أظهرت الدراسات أن احتمال الاصابة بفيروس "كورونا" لا يستثني احدًا، فالفيروس قادر على اجتياح أي جسد وإن كانت الأعراض تتفاوت من فئة عمرية الى أخرى، إذ أن الكبار في السن هم الأكثر معاناة، ولم يسلم الأطفال والأفراد الأصغر سنًا ايضًا. فكيف يؤثر الفيروس على مختلف الفئات العمرية؟
مع تحوّل "كوفيد-19" إلى وباء عالمي، حذّر الخبراء من أنه علينا أن نقلق على كبار السن، نظرًا لأن نسبة الوفيات تصل إلى 20 في المئة أو أكثر في صفوف من هم 80 عامًا وما فوق. ويبدو أن كثيرين من خبراء الصحة العامة يشعرون بالغضب إزاء لامبالاة كثير من الشباب الذين ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي صورهم وهو يلهون ويمرحون مع رفاقهم، غير مكترثين بالمناشدات والنصائح، لأنهم يحسبون أن "كوفيد-19" لا يُشكّل خطرًا عليهم، ما يعطيهم شعورًا زائفاً بالأمان.
للتوضيح، فإن لا أحد محصن ضدّ الإصابة بالفيروس، فالأصغر سنًا سيُصيبهم الفيروس، وسيتطوّر المرض لدى نسبة غير كبيرة منهم ويكون أكثر شدة، وعدد أقل من ذلك سيفارق الحياة. وفي حين قد لا تكون نسب الحالات الخطيرة والوفيات مرتفعة لدى الأصغر سنًا، كما هو الحال بالنسبة للأكبر سنًا، إلا أن البيانات المتوفرة تؤكد أن السن لوحده لا يجعلك لا تقهر.
أمران ينبغي أخذهما في عين الاعتبار عند النظر إلى الأفراد الأكثر عرضة للخطر. أولهما أن هناك معلومات تُشير إلى أن الرجال قد يكونون أكثر عرضة من النساء لتطوير أعراض حادة والوفاة. وتبيّنت صحة ذلك في ووهان الصينية من حيث انطلق الفيروس في كانون الأول. 2019، إذ كان الرجال يموتون بوتيرة أسرع من النساء. وتكرر ذلك في إيطاليا، التي يموت المئات فيها يوميا بسبب المرض. لكن تبقى الحاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد من آثار كورونا المستجد على كل جنس.
الأمر الثاني الذي لا ينبغي إغفاله، هو أن وجود مرض مسبق أو أكثر لدى الشخص، خصوصًا القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الرئة والسرطان، يزيد من خطر تطوير أعراض حادة بغض النظر عن السن.
وفيما يلي بعض ما نعرفه عن أثر فيروس "كورونا" المستجد على مختلف الفئات العمرية:
حتى الآن، يبدو أن البيانات المتوفرة تدعم فكرة أن الأطفال ليسوا معرضين بشكل خاص لخطر "كوفيد-19"، وهو أمر مثير للدهشة ومريح في الوقت ذاته، لأنهم عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة الإنفلونزا.
وتُظهر الإحصائيات في إسبانيا، التي سجّلت فيها حتى صباح الثلاثاء 35212 حالة و2316 وفاة، أن 34 حالة من بين 129 سُجّلت لدى أطفال بين 0 وتسعة أعوام، استدعت الدخول إلى المستشفى، فيما احتاج طفل واحد إلى العناية المركزة، بينما لم تسجل أي وفيات.
وفي إيطاليا وكوريا الجنوبية والصين، لم يتم الإبلاغ حتى الآن عن وفيات في صفوف من هم أقلّ من 10 أعوام، وفق بيانات من مصادر عامة جمعها المستثمر في مجال التكنولوجيا الحيوية والعالم السابق الذي يستخدم الاسم "Andy Biotech" ويتابع حسابه أكثر من 61 ألف متابع.
هذه الفئة العمرية، تُغطي الرضع والأطفال الذين يقتربون من سن الإعدادية، وتُوجد أدلة على أن الأصغر سنًا بين هؤلاء قد يرون حالات أكثر حدة من إخوتهم الأكبر سنًا في المستوى الابتدائي.
فقد توصلت دراسة أُجريت على أكثر من 2100 طفل في الصين ونشرت نتائجها في مجلة "Pediatrics" في 16 آذار، إلى أن الأطفال من جميع الأعمار كانوا معرضين لـ"كوفيد-19" على الرغم من أن الغالبية العظمى منهم كانوا يعانون من أعراض خفيفة وبعضهم لم يعان من أي شيء على الإطلاق.
لكن اللافت أن حوالي ثلث الأطفال في العينة فقط، تأكدت إصابتهم بالفيروس، بينما تم افتراض إصابة الثلثين الباقيين بالفيروس، أي أن هذه الأعراض ربما كانت ناتجة عن أمراض أخرى.
