بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيلول 2018 12:59ص الفساد وإدارة النفايات تنتظر «حكومة الضرورة»!

عون يجزم: لا طلقة من لبنان إذا لم يتعرّض لإعتداء إسرائيلي.. والحريري والوزراء في مقاعدهم وكأن لا إستقالة

حجم الخط
تجاوز مجلس النواب الجديد إشكاليات التشريع في ظل حكومة تصريف أعمال، وتسلح الرئيس نبيه برّي بدستورية الجلسة انطلاقاً من الفقرة 3 من المادة 69، والتي تنصّ على انه عند «استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة».
وأوحت مصادر قريبة من مطبخ التشريع ان المجلس لم يكن يقوم بدور ملء الفراغ الذي نجم أو ينجم عن تأخير تأليف الحكومة، بل ان «المجلس يقوم بواجبه فقط..»، على ان المثير ما قالته مصادر نيابية لـ«اللواء» على هامش الجلسة: «إن القوانين التي أقرّت على اهميتها، تنتظر حكومة الضرورة، لتصبح نافذة، لا سيما وأن معظمها يحتاج إلى مراسيم تطبيقية أو ربما تطلب الحكومة الجديدة، عندما تؤلف ان تعيد النظر فيها».
بدت اللفتة الدستورية من رئيس المجلس باتجاه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي جلس في مقاعد النواب بدعوته إلى الجلوس في مكانه كرئيس للحكومة ليدلي بدلوه في ملف قانون النفايات، إذ توجه إليه بالقول: «قوم قوم متنا وعشنا تصرت هون».
تشريع الضرورة
وإذا كان باب تأليف الحكومة ما زال موصداً امام الرئيس المكلف سعد الحريري، بفعل متاريس المطالب وشروط القوى السياسية، وسيبقى كذلك، أقله حتى عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من نيويورك والمرجحة الجمعة المقبل، فإن غياب تشكيل الحكومة، أو تعثر اتصالات التأليف، لم يمنع مجلس النواب المنتخب حديثاً، من الانطلاق في ورشته التشريعية، تحت عنوان «تشريع الضرورة»، محصناً بالدستور، ولا سيما الفقرة الثالثة من المادة 69 التي تنص على ان «المجلس المنتخب يبقى في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة»، وبالتالي الخروج من الجلسة بسلة لا بأس بها من المشاريع واقتراحات القوانين التي تعتبر على قدر كبير من الأهمية للمرحلة المقبلة، إذا اخذنا بالاعتبار انها التجربة الأولى لنواب مجلس 2018، ولا سيما الجدد منهم، الذين يخوضون تجربة التشريع للمرة الأولى.
ومع ذلك، فإن أحداً من النواب الجدد أو القدامى، لم يثر مسألة دستورية القوانين التي أقرّت أو التي ستقر، في ظل حكومة تصريف الأعمال، وان كانوا سألوا عن أحقية التشريع في ظل حكومة مستقيلة، باستثناء رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الذي اعتبر ان القوانين المقرة لا يمكن ان تصبح نافذة، فعاجله الرئيس نبيه برّي، الذي كان دافع بقوة عن دستورية التشريع سنداً للمادة 69 التي تعطي المجلس هذا الحق، قائلاً له: «ستصبح نافذة وحبة مسك»، من دون ان يشرح كيفية ذلك، الا ان مصادر نيابية أوضحت لـ«اللواء» ان الرئيس برّي كان يقصد انه يعوّل على ضرورة تأليف الحكومة ضمن المهل التي نصت عليها المادة 56 من الدستور، خاصة وان برّي اكد انه سيواظب على عقد جلسات تشريعية في الشهر المقبل، لكي يوحي للبنانيين ان حالة البلد عادية، وليست في ظروف استثنائية.
وبغض النظر عن الموقف من الجلسة من حيث الشكل الا ان مضمونها كان منتجاً، بحيث صادق المجلس في جلسته الصباحية التي حضرها 106 نواب، وهو عدد أوحى بأن هناك جدية وحرصاً على ان تكون البداية منتجة، غير ان هؤلاء لم يتمكنوا من إنتاج سوى مشروع قانون واحد، هو المشروع الحكومي المتعلق بالادارة المتكاملة للنفايات الصلبة، بسبب التخبط حول الحلول المقترحة، والخلاف حول مرجعية الهيئة الناظمة لإدارة النفايات، والذي حتم حصر النقاش بهذا المشروع طيلة مُـدّة انعقاد الجلسة الصباحية.
والغريب، انه رغم الضجيج والكلام عالي النبرة الذي قيل حول هذا الملف على مدى أشهر وسنوات، فيما كان المجلس مطوقاً بسلسلة اعتصامات معارضة للمشروع الذي يلحظ في أحد مواده، إنشاء محارق على طريقة التفكك الحراري، فإن التصويت عليه واجه معارضة يتيمة اقتصرت على نائبين من حزب الكتائب والنائب فيصل كرامي، في حين خرجت النائب بولا يعقوبيان من القاعة قبل عملية التصويت، بعد ان كانت أعلنت معارضتها للمشروع بسبب المحارق.
