجاج وإصلاح الخلل. وهذا لن يأتي بالطرق التقليدية بل بالإجراءات الإصلاحية غير التقليدية. فهلمّوا واضرُبوا بيد من حديد لفرض الإصلاح وإيقاف الفساد والهدر واستعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة الفاسدين. عندها سوف يسجّل التاريخ أنّكم رئيساً استثنائياً خلّص البلاد والعباد من السياسات الخاطئة ومن الثراء غير المشروع ومن الهدر والفساد ووفّر فرص عمل للجميع وحافظ على ثروة لبنان البشرية التي تغترب خدمةً لدول أخرى وأعاد مغتربين توّاقين للعمل والعيش في لبنان والمساهمة في نهضته.