بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 حزيران 2021 12:02ص ١٧ حزيران ٢٠٢١ مع الجيش وضد العسكر

حجم الخط
حزيران يوم مفصلي في تاريخ الجيش اللبناني منذ ان اضعنا الفرصة التاريخية قبل ما يقارب الستين عاما بالتحول من سلطة مؤقتة الى دولة وطنية حديثة على اساس استراتيجية انمائية متوازنة كانت قد وضعتها بعثة ارفد الفرنسية برئاسة الاب لوبريه بين ٦٠/٥٨، والتي انطلقت من تحديد خصائص المناطق اللبنانية واحتياجاتها ووضع اهداف انمائية انتاجية من اجل الحفاظ على توازنها الديموغرافي والانمائي والحد من نزوح الارياف نحو بيروت المدينية كي لا نخسر الريف والمدينة في آن ، بالاضافة الى استحداث مؤسسات عامة تحقق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزز اسباب الدولة المركزية القوية بما هي الافق النهائي والوحيد لنجاح عملية الانصهار الوطني وتكوين هوية وطنية جامعة. 

  يوم ١٧ حزيران كانت مكونات السلطة هائمة بين الشوارع والتغريدات والبيانات والنكايات والانكفاءات والبحث عن فرصة لتجديد الذات بعد ان فقدت القدرة على استشراف التحولات الخارجية نتيجة عدم ادراكها حقيقة التحولات الجذرية والمصيرية التي تعم دول بلاد الشام، نتيجة ما احدثته جائحة كورونا العالمية من صدمة عميقة في الوعي العالمي الفردي والجماعي وجعلتهم يدركون اهمية الشروع بالمراجعات وتغيير الاولويات وضروة تحويل القيم والمفاهيم الانسانية والبيئية والسياسية من مجرد شعارات وهمية الى اهداف استراتيجية وملزمة في التحالفات والشراكات والتي شكلت كل مخرجات القمم العالمية في اوروبا قبل ايام .   

 يوم ١٧ حزيران انعقد المؤتمر الدولي الذي دعت اليه فرنسا (عن بُعد) من اجل تعزيز الاستقرار في لبنان عبر دعم مؤسسة الجيش في مواجهة المخاطر الداهمة والمخيفة نتيجة الانهيار الاقتصادي الاجتماعي والحفاظ على تماسك الجيش وتعزيز مناعته من الاستقطابات السياسية والخارجية التي تهدد وحدته وتماسكه والتي تسببت بانهيار حلم الدولة المدنية مع الرئيس فؤاد شهاب بعد تغول العسكر على الحياة السياسية، ثم انهيارات اتفاق القاهرة والنزاعات المسلحة والتفكك المجتمعي وانعدام السيادية مع تعاظم الوصايات الخارجية، ثم جاء الاحتلال الاسرائيلي وتجديد اسباب النزاع وقواعد الاشتباك والحروب والاغتيالات، ثم احتواء الجيش بالجوائز السلطوية عبر ثلاثة عهود رئاسية بموازاة تداعي نجاحات عملية النهوض واعادة الاعمار واستقطاب الاستثمارات ومؤتمرات الدعم من اصدقاء وأشقاء لبنان . 

 يوم ١٧ حزيران قد يشكل فرصة وطنية اذا نجحنا في التعامل مع اسبابه ونتائجه بدقة وموضوعية وبتجديد الثقة بمؤسسة الجيش كإحدى ركائز الدولة الوطنية بعيدا عن المكابرة والتنكر للتحولات الديموقراطية الحتمية في بلاد الشام التاريخية، ولا بد من التنبه لموجات تأييد الجيش المصطنعة من صناع الفشل اللبناني والراغبة بتوريط الجيش في صفقة اعادة تكوين السلطة على حساب فرصة اعادة بناء الدولة، وابتكار نزاعات وخلافات جديدة تبقي لبنان تحت سلطة الوصايات الخارجية وثقافة ادارة الازمات وبعيدا عن التحولات التي تجتاح بلاد الشام الجديدة على اسس بناء الدولة القوية وتعزيز قواعد الانتظام والتحرر من ثقافة قواعد الاشتباك والنزاع، وهذا ما شاهدناه مع تطورات وتحولات القدس وفلسطين القضية الاساس والتغييرات في اسرائيل اصل البلاء وعبر نجاح حماية الاستقرار والنظام في الأردن وفي التحولات المحورية العراقية والحوار الجاد حول سوريا، مما يحتم علينا ان نكون بصدق وحزم في يوم الخميس ١٧حزيران ٢٠٢١ مع الجيش اللبناني الضامن للدولة المدنية السيادية وضد سيطرة العسكر على النظام في لبنان.