وقد اسقط على المشروع جملة تعديلات كان أبرزها ربط الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة بوزير البيئة، بعد سقوط اقتراح كان يرمي إلى اناطة الهيئة برئيس الحكومة الذي دافع عن المشروع، موضحاً بأن البلديات لم تلب طلبه في وضع حلول مقابل حوافز. وسجل اعتراض نواب الكتائب و«المستقبل» على ارتباط الهيئة بوزير البيئة.
وإذا كان التصديق على مشروع إدارة النفايات قد أخذ طيلة فترة الجلسة الصباحية، بعد ان تحدث في الأوراق الواردة 18 نائباً تركزت مداخلاتهم على الإشارة إلى مخاطر تأخير تأليف الحكومة والتنبه من الوضعين الاقتصادي والمالي الأخذ بالتدهور، فإن النقاش في الجلسة المسائية كان مستفيضاً وغنياً بالنسبة للمسائل التي طرحت، على الرغم من استمرار البلبلة والتخبط في مقاربة مواد المشاريع واقتراحات القوانين، بحيث جاءت مواقف بعض النواب مخالفة لما كانوا اعلنوه في اللجان النيابية المشتركة، وفي بعض الأماكن جرى نقاش في مسائل كان يعتقد انها حسمت في اللجان ولا سيما في ما خص الاقتراح الرامي إلى حماية كاشفي الفساد.
ولوحظ في هذا المجال، ان الحكومة شاركت بشكل فعّال في النقاش، مما جعلها تظهر وكأنها حكومة مكتملة الاوصاف، وليست حكومة تصريف أعمال لا قدرة لها على اتخاذ القرار بشأن ما يتم التوافق عليه، مما ساهم في إضفاء حيوية على الجلسة، إلى جانب الانسجام الذي ظهر بين الوزراء والنواب، والذي ساعد أيضاً في إقرار مشاريع واقتراحات كان يعتقد بأنها خلافية، وان النقاش حولها سيكون ساخناً أو متوتراً، بحيث اثمر هذا المناخ في التصديق على أربعة مشاريع واقتراحات قوانين، كانت حصيلة الجلسة المسائية، وهي: مشروع القانون المتعلق بالمعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، والمشروع المتعلق بالوساطة القضائية، واقتراح القانون الرامي إلى حماية كاشفي الفساد، واقتراح القانون الرامي إلى دعم الشفافية ومكافحة الفساد في عقود النفط والغاز.
وفي تقدير مصادر نيابية شاركت في الجلسة، انه بغض النظر عن التعديلات التي أسقطت على هذه المشاريع والاقتراحات، فإنه يمكن القول ان اقرارها يعد خطوة مهمة على طريق حجز لبنان له موقعاً في البلدان المتقدمة في ما خص دعم الشفافية في عقود النفط والغاز، والذي يُشكّل عاملاً مساعداً في تحفيز المستثمرين على حجز مواقع لهم في عملية استخراج النفط والغاز في المياه اللبنانية وعلى البر أيضاً.
وسيتابع المجلس اليوم مناقشة وإقرار ما تبقى من بنود جدول الأعمال وعددها 24 مشروع واقتراح قانون، من بينهم اقتراح قانون المفقودين قسراً.
عون في نيويورك
في غضون ذلك، بدأ الرئيس عون زيارته إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كان وصلها منتصف الليلة قبل الماضية، بعقد سلسلة لقاءات استهلها بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على ان يعقد اليوم لقاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، داخل مبنى الأمم المتحدة، ومن ثم اجتماعات مع رؤساء جمهورية كرواتيا واوكرانيا وارمينيا، ويلبي أيضاً دعوة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس إلى فطور يقيمه على شرف الوفود المشاركة، على ان يُشارك بعد ذلك في الجلسة الافتتاحية.
وفي لقاء عون مع الرئيس المصري، افيد ان تفهما ابداه الرئيس السيسي للقضايا اللبنانية التي طرحت معه في اللقاء مع الرئيس عون. وقد علم ان السيسي ابد تفهما لموقف لبنان من النازحين، واصفاً مساعدة واستعداد بلاده لكل ما من شأنه المساهمة في استقرار لبنان كما انه أكد دعم مصر في موضوع اقامة لبنان مركز حوار الحضارات والأديان ولفتت المصادر الى ان المحادثات بين عون والسيسي كانت بناءة.
واللافت في الزيارة غياب الملف الحكومي حتى في دردشة الرئيس عون مع الصحافيين، وكأنه تقصد ذلك، تاركاً المجال للمشاورات او حتى لقول كلمته في الوقت المناسب . واي كلام عن ان حل ازمة التشكيل تقوم على تخلي الرئيس عون عن نيابة رئاسة الحكومة قد يكون من احد الحلول المطروحة، لكنه لم يتبلور بعد بحسب مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء»، وهذا الصمت الرئاسي قد يفسر إما رغبة رئاسية بعدم الرضى او انتظارا ما مع العلم ان ما من اجواء انفراجية قد اشيعت.