وقال كروز زيكنر، الذي شارك في كتابة مقال حول ما توصّلت إليه الدراسة، إن أسوأ النتائج كانت في صفوف الرضع. وأظهرت الدراسة أن حوالي 30 في المئة من الحالات التي اعتبرت "حادة" وأكثر من نصف تلك التي اعتبرت "خطيرة" كانت بين أطفال تقلّ أعمارهم عن عام واحد. ورغم أن النسبة الإجمالية لهؤلاء قليلة (سبعة رضع في حالة خطيرة و33 يعانون من وضع حاد) إلا أنها تُظهر أن الأطفال الأصغر سنًا يُواجهون احتمالًا أعلى بمواجهة أوضاع أكثر خطورة.
ومن التعقيدات الأخرى، أن هذه الفئة من الصغار تبقى قادرة على نقل المرض إلى من هم أكبر سنًا.
- المراهقون بين 10 و19 عامًا
في إسبانيا، من بين 221 حالة للأشخاص من 10 إلى 19 عامًا، تم إدخال 15 منهم إلى المستشفى أي بمعدل سبعة في المئة، ولم يحتج أي منهم إلى العناية المركزة، في حين توفي شخص واحد بينهم.
ولم تشهد إيطاليا وكوريا الجنوبية أي وفيات في هذه الفئة، بينما تقول الصين إن 0.2 في المئة من الحالات بين هؤلاء تنتهي بوفاة.
وفي الولايات المتحدة، لم تعلن السلطات أي وفيات أو أي حاجة للعناية المركزة بين من هم أقل من 20 عامًا إلى حدود الأسبوع الماضي، وأدخلت نسبة صغيرة فقط إلى المستشفى بمعدل 1.6 في المئة.
الوضع الصحي الأساسي قبل الإصابة بـ"كوفيد-19"، يُشكّل بالنسبة للمراهقين، حالهم حال الأكبر سنًا، عاملًا مهمًا في مدى تأثير المرض على الشخص.
لكن غياب مشاكل صحية لا يعني زوال الخطر. فقد أفادت شبكة "CNN" أن طفلة في 12 من عمرها لا تُعاني من أمراض مسبقة، أدخلت مشفى في مدينة أتلانتا حيث تستعين بجهاز للتنفس بعد إصابتها بـ"كورونا" المستجد.
في إسبانبا، من بين 1285 حالة لأفراد بين 20 و29 عاما، أدخل 183 منهم إلى المستشفى أي بنسبة 14 في المئة، وانتهى الأمر بثمانية في العناية المركزة أي بمعدل 0.6 في المئة، فيما توفي أربعة أي بنسبة 0.3 في المئة.
ولم تعلن إيطاليا وكوريا الجنوبية أي وفيات في هذه الفئة، بينما قالت الصين إن 0.2 في المئة من هؤلاء الشباب يلقون مصرعهم جراء المرض.
بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) الأميركية، تُدرج في فئة الشباب من هم بين 20 و44 عاما. وأدخل 14.3 في المئة من هؤلاء إلى مستشفيات، فيما احتاج 2 في المئة إلى الرعابة المركزة، بينما بلغ معدل الوفيات 0.1 في المئة.
وبحسب "CDC" فقد سجّلت في الولايات المتحدة حتى يوم الاثنين، 33404 حالات إصابة و400 وفاة، بينما يُشير موقع تابع لـ"جامعة جونز هوبكينز" يتابع انتشار المرض حول العالم، إلى أن الإصابات داخل الأراضي الأميركية وصلت حتى صباح الثلاثاء إلى 46450 فيما بلغت الوفيات 593 حالة.
إذن هناك نسبة أكبر من الحاجة إلى دخول المستشفى في هذه الفئة مقارنة بالمراهقين، وينتهي عدد أكبر نسبيًا من الشباب في وحدة العناية المركزة. وفي حين أن معدلات الوفيات تبقى منخفضة لدى هؤلاء، إلا أن خسارة الأرواح تسجل بالفعل.
من أصل 5127 حالة في هذه المجموعة في إسبانيا، نُقل 1028 إلى المستشفيات أي بمعدل 20 في المئة. وأدخل 55 إلى وحدة العناية المركزة أي بمعدل 1.1 في المئة، وتوفي ثلاثة بين 30 و49 عاما أي بمعدل 0.2 في المئة.
إيطاليا أعلنت معدل وفيات نسبته 0.3 في المئة، و0.2 في المئة في الصين، و0.1 في المئة في كوريا الجنوبية في هذه الفئة العمرية.
في أميركا، تدرج "CDC" في فئة الشباب من هم بين 20 و44 عامًا. وكما سبقت الإشارة، فإن 14.3 في المئة من هؤلاء أدخلوا إلى مستشفيات، فيما احتاج اثنان في المئة إلى الرعابة المركزة، بينما بلغ معدل الوفيات 0.1 في المئة.
وبالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عامًا، تفيد "CDC" أن 21.2 في المئة تم إدخالهم إلى المستشفى، وأن 5.4 في المئة أدخلوا إلى العناية المركزة، فيما توفي 0.5 في المئة.
إذن، تشهد هذه الفئة، حاجة عدد كبير إلى العلاج في المستشفى. أرقام "CDC" تُعدّ مثالًا جيدًا عن اختلاف المخاطر ضمن هذه الفئات العمرية، إذ يبدو أن احتمالات دخول المستشفى والحاجة إلى العناية المركزة والوفاة تزداد من أوائل الأربعينيات إلى أواخر الأربعينيات. نفس الاتجاه يُلاحظ في إسبانيا، حيث قفزت معدلات دخول المستشفى من 17 في المئة للأعمار من 30 إلى 39، إلى 23 في المئة لمن هم بين 40 و49 من العمر.
- القريبون من سن التقاعد- 50 إلى 69 عاما
من أصل 6152 حالة في هذه المجموعة في إسبانيا، تم إدخال 2166 إلى المستشفى بمعدل 36 في المئة، ذهب 221 إلى وحدة العناية المركزة أي بمعدل 3.7 في المئة، وتوفي 83 شخصا تتراوح أعمارهم بين 50 و69 عاما أي بمعدل 1.4 في المئة.
وسجلت إيطاليا والصين وكوريا الجنوبية بشكل جماعي معدلات وفيات من 0.4 في المئة إلى 3.6 في المئة للأشخاص في هذه المجموعة.
وبالنسبة لمن تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عامًا في الولايات المتحدة، تفيد "CDC" أن 21.2 في المئة أدخلوا المستشفى، فيما وضع 5.4 في المئة في العناية المركزة، وتوفي 0.5 في المئة. أما الذين بين 55 إلى 64 عاما، فقد أدخل 20.5 في المئة منهم إلى المستشفى، وانتهى الأمر بـ4.7 في المئة في العناية المركزة، وتوفي 1.4 في المئة.
أما أكبر الأشخاص في هذه المجموعة، والذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عاما، فإن نسبة دخول المستشفى تصل إلى 28.6 في المئة، والحاجة للعناية المركزة نبلغ 8.1 في المئة، بينما تبلغ الوفيات 2.7 في المئة.
إذن بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، فإن المخاطر تزاد باطراد نظرًا لعمرهم ولأنهم يُعانون على الأرجح من مشاكل صحية أخرى تزيد من الخطر عليهم. ووفق مؤسسة "كايزر فاميلي"، فإن حوالي نصف الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاما يعانون من مرض مسبق واحد على الأقل.
إذن جميع هؤلاء مدرجون في فئة المخاطر العالية، إذ يتم إدخال أقلية كبيرة إلى المستشفى، فيما يتوفى البعض من بين كل 100 شخص. وتزداد المخاطر إذا كانت لديهم مشاكل في القلب أو الرئة، أو إذا كانوا يعانون من السكري أو السرطان.
إسبانيا أعلنت أنه من أصل 6152 حالة في هذه المجموعة، أدخل 3888 شخصًا إلى المستشفى، أي بنسبة 55 في المئة، وأدخل 199 إلى وحدة العناية المركزة أي بمعدل 3.2 في المئة. وتوفي 705 تتراوح أعمارهم بين 70 عامًا وما فوق أي بنسبة 11.4 في المئة.
وكشفت إيطاليا والصين وكوريا الجنوبية عن معدلات وفيات من 6.2 في المئة إلى 20.2 في المئة بين من ينتمون لهذه الفئة العمرية.
وفي أميركا، بالنسبة لمن هم بين 75 و84 عامًا، فإن دخول المستشفيات بلغ 30.5 في المئة، والعناية المركزة 10.5 في المئة، والوفيات 4.3 في المئة. وتزيد النسب عند من يبلغون 85 عامًا وما فوق، إذ تمّ إدخال 31.3 في المئة إلى المستشفى، ووضع 6.3 في المئة في وحدة العناية المركزة بينما تُوفي 10.4 في المئة.
الحاجة للإقامة في وحدة العناية المركزة منخفضة بالنسبة لكبار السن، إذ يتقدم المرض لديهم بسرعة بحيث لا تتاح لهم حتى فرصة الحصول على العناية المركزة.
إذن، وكما هو معروف منذ تفشي "كوفيد-19" حول العالم، فالمرض يؤذي كبار السن أكثر من غيرهم، إذ إن البيانات المتوفرة تُشير إلى أن الأشخاص في هذه الفئة العمرية هم الأكثر عرضة للحاجة إلى دخول المستشفى وهم أكثر من يموتون في نهاية المطاف.
أما بقية الفئات، فإن الخطر أقل حدة ولكنه موجود، ما يستدعي من كل شخص أن يكون مدركًا كيف يمكن لصحته الحالية أن تجعله أكثر عرضة للإصابة.
وينبغي على الجميع بغض النظر عن العمر أو الوضع الصحي، القيام بدوره والالتزام بالنصائح والإرشادات الصادرة عن الجهات الطبية، مثل التباعد الاجتماعي، من أجل حماية الفئات الأكثر ضعفًا.
(اللواء، الحرة)