بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 نيسان 2024 05:45م الجامعات الاميركية والمجاعات السياسية العالمية

حجم الخط

الحروب تقع عندما تنعدم الخصوبة السياسية وتتعاظم الاورام السلطوية حيث تتقدم المواقع والمصالح والامتيازات على حماية الاجيال وتجديد المجتمعات والقيم الديموقراطية، والبشرية منذ سنوات طوال تعاني من انعدام الخصوبة السياسية في الانظمة الديموقراطية الليبرالية  مما دفعها خلال الحرب الباردة  الى اعتماد الايديولوجيات الدينية في مواجهة الشيوعية بعد دخول الجيش السوفياتي الشيوعي الى افغانستان لدعم انقلاب نجيب الله الافغاني في العام ١٩٧٩، مما احدث تحولات مجتمعية وسياسية عميقة في المنطقة والعالم والتي لا تزال اثارها تتوالد حتى الان وفي مقدمتها احداث ١١ ايلول ٢٠٠١ في نيويورك وما نتج عنها من حروب واحتلالات وحماقات الفوضى الخلاقة وارتكاب الكثير من الاخطاء والخطايا كما اعترف بذلك الرئيس الاميركي بايدن عندما زار إسرائيل بعد السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ .

            المجتمعات الغربية تشهد عملية تجدد سياسي  عبر المظاهرات التي لم تتوقف على مدى ستة اشهر في معظم المدن الاوروبية، حيث اصبحت الكوفية الفلسطينية رمز الخصوبة السياسية في المجتمعات الغربية، واصبحت المكونات السلطوية الغربية على موعد دائم يومي السبت والاحد من كل اسبوع مع مظاهرات رافعة علم فلسطين رمز المظلومية التاريخية لانعدام الخصوبة السياسية الغربية التي تمادت بتزوير الحقائق وازدواجية المعايير على مدى ثمانية عقود طويلة تعرض خلالها الشعب الفلسطيني الى ابشع انواع القهر والقمع والابادة الجماعية .

 

            قادة الدول والمنظمات الدولية والاحزاب ووسائل الاعلام يتحدثون عن المجاعة الوجودية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، و العالم الكبير يحاول ابتكار اساليب صغيرة لايصال صناديق المساعدات الغذائية عبر مهزلة اسقاط المساعدات الغذائية بالمظلات من الطائرات الى اهالي غزة في المفترشين العراء، وفي المقابل يرسل المساعدات العسكرية الى اسرائيل عبر الجسور الجوية وعشرات مليارات الدولارات مما يؤكد على العقم السياسي العالمي.

            المكونات السلطوية في المنطقة تتحول في الحروب الى جبهات مساندة واستتباع وهمية وتتمادى في رهانات الصغار على الشراكة مع الكبار كما حدث مع قادة الثورة العربية الكبرى والرهان على بريطانيا في الحرب العالمية الاولى وكانت النتيجة معاهدة سايكس بيكو ١٩١٦ ووعد بلفور وتقسيم المنطقة الى مستعمرات تحت الانتداب، ثم كانت رهانات المكونات السلطوية على المانيا في الحرب العالمية الثانية وكانت النتيجة بعد هزيمة ثعلب الصحراء في معركة العلمين ١٩٤٢ ان سيطرت بريطانيا على المستعمرات وابتكرت نظرية المستعمرات المستقلة وتاسيس الجامعة العربية عبر بروتوكول الاسكندرية في ٧ اكتوبر ١٩٤٤ قبل تاسيس الامم المتحدة في ٢٤ اكتوبر ١٩٤٥، و الحديث يطول عن خيبات الامل في الرهانات على الاتحاد السوفياتي الصديق ابان الحرب الباردة او على اوهام السلام الموعود مع الإدارات الاميركية المتعاقبة.  

            ان ما يشهده العالم في شوارع اوروبا والجامعات الاميركية هو عملية تجديد الخصوبة السياسية الحقيقية ومواجهة اثار المجاعة السياسية التي يعيشها المجتمع الغربي منذ سنوات والذي عكس فشله السياسي على كل دول العالم، حيث ان البشرية قد تمادت في تقديم المصالح المالية والسلطوية على القيم السياسية الانسانية مما حول العمليات الانتخابية الى اليات مجردة من القيم الديموقراطية الحقيقية، وهذا ما يجعل اعتصامات الجامعات الاميركية والتظاهرات الاوروبية احدى مظاهر الخصوبة السياسية في مواجهة  المجاعات السياسية في المنطقة والعالم.