إلى ذلك، نقلت مندوبة «اللواء» المرافقة للوفد الرئاسي كارول سلوم، عن مصادر في الوفد استغرابها بما اسمته بـ«الاوركسترا» التي تقوم ببث اخبار عن زيارة عون والوفد الامني الذي رافقه وطائرة الاحتياط ما يطرح علامة استفهام عن وجود رغبة بالإساءة الى صوره العهد، وقالت انه لطالما كان الوفد الذي يحضر مع رئيس الجمهورية الى الجمعية العامة كبيرا مع العلم ان الوفد الذي رافق عون هو الاقل. اما بالنسبة الى الطائرة البديلة فهناك اساءه في التصرف لجهة استخدام الطائرة البديله لنقل ركاب سائلة ماذا لو تأخر الرئيس والاقلاع مع العلم ان الطائرة البديلة مرتبطة برحلة قصيرة زمنيا.
وكان الرئيس عون أجرى مقابلة مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، لم يتطرق فيها إلى مسألة لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون في نيويورك، لكنه أوضح انه ينتظر من أوروبا عموماً ومن فرنسا خصوصاً، دعم لبنان في مسألة العودة التدريجية والآمنة للنازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في بلادهم، ومضاعفة مساهمتهم في موازنة «الاونروا»، والمساهمة في مشاريع الاستثمار المقدمة في مؤتمر «سيدر»، لافتا إلى ان لبنان وفرنسا يتشاركان معاً المصدر والتاريخ والقيم والمستقبل.
ونفى رئيس الجمهورية، رداً على سؤال، ان يكون «حزب الله» يمتلك حق «الفيتو» على كل القرارات الاستراتيجية، لافتا إلى ان النظام في لبنان توافقي وابداء الرأي لا يعني استخدام حق «الفيتو».
ولاحظ ان الضغوط الدولية ضد «حزب الله» ليست جديدة، وهي ترتفع، وان بعض الأطراف يفتش عن تصفية حساباته السياسية معه بعدما فشل في تصفية حساباته العسكرية، لافتا إلى ان القاعدة الشعبية لحزب الله تشكّل أكثر من ثلث الشعب اللبناني، آسفا لأن بعض الرأي العام الأجنبي مصمم على جعله عدواً.
واستبعد الرئيس عون إمكان استخدام الجنوب اللبناني في المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل، وقال انه متأكد من ان «حزب الله» سيوافقه هذا الرأي، مشيرا إلى انه إذا لم يتعرّض لبنان لأي اعتداء إسرائيلي فما من طلقة واحدة ستطلق من الأراضي اللبنانية، ولكن إذا ما حصل ضد لبنان فله الحق في الدفاع عن النفس».
ورأى ان دمج مقاتلي الحزب بالجيش اللبناني قد يُشكّل مخرجاً، مؤكدا بأن الحزب لا يلعب أي دور عسكري في الداخل اللبناني، ولا يقوم بأي عمل على الحدود مع إسرائيل، وقال: «لقد بات وضع الحزب مرتبطاً بمسألة الشرق الأوسط وبحل النزاع في سوريا». (التفاصيل ص 2)
لجنة «التقدمي» و«التيار» 
على صعيد آخر، عُقد امس الاجتماع الاول للجنة التهدئة السياسية المشتركة بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، عند الثانية من بعد ظهرامس، في احد مطاعم عاليه، حضره مفوض داخلية الحزب التقدمي هشام ناصر الدين، ونائب رئيس «التيار الحر» رومل صادر ومنسقي لجان التيار ومفوضي داخلية التقدمي في مناطق عاليه والشوف وبعبدا.
وعلمت «اللواء» ان البحث تناول اليات التنسيق والعمل بين ممثلي الجانبين في هذه المناطق الثلاث من اجل التواصل المباشر بين المسؤولين والكوادر على الارض، لمتابعة ومعالجة اي إشكال او خلاف او سجال عبر مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي الى توتر الوضع بين مناصري الطرفين، وجرى الاتفاق على عقد اجتماعات دورية بين الجانبين وعلى كل المستويات لضبط كل الامور.
ووصف ناصر الدين الاجتماع بأنه ممتاز وتم الاتفاق على اجراءات عملية ميدانية للتنسيق المباشر في المناطق.
وكانت هذه اللجنة قد تشكلت بمبادرة من الرئيس عون ورئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبتنسيق ميداني من المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، بعد السجالات القوية بين مناصري الطرفين في مناطق الجبل والتي ادت الى مخاوف من انفلات الوضع وتهديد المصالحة المسيحية – الدرزية.