بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 أيلول 2019 12:47ص تدويل لبنان

حجم الخط
تحولت اجتماعات الجمعية العامة الحالية الى منبر عالمي لمحاكاة القضايا الداخلية للدول، الرئيس الاميركي ترامب اعتبر منبر الامم المتحدة منصة للحديث عن إنجازات ادارته الداخلية بالتفصيل ومناسبة لإطلاق حملته الانتخابية الرئاسية، وجاء خطاب الرئيس السيسي بعده ليتحدث عن خطة النهوض الداخلية التنموية والملكية الوطنية للحلول واعتبار مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي مسألة حياة وقضية وجود، مما قد يفسر الإستهدافات الداخلية الاخيرة، ثم كلمة الرئيس اردوغان الذي خاطب تحولات الداخل عبر تظهير دوره الخارجي بمحاكاة الوجدان الاسلامي العربي والافريقي والآسيوي مستخدماً  قضية فلسطين وسوريا، ثم كلمة الرئيس روحاني الذي أسهب في الحديث عن السلام والامل والصداقة مع الجيران وعن قواعد التفاوض مع اميركا بما يخدم خصوم الرئيس ترامب في أميركا و يطمئن المتشددين في الداخل الايراني.

فشلت الجمعية العامة بتغليب خيار التفاوض واحتواء ومخاطر الحرب الشاملة وأظهرت اجتماعات القادة على هامش الجمعية العامة حالة من الاستنفار والتموضع وتشكيل التحالفات والمحاور بدءاً من مجموعة أستانا الروسية والتركية والإيرانية وامتداداتهم الدينية والعسكرية الى تشكيل جبهة اوروبية دبلوماسية تفاوضية بين ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وصولا الى الولايات المتحدة وتفعيل اجتماعات دول التحالف الاستراتيجي في المنطقة او مجموعة وارسو بعيدا عن الاعلام بالاضافة الى تشكيل محور إسلامي  غير عربي من ماليزيا وتركيا وباكستان وتموضعات آسيوية للصين واليابان والهند.

انتهت اعمال الجمعية العامة العادية الى مزيد من القلق والضياع في السياسات الداخلية والخارجية، فالرئيس ترامب أنهى مشاركته بمؤتمر صحفي للرد على قرار الكونغرس بتحويله الى التحقيق في مسألة اتصاله مع الرئيس الاوكراني واتهامه بسوء استخدام السلطة والسعي الى اقالته، ورئيس وزراء بريطانيا جونسون قطع مشاركته في الجمعية العامة وعاد الى لندن لمواجهة تداعيات ابطال المحكمة الدستورية العليا قراره بتعليق اعمال مجلس النواب لتحقيق رغبته بالخروج من الاتحاد الاوروبي بدون اتفاق، وعاد الرئيس الفرنسي ماكرون الى باريس بعد أن اظهر مهارات دبلوماسية مميزة ومكثفة بين اميركا وايران وكاد ان ينجح في جمع الرئيس ترامب مع الرئيس روحاني في نيوريورك.

غابت اسرائيل عن اجتماعات الجمعية العامة على مستوى الرؤساء بسبب ازمة ما بعد الانتخابات، والتي أظهرت مستوى التشتت السياسي، وفشل مساعي الرئيس الإسرائيلي بتشكيل حكومة اكثرية واضطراره الى تكليف نتنياهو بمواجهة أزماته السياسية والقضائية الداخلية والذي قد يهرب الى افتعال نزاعات خارجية وانتخابات جديدة.

خلال اجتماعات الجمعية العامة اظهر اللبنانيون ارتفاع منسوب الخواء السياسي والخفة من خلال الإندفاعة القوية نحو التموضع في النزاعات وتجديد ثقافة الكراهية العميقة لتحويل لبنان من جديد ساحة نزاعات بديلة متجاهلين الاثمان العالية التي تكبدها لبنان ولا يزال، رغم ان الميليشيات المنخرطة في نزاعات المنطقة سارعت الى اعلان رغبتها بالسلام في محاولة لتفادي أهوال الحرب واكلافها، وتجاهل السياسيون ان لبنان الان في غرفة العناية الفائقة وتحت الرعاية الدولية الشاملة عبر مؤتمرات باريس الاقتصادي سيدر وروما الأمني وبروكسل للنزوح، بالاضافة الى قوات الطوارئ الدولية والمحكمة الدولية وبرامج التنمية الدولية والرقابة الدولية على المصارف عبر العقوبات والإيداعات والترسيم الدولي للحدود البرية والبحرية والنفطية واحتضان المنظمات الدولية لأعباء النزوح السوري واللجوء الفلسطيني، ويبقى السؤال متى الإعلان النهائي عن تدويل لبنان.