بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آذار 2024 12:59ص إنه العام الستّون..

حجم الخط
إنه العام الستون. وكل عام نقول أن ما بعده لن يكون مثل ما قبله. 
الصعوبات تتزايد، والتحديات تكبر، والإمكانيات تتراجع، ومقومات الإستمرار تتلاشى، وتختفي الواحدة تلوَ الأخرى. 
بلاط صاحبة الجلالة المتلألئ بالأضواء، والمزدحم بنجوم السياسة والمشاهير، تحوّل في السنوات الأخيرة، إلى عالم من التناقضات السياسية والإجتماعية، تتطاول فيه الأشباح على الأبطال، وتحاول الأقزام أن تحل مكان أصحاب القامات من العمالقة والقيادات، وتوارت رموز عن المسرح لتأخذ مكانها طفيليات تقتات من عشب الإنتهازية والإستزلام والفساد. 
في العام الستين، نعترف أن الدنيا تغيّرت من حولنا.
 منظومة القيم والأخلاق تداعت جذورها. مجموعة المبادئ والمثل التي نشأنا عليها تفككت معانيها. قواعد المهنة الصافية القائمة على المصداقية والموضوعية، لم تعد على صفائها وصدقيتها.
وبالرغم من كل ذلك، مازلنا نتابع المسيرة، ولو بشقِّ الأنفس، مقررين عدم الإستسلام، والتخلي عن التاريخ الطويل، على أمل العودة يوماً إلى الزمن الجميل.
في بلد تتكدّس فيه المصائب والأزمات، على طريقة المتنبي: وإذا أصابتي سهام تكسرت النصالُ على النصالِ»، تفرض الضغوط اليومية المتزايدة عليك إعادة النظر بكل الخطط والإستراتيجيات السابقة، والعمل على التكيّف مع الظروف الجديدة، في معركة صراع البقاء.
وهذا ما بدأنا به ما قبل إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين،  وتابعناه بعد الإنهيارات المالية والإجتماعية، والوقوع في شرك الكورونا، ثم كارثة إنفجار مرفأ بيروت. حيث تمت إعادة هيكلة الجهازين التحريري والإداري، وفق الإمكانات المتاحة، وتم تخفيض عدد الصفحات، بما يتناسب والظروف المستجدة، فضلاً عن عصر النفقات غير الضرورية، والتي لا تؤثر على حسن سير العمل. 
وفي الإطار نفسه، تم إحتواء الموجة المتفشية على وسائل التواصل الإجتماعي، وإنشاء موقع الكتروني يتضمن صفحات الطبعة الورقية، ويتابع الأخبار على مدار الساعة، بهدف إقتحام معاقل الشباب، الذين إنصرفوا عن العلاقة مع الورق، سواء الصحيفة أم الكتاب، وإعتمدوا الهواتف والألواح الألكترونية، لتسقّط الأخبار وكل أنواع التسليات الأخرى. 
حرصنا مع تنفيذ الترتيبات الجديدة، على الحفاظ على التميّز والجودة، وما عُرفت به «اللواء» من مصداقية وموضوعية، يشهد لها العديد من الزملاء في المحطات التلفزيونية والإذاعية الذين يعتمدون مساحات مرموقة من خبر مانشيت الصفحة الأولى. 
إنه العام الستون. 
سنبقى متمسكين بنهج الحوار والإعتدال، والإنفتاح على الآخر، إيماناً بأن علة وجود وطن الأرز هي الحرية والديموقراطية، وهذا التعدد السياسي والثقافي، الذي جعل من لبنان وطن الرسالة. 
يسأل الإخوان والأصدقاء: إلى متى تستطيع «اللـــواء» الصمود والصدور بالطبعة الورقية، في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة؟ 
ليست «اللــــواء» المؤسسة الوحيدة التي تكابد هذه الظروف الصعبة، بل البلد كله واقع تحت ضغوط هذه السنوات العجاف، خاصة في ظل هذا العجز المتمادي للدولة في وضع خطط الإصلاح والإنقاذ.  
هذا الواقع المرير بتردِّيه وصعوباته، يحول دون التفكير بخطة «اليوم التالي». فاللبناني يعيش يومه بمعاناة الساعة الراهنة، تاركاً البحث بالغد للقدر، وما قد يحمله الغد من مفاجآت سارة، أو صدمات كاسرة.
في العام الستين، ستستمر «اللـــواء» ورقياً والكترونياً، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